اقتصاد روسيا 2019 على مفترق طرق

01 يناير 2019
يُتوقع أن تُبقي العقوبات الروبل منخفضاً أمام الدولار (Getty)
+ الخط -

ينهي الاقتصاد الروسي عام 2018 بأداء متباين بين التوقعات بتحقيقه نموا بنسبة 1.7% وفائض الموازنة بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، واستقرار التضخم عند معدلات منخفضة نسبياً بواقع 4% تقريباً، وارتفاع الاحتياطات الدولية الروسية إلى 466 مليار دولار من جانب، وفقدان الروبل الروسي نحو 20% من قيمته تحت وطأة العقوبات الغربية وموجة جديدة من تراجع أسعار النفط، ما اضطر المصرف المركزي لرفع سعر الفائدة الأساسية مرتين في نهاية العام من، جانب آخر. 

وبذلك، أنهى الروبل العام على انخفاض، إذ ناهز سعر صرف الدولار في نهاية تعاملات العام 70 روبلاً مقابل 57 روبلاً فقط في بداية عام 2018، بينما اقترب اليورو من 80 روبلاً لأول مرة منذ سبتمبر/أيلول الماضي.

صحيفة "إر.بي.كا" الروسية أرجعت هذا التهاوي إلى عاملين رئيسين، هما: فرض عقوبات أميركية على عدد من الشركات الروسية الكبرى في إبريل/نيسان الماضي، وانسحاب المستثمرين من الأسواق الصاعدة وسط تشديد السياسات النقدية في الدول المتقدمة والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وتوقعت أن يخضع الروبل لتأثير العوامل ذاتها عام 2019، مجتمعة من أسعار النفط.

مؤشرات إيجابية وأخرى مقلقة

من جهته، يعتبر كبير المحللين بمجموعة شركات "تيلي تريد" للتداول، مارك غويخمان، أن نتائج عام 2018 للاقتصاد الروسي جاءت متباينة وتجمع بين مؤشرات إيجابية مهمة وأخرى سلبية مقلقة.

ويقول غويخمان في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الاستقرار الاقتصادي النسبي هو بالدرجة الأولى نتيجة للارتفاع المستمر لأسعار برميل النفط خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول من 68 إلى 86 دولاراً، تزامناً مع تراجع الروبل من 57 إلى 69 أمام الدولار. وقد أسفر ذلك عن وضع فريد من نوعه، حين بلغ سعر النفط بالروبل 4 - 5 آلاف مقابل حوالي 3200 روبل في السنوات السابقة، ما ساعد في زيادة التدفقات المالية بالروبل إلى الخزينة".

ويلخص غويخمان نجاحات الاقتصاد الروسي في العام المنتهي، قائلا: "لأول مرة منذ عام 2011، تم تحقيق فائض للموازنة بنسبة 2.5 من الناتج المحلي الإجمالي، والنمو بواقع 1.6% على أساس سنوي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وصعود سوق الأسهم، مدفوعة بشركات الوقود والطاقة التي حققت أرباحا طائلة جراء ارتفاع النفط والدولار، فاستمر مؤشر بورصة موسكو في الارتفاع لثلاثة أرباع متتالية".

تأثير تدهور أسعار النفط

ويعلق كبير المحللين بمجموعة شركات "تيلي تريد" للتداول على هذا التحول قائلاً: "أفسد انهيار أسعار النفط من 86 إلى 50 دولاراً الوضع في الربع الأخير من العام، بخاصة أنه تزامن مع تنامي مخاطر الحروب التجارية، ورفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة، والتراجع الحاد لمؤشرات البورصات العالمية، مما أثر سلباً في العملات والأسواق الناشئة، بما فيها روسيا".

وحول تداعيات هذه العوامل على الاقتصاد الروسي، يتابع: "أظهر هذا الوضع هشاشة النمو الذي يعتمد على سوق المواد الخام، إذ ارتفع معدل التضخم إلى نحو 4.2 - 4.3% عام 2018 قابلة للازدياد إلى 6% عام 2019 نتيجة لرفع ضريبة القيمة المضافة من 18 إلى 20%"، متوقعاً أن "يتعرض الروبل والأسواق الروسية لضغوط هذه العوامل، مجتمعة مع احتمال تشديد العقوبات الأميركية في الربع الأول من عام 2019".

الاستعداد لخفض الإنتاج

وبعد نجاح اتفاق خفض الإنتاج في عام 2016، تتجه روسيا للعودة مرة أخرى للخفض التدريجي لإنتاجها من النفط بمقدار 50 - 60 ألف برميل يومياً اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2019، في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اجتماع الدول المنتجة في فيينا مطلع ديسمبر/كانون الأول 2018.

غويخمان يتوقع أن يساعد دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ، في العودة التدريجية لأسعار النفط إلى مستوى 55 - 60 دولاراً في الأشهر الأولى من العام، ما سيدعم الأصول الروسية.

ومع ذلك، يخلص الخبير المالي إلى أن التوترات في الأسواق والعقوبات واستئناف وزارة المالية شراء العملة الصعبة، وفقاً لقاعدة الموازنة التي تقتضي بإيداع الفارق بين سعر النفط 40 دولاراً والأسعار الفعلية في الاحتياطات، ستُبقي سعر صرف الروبل منخفضاً أمام العملة الأميركية، لتتراوح بين 65 و73 روبلاً عام 2019.
المساهمون