تونس تتصدى لإفلاس المصارف

13 يونيو 2016
البنك المركزي في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
تتوقع الأوساط المالية، في تونس، قرب إعلان المصرف المركزي عن إفلاس "البنك التونسي الفرنسي"، بعد عجزه عن احتواء الخسائر الكبيرة التي تكبدها هذا البنك عقب ارتفاع نسبة ديونه غير المستردة.
ويتزامن قرب الإعلان عن إفلاس البنك التونسي الفرنسي مع مصادقة البرلمان على قانون جديد للمصارف، يتم بمقتضاه إنشاء صندوق للودائع لحماية أموال المودعين في حال إفلاس المصارف.
ويذهب المراقبون للشأن المالي إلى أن هذا التزامن لم يكن بمحض الصدفة، بل إن البرلمان سارع إلى المصادقة على القانون لتجنب الإعلان عن إفلاس البنك وضياع حقوق المودعين، معتبرين أن إنشاء صندوق الودائع والضمانات هو أحد أشكال التصدي لخسائر إفلاس البنوك وتداعياتها على الثقة في القطاع المصرفي عموما.
وتعود مصاعب البنك المشرف على الإفلاس إلى ما قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حيث يشير المراقبون إلى أن تدهور الوضعية المالية لهذه المؤسسة، ترجع إلى ارتفاع نسبة الديون المشكوك في استردادها (غير المستخلصة)، والتي حصل عليها رجال أعمال وشخصيات متنفذة في الدولة، كانت تحظى بحماية السلطة وإدارة البنك ذاته.
ووفق أرقام غير رسمية، ترتفع نسبة الديون التي لم يتمكن البنك من استرجاعها نحو 700 مليون دينار (350 مليون دولار)، وهي تقريبا نفس نسبة مساهمة أحد فروع البنك التونسي (بنك عمومي) في هذا المصرف، والذي أسند قروضا دون ضمانات كافية.
واتهم زياد الكافي، المسؤول في المصرف الفرنسي التونسي، في حديث مع "العربي الجديد"، المصرف المركزي بالذهاب سريعا إلى إعلان إفلاس البنك الذي يضم 7 فروع ويشغل نحو 230 موظفا، وذلك عبر التضييق على مصادر تمويله.
ويعتقد الكافي، الذي عبر عن خشيته من المصير المجهول الذي يهدده وزملاءه، أنقانون المصارف الجديد "وضع خصيصا للبنك الفرنسي وبنك ABC المشمول بالتصفية في درجة ثانية"، مؤكدا أن مجلس إدارة البنك أعلن التزامه بتطبيق سياسة البنك المركزي من خلال اتخاذ إجراءات تضمن عدم إعطاء قروض جديدة للعملاء، وتقليص الامتيازات الممنوحة للموظفين.
واعتبر الكافي أن البنك الفرنسي التونسي وبنك ABC هما أول المصارف المشمولة بالإفلاس، على ضوء القانون الجديد، بعد الصعوبات المالية التي يواجهانها.
وبدأت الصعوبات المالية تظهر على عدد من التعاملات المصرفية للبنك، مما زاد من مخاوف المودعين بشأن ودائعهم.

وقال الكافي إن سوء التصرف ومنح قروض كبيرة دون ضمانات، لأشخاص مقربين من السلطة، هو الذي أضر بوضعية البنك، فضلا عن سياسة التجاهل التي سلكتها الحكومات المتعاقبة للوضعية المالية للمصرف.
وعبرت المعارضة البرلمانية عن رفضها المطلق للفصول المتعلقة بإشهار الإفلاس في قانون المصارف، مهددة بالطعن مجددا في هذا القانون الذي سبق أن طعن فيه برلمانيون من خارج الائتلاف الحاكم وأسقطته المحكمة الدستورية، قبل أن يحال مجددا إلى مجلس نواب الشعب بعد تعديل بعض فصوله.
واتهم عضو لجنة المالية بالبرلمان، منجي الرحوي، الائتلاف الحكومي بالرغبة في حل أزمة القطاع المصرفي في تونس عبر إثقال كاهل المواطنين وعملاء البنوك بمصاريف إضافية، لتمويل صندوق الودائع والضمانات.
وقال عضو البرلمان، لـ "العربي الجديد"، إن الصندوق المحدث بمقتضى القانون الجديد تحت عنوان ضمان المودعين، سيتم تمويله عبر عملاء البنوك. ويعتبر الرحوي أن قانون المصارف والمؤسسات المالية هو في حقيقة الأمر قانون لخدمة الدائنين وحمايتهم، مؤكدا أن الحكومة غالبا ما تبحث عن حلول مكلفة للمواطن لحل مشاكلها المالية.
في المقابل، يقول الخبير المالي، معز الجودي، لـ "العربي الجديد"، إن الوضع في المصارف التونسية لا يبعث على القلق، لافتا إلى أن أغلب المصارف التجارية في وضع جيد، عدا خمسة مصارف تعاني من صعوبات، منها البنك التونسي الفرنسي الذي قد يكون أول المصارف التي تعلن إفلاسها.
ويرى الجودي أن الحديث عن إفلاس المصارف أمر في غاية الحساسية، خاصة في مثل الظرف الاقتصادي الصعب، الذي تمر به تونس، معتبرا أن البنك التونسي الفرنسي هو المعني بالقانون الجديد، لأنه معرض للإفلاس.
وشدد الجودي على أن العملاء سيمارسون ضغوطا على المصارف لتحسين خدماتها عبر التوجه إلى البنوك الأكثر صلابة، والتي تتمتع بالشفافية وتقاوم تبييض الأموال والفساد، وهو ما من شأنه أن يخلق مناخ منافسة بين المصارف التجارية على حد قوله.
وأبرز بحث ميداني أنجزه المعهد الوطني للاستهلاك (مؤسسة حكومية تعنى بمراقبة الاستهلاك)، أن نحو 54 % من العينة المستجوبة، غير راضين عن الخدمات المصرفية، معتبرين أن مجهودات البنوك، في تحديث الفروع وتأهيل الموظفين، غير كافية.

المساهمون