حرب أميركية روسية على سوق الغاز في أوروبا

25 يناير 2019
المنافسة تشتد بين أميركا وروسيا (Getty)
+ الخط -
تهدف الولايات المتحدة للتدخل في سياسات القارة الأوروبية الخاصة بالغاز الطبيعي، سعيا لزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال، والاستفادة من الخلافات التجارية في الأسواق الدولية، والوقوف في وجه التقارب الروسي-الأوروبي.

وتشعر برلين، بالقلق إزاء تلميح واشنطن باستعدادها لفرض عقوبات ثانية على مشروع  السيل الشمالي 2، الهادف إلى نقل  الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وصف العام الماضي، خلال مشاركته في قمة الناتو، اتفاقية ألمانيا مع روسيا بشأن الغاز الطبيعي بالـ "غير لائقة".

وقال حينها، إن ألمانيا تسدد مبالغ مرتفعة لروسيا مقابل الغاز الطبيعي، ولذلك فإنها تعتبر أسيرة لروسيا.

وأعلن وزير الطاقة الأميركي، ريك بيري، العام الماضي، أن بلاده قد تلجأ لفرض عقوبات ضد الشركات المساهمة في إنشاء خط السيل الشمالي 2.

في حين وافق مجلس النواب الأميركي أواخر 2017، على قرار فرض عقوبات على عدد من الشركات والأشخاص المشاركين في المشروع.

من جانب آخر، وجّه السفير الأميركي في برلين، ريتشارد غرينيل، الأسبوع الماضي، رسالة إلى الشركات المشاركة في المشروع، محذرا إياها من العقوبات الأميركية.

وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أكد بدوره ضرورة ألا تتدخل الولايات المتحدة في السياسات الأوروبية بخصوص الطاقة.

في لقاء مع الأناضول، قال ستيفان مايستر، رئيس مركز روبرت بوش للدراسات حول أوروبا الشرقية وروسيا وآسيا الوسطى، إن قرار العقوبات الأميركية سيؤثر سلبا بشكل مباشر على الشركات المشاركة في المشروع، ما سيسفر عن إنجاز شركة غاز بروم المشروع بمفردها.

وأضاف أن قرار العقوبات في حال صدوره، سيدفع بالشركات الألمانية أيضا للتخلي عن المشروع، إلا أن هذا الأمر لن يقف أمام إنجاز مشروع السيل الشمالي 2، ما سيحقق الفائدة لسوق الأعمال الألماني في المستقبل.

وأردف: "وفي الوقت ذاته، إن إتمام المشروع معناه أن ألمانيا ستصبح مركزا مهما للطاقة على الرغم من العقوبات الأميركية، ما سيجعل العلاقات الألمانية-الأميركية تشهد المزيد من التراجع".

وتسعى الولايات المتحدة لوقف مشروع السيل الشمالي لثلاثة أسباب، أولها، وجود بعض الأطراف الأميركية الداعية لقطع العلاقات مع روسيا بشكل كامل، حتى ولم كان الأمر على حساب تضرر العلاقات مع حلفاء أميركا في أوروبا.

والسبب الثاني بحسب مايستر، يكمن في أن الولايات المتحدة تستغل المشروع للضغط على ألمانيا بهدف عقد اتفاقيات تجارية أكبر معها.

أما السبب الثالث، فهو تنافس الولايات المتحدة مع روسيا في بيع الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

بدوره، الباحث الخبير في أسواق الغاز العالمية في مركز "كلينغيندايل" الهولندي، لوكا فرانزا، قال للأناضول، إن العقوبات الأميركية الثانية ستضرب الشركات بدرجة أكبر من الدول.

وأشار إلى أن الجانب الروسي مُصر على إتمام مشروع السيل الشمالي، حتى ولو شهد أزمة في التمويل من الجانب الأوروبي، إذ يعد الكرملين مستعدا لضخ الأموال لإتمام المشروع.

وأضاف أن واشنطن تعارض منذ سبعينيات القرن الماضي، الاتفاقيات المشتركة بين روسيا وأوروبا، في مجال الغاز الطبيعي.

وطول أنابيب مشروع السيل الشمالي 2، يبلغ 2200 كم، ومن المزمع أن يكتمل المشروع بنهاية العام الجاري، إلا أنه لم يتم إنجاز سوى 400 كم من الأنابيب حتى الآن.

وكانت روسيا قد أعلنت عن المشروع عام 2015، عقب ضمها لأقليم القرم، بهدف تقليص حصة الصادرات الأوكرانية من الغاز الطبيعي إلى أوروبا.

وتشارك في المشروع عدة شركات غربية كبرى مثل غازبروم، وشيل، وأو إم في، وإنجي، وأونيبر، ووينترشال، في حين تعارضه بعض الدول إلى جانب الولايات المتحدة مثل أوكرانيا وبولونيا ودول منطقة البلطيق.

ومن المنتظر أن تبلغ تكلفة المشروع حوالي 10 مليارات يورو (11.4 مليار دولار)، على أن يساهم في ضخ 55 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

وفي 2017، أصبحت الولايات المتحدة دولة مصدرة للغاز الطبيعي للمرة الأولى بعد 60 عاما، حيث تسعى إدارة ترامب لتصدير المزيد من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بهدف تقليص عجز التجارة الخارجية.

وبحسب شركة "سي إف إنترناشيونال" للاستشارات العالمية، فإنه من المنتظر أن تصل قيمة مجموع صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال بحلول 2050 إلى 716 مليار دولار.

وفي الوقت الذي تعد أسعار الغاز الطبيعي المسال الأميركي أغلى من أسعار نظيرتها الروسية، تسعى الشركات الأميركية لتخفيض الأسعار في ظل المنافسة مع روسيا.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، توصلت شركة "بي جي إن آي جي" البولونية الحكومية للطاقة، وشركة "جينيري" الأميركية للطاقة، لاتفاق ينص على تصدير الولايات المتحدة الغاز الطبيعي المسال إلى بولونيا لمدة 24 عاما.

(الأناضول)

المساهمون