حصل "العربي الجديد"، على نص أقوال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الأسبق، خالد محمد حنفي محمود (خالد حنفي)، خلال تحقيقات إدارة الكسب غير المشروع (التابعة لوزارة العدل) معه، حول ما ورد بتقرير لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والتلاعب في السلع التموينية والخبز والاستيلاء على أموال الدعم من خلال بطاقات الكروت الذكية. وكذا حول الفساد والتلاعب في توريدات القمح وإهدار المال العام لصالح مستوردي القمح، وتحديد مسؤولية القائمين عليها.
وقد انقسمت التحقيقات إلى جزئين، الأول خاص ببطاقات التموين الذكية والاستيلاء على أموال الدعم من خلال هذه البطاقات، حيث قال حنفي خلال هذه الجزئية من التحقيقات إنه بحكم منصبه وزيراً للتموين والتجارة الداخلية، خلال فترة توليه الوزارة من 24 فبراير/ شباط 2014 حتى قرار استقالته في 25 أغسطس/ آب 2016، فإنه يكون مسؤولاً عن وضع الاستراتيجية والخطط والبرامج المعنية بإدارة منظومة السلع الغذائية والخبز.
وأوضح أنه بالنسبة للنواحي الفنية المتعلقة بالنظم التكنولوجية والشركات العاملة في تكنولوجيا المعلومات التي تدير نظام الكروت الذكية وقواعد البيانات الخاصة بها ومراقبتها والإشراف عليها، فهي من اختصاص وزارة التنمية الإدارية أو التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وأن دوره يقتصر على تحديد احتياجات ومتطلبات المنظومة بشكل عام دون آلية تنفيذها تكنولوجيًّا.
وأشار وزير التموين الأسبق خلال التحقيقات، إلى أن وزارة التنمية الإدارية هي الذراع الفني لكل الوزارات لتحقيق الحكومة الإلكترونية، وبالتالي فهي تتعامل مع وزارة التموين مثل باقي الوزارات.
بسؤاله عن موضوع "البطاقات السوداء"، قرر أنه على مدى سنوات سابقة قبل توليه وزارة التموين، كانت هناك اختراقات للنظام وازدواج في عمليات الصرف حتى قبل مكننة البطاقات عام (2005/ 2006)، وأنه بادر بعمل مشروع متكامل لتنقية البطاقات بهدف منع ازدواجية الصرف وتلافي العيوب الموجودة من خلال وزارة الإنتاج الحربي المصرية.
وأضاف أنه ترتب على ذلك وقف بعض البطاقات التي تبين عدم استحقاق أصحابها للدعم المطلوب، وامتداد الوقف إلى بعض الأفراد من مستحقي الدعم الذين لهم أحقيّة في الصرف.
وتابع، أنه سُمّيت هذه البطاقات بـ"البطاقات السوداء" إعلامياً، وهي التي تتضمن البطاقات المفقودة وبدل الفاقد وبدل التالف والمتوفين، مشيراً إلى أنه قام بعمل اجتماع لوقف نزيف هذا الصرف الوهمي، ترتب على ذلك وقف استخدامات هذه البطاقات.
وأضاف حنفي بالتحقيقات، أنه نتيجة لسوء إدارة الشركات الثلاث المخولة بإصدار بطاقات التموين الذكية ومتابعتها وإدارتها، لتلك العملية (وقف البطاقات السوداء التي تتسبب في النزيف الوهمي)، تم وقف كروت الكثيرين من المستحقين في كافة أنحاء الجمهورية.
وأوضح أن ذلك أثار حالة من الغضب الشديد لدى جمهور المواطنين، وأنه تم مخاطبته من قبل بعض المحافظين، لإعادة الوضع على ما كان عليه نظراً لتفاقم الوضع الذي أصبح يشكل خطراً أمنياً ويهدد بثورة، وقدم خلال التحقيقات نماذج لهذه المخاطبات، من خلال تقديمه ما يفيد تلقيه مكاتبات لمحافظ أسوان ومديري التموين والتجارة الداخلية بمحافظتي الشرقية وسوهاج.
وأضاف أنه بناءً على ذلك تم عقد اجتماع مع ممثلين عن وزارة التنمية الإدارية والشركات ووزارة التموين، وتم توجيه اللوم للشركات باعتبارها المسؤولة عن الصرف المخالف نتيجة عدم التزامها بالضوابط المقررة، وتم إصدار التعليمات لحل الموضوع نظراً لكثرة المضارّين والذين بلغوا ملايين المواطنين.
وأوضح الوزير الأسبق خلال التحقيقات، أنه عندما وجّه بحل الموضوع فليس معنى ذلك مخالفة القواعد والضوابط المتعلقة بصحة وسلامة الصرف التي يجب أن تتأكد منها كل شركة، والتي يجب عليها أن تتأكد من استحقاق مستخدم الكارت للسلع أو الخبز المدعم وعدم استغلال عبارة "الكروت السوداء"، لوقف صرف السلع والخبز للمستحقين.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن توجيهاته بشأن الخطاب الصادر عن قطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين في 24 مايو/ أيار 2016، بشأن عودة العمل بالوضع القديم، كان يقصد به الاستخدام السليم للبطاقات، وألا يحرم مستحق من صرف الدعم المقرر، وهو أمر واجب على الشركات أن تلتزم به من واقع قاعدة البيانات الموجودة، وليس الصرف لغير المستحقين كما تم.
أما الجزء الثاني من التحقيقات بالقضية، فكان يخص الفساد والتلاعب في توريدات القمح وإهدار المال العام لصالح مستوردي القمح، حيث قال حنفي إن دوره كوزير وقتها، هو وضع الضوابط الخاصة بمنظومة القمح من توريد واستلام وتخزين، وهي الضوابط التي لا توضع بشكل منفرد بل تتم بقرار وزاري ثلاثي من وزارات ثلاث وهي التموين والزراعة والمالية.
وأضاف أن وزراء الزراعة والمالية والتموين، يوقعون على قرار توريد وتسليم القمح وتخزينه في الصوامع، والذي تم تنفيذه من خلال لجان استلام القمح وتخزينها في الصوامع، مشيراً إلى أن هناك 517 لجنة استلام للقمح في مختلف أماكن الاستلام والتخزين بالجمهورية.
وأوضح أن لجنة استلام القمح وتخزينها في الصوامع، مهمتها أن تستلم القمح من المزارع من خلال كشوف حصر زراعة القمح، ويكون رئيس كل لجنة عضواً بهيئة الرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة الصناعة، والعضو الثاني من وزارة الزراعة، والعضو الثالث من مديرية التموين التابعة للمحافظة التي يخزن فيها القمح في الصوامع، والعضو الرابع يتبع المكان المخزن فيه القمح (أمين الصومعة) وهو ممثل عن الشركة (شركة الصوامع) التي تستلم في الصوامع.
وأقر حنفي خلال التحقيقات، بأن هناك بالفعل فساداً في منظومة القمح منذ عهود طويلة، قبل توليه حقيبة وزارة التموين والتجارة الداخلية، مشيراً إلى أن منظومة توريد القمح المحلي منظومة فاسدة، وأن أبرز مظاهر الفساد تأتي بوجود سعرين للقمح، بين القمح المدعم والقمح العادي بسعر السوق.
وأضاف أنه اتخذ عدة إجراءات تجاه ذلك، وأعد مذكرة رسمية وعرضها على مجلس الوزراء، وقيدت في محاضر الجلسات، وتم عرضها في بداية توليه الوزارة عام 2014، وكانت أبرزها أن يتم توحيد سعر القمح وأن يتم إعطاء الدعم للفلاحين بشكل "نقدي" في أيديهم، مشيراً إلى أنه صدر قرار مجلس الوزراء بعد عام من تقديم المقترح بالموافقة عليه.
وأوضح الوزير الأسبق خلال التحقيقات، أن معظم المحاضر المحررة في عام 2016 والخاصة بالفساد والتلاعب في توريدات القمح وإهدار المال العام لصالح مستوردي القمح، قامت وزارة التموين بتحريرها، وأنه من أرسلها إلى النائب العام المستشار نبيل صادق في بلاغات رسمية.