أسرع استثمار في العالم بسورية الأسد

18 يناير 2019
إعمار ما دمرته الحرب ورشة طويلة الأمد (فرانس برس)
+ الخط -
حلم السوريون منذ عام 1973 بـ"داون تاون" وسط عاصمتهم، كما فعلت بيروت أيام رفيق الحريري وسمتها على اسم الشركة المستثمرة "سوليدير"، وقت همّت مؤسسة الإسكان العسكرية، ببناء وسط دمشق والنهوض بمجمع "يلبغا"، لكن عقبات كثيرة كانت، ولا تزال، تعطّل المشروع العقاري الأكبر وسط العاصمة دمشق.

بالأمس، وبعد 36 سنة فقط، من الانتظار والتردد وتبديل القوانين والمستثمرين، تم أخيراً منح "يلبغا"، لشركة "نقطة تقاطع" لتجهز وتستثمر الموقع، الذي يعتبر الأهمّ والأكبر عقارياً داخل دمشق، بمساحة تزيد عن 70 ألف متر مربع، موزعة على كتلتين، الأولى 12 طابقاً والثانية 6 طوابق.

المجمع المنسوب للعهد المملوكي، الذي أمر سيف الدين يلبغا ببنائه خارج أسوار دمشق وعلى ضفة نهر بردى عام 622 هجري، يعتبره السوريون المثال الأقرب والدائم للمناخ الاستثماري في بلادهم، علماً أنه لا يزال على هيكله منذ بداية حكم حافظ الأسد في القرن الفائت، إذ قيل وقتها إن حكم البعث هدَم المسجد لاعتبارات ثأرية طائفية، بحجة الاستثمار والاستفادة من المساحة والموقع.

وقد اختلفت نظرة النظام السوري إلى هذا المجمع، باعتباره حافزاً لجذب الأموال وتطوير العقارات، وفصلت بشأنه السياسة عن الاقتصاد، فسمّته حكومة حافظ الأسد "مجمع الشهيد باسل الأسد"، أي ابن الرئيس البكر الذي قضى بحادث مروري على طريق مطار دمشق الدولي، منتصف تسعينيات القرن الفائت، قبل أن يعاد له اسمه الأصلي قبل سنوات.

المشروع الأكبر التابع لوزارة الأوقاف يُعتبر حلماً وخلاصاً لأزمة المرور وسط العاصمة السورية، لاحتوائه مرائب متعددة الطبقات، وكسراً لغلاء أسعار المكاتب بدمشق، وهو يستمر حتى الآن بالمراوحة وتبديل المستثمرين الذين يرفضون الابتزاز ومشاركة آل الأسد، إلى أن رسا بالأمس على شركة سورية ببدل استثمار سنوي يبلغ "ملياراً وسبعمئة وخمسة وعشرين مليون ليرة سورية" ولمدة 48 سنة، على أن تبدأ الشركة بالاستثمار بعد 4 سنوات لإنجاز المشروع بالكامل.

نهاية القول: بعيداً عن كثير من الأسئلة والهواجس، من قبيل من هي الشركة المستثمرة، ولماذا فكّت سحر يلبغا ومن المساهمون فيها؟!

ربما ليس من مرآة تعكس قوانين البلاد كما الاستثمار، لأنه الفصل بين ما تطرح الدول من قوانين نظرية، وبين ما يلمسه صاحب رأس المال من تسهيلات أو تعقيدات، خلال توطين مشروعه.

فالمستثمر مضطر بحكم الترخيص والعمل، ليتعامل- ربما - مع معظم الجهات الحكومية، وخاصة ببلدان كما سورية، لم تعرف أن توحد مراجع الاستثمار، بما تسمى النافذة الواحدة.

لذا يمكن أخذ أسرار عدم استقطاب سورية أيّ مشروع صناعي يستفيد من القيم المضافة للمنتجات التي تصدرها خاماً، من أفواه المستثمرين، الذين هجروا سورية الأسد بعدما ورّطتهم القوانين المضللة أو أعيتهم نسب الأتاوى المفروضة... وربما مجمع يلبغا المثال الأوضح.
دلالات
المساهمون