الكويت توسع الضبطية القضائية لمحاصرة الفساد

28 نوفمبر 2019
الكويت تتقدم في مؤشرات مكافحة الفساد (Getty)
+ الخط -


في إطار توجهات الحكومة الكويتية بكشف الفساد وكبحه ومعاقبة مرتكبيه، صدر، أمس، قرار إلى جميع الوزارات والجهات الرسمية في الدولة، يقضي بإعطاء الضبطية القضائية لمواطنين يعملون في هذه الجهات، وذلك ضمن مساعي حصار عمليات الفساد والتلاعب بالمال العام في جميع الأجهزة الرسمية.

وحسب القرار، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، فإنه يأتي كأولى خطوات الحكومة الجديدة لمحاربة الفساد في البلاد، وملاحقة المتورطين في مخالفات استغلال المال العام، مشيرة إلى أن عدد الموظفين الذين سيتم إدراجهم ضمن هذا القرار ليحصلوا على الضبطية القضائية يصل إلى نحو 2500 موظف.

ويبين القرار أن المواطنين الذين سيحملون صفة الضبطية القضائية لن يتم إعلان أسمائهم، حيث سيقومون بجولات تفتيشية على مرافق الوزارات والهيئات التي يعملون فيها، للإيقاع بالفاسدين وضبط أي عمليات مشبوهة من دون أن يعلم أحد بوجودهم.

وسيكون بوسع هؤلاء الموظفين الاطلاع على السجلات والبيانات المالية والإدارية للجهات والوزارات الحكومية والتدقيق فيها، وفي حال ثبوت أي شبهات فساد أو تلاعب بهذه البيانات والملفات، سيتم تحويل أطرافها إلى النيابة المختصة، وذلك عقب إجرائهم تحقيقا داخليا أولاً لجمع الأدلة المتعلقة بملفات الفساد.

وسيحق للموظفين الحاصلين على حق الضبطية القضائية، طلب شهادة أي موظف في الجهات التي يفتشون عليها، حتى المسؤولين فيها.


وخلال العامين الماضيين، بدأت عدد من الجهات الحكومية في منح صفة الضبطية القضائية لموظفيها، ومن بينهم وزارة التجارة، وبلدية الكويت، ووزارة الكهرباء، وذلك بهدف ضبط الأسواق من تلاعب التجار، والمخالفات التي تحدث في مرافق هذه الوزارات.

يقول الخبير الاقتصادي طارق المشعان، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة بدأت في الضرب بيد من حديد على الفاسدين، وتضييق الخناق عليهم، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي في وقت مهم جداً، في ظل الحديث عن فساد قيادات حكومية كبيرة في إحدى القضايا، لذلك يأتي التوجه بمنح عدد أكبر من الموظفين الكويتيين صفة الضبطية القضائية للتدقيق في ملفات الوزارات والهيئات الحكومية للكشف عن الفساد والمتلاعبين بالمال العام.

ويضيف المشعان أن "عدم الكشف عن هويه هؤلاء الموظفين يمنحهم أفضلية للكشف عن الفساد الموجود في الجهاز الحكومي، إذ لن يكون هناك حذر منهم، فهم موظفون يعملون بشكل طبيعي في جهات عملهم، بالإضافة إلى تدقيقهم الملفات والبيانات في هذه الجهات للكشف عن الفاسدين، وهو فكر جيد يجب أن يلقى دعما كبيرا من المسؤولين الرئيسيين في الجهات الحكومية، حتى يكتب له النجاح".

وأظهر تقرير دولي معني بمؤشر الفساد في دول المنطقة، عن صعود الكويت درجة واحدة لتستقر في المرتبة "E" التي تعني أنها "عالية الخطورة".

وحسب التقرير الذي أصدرته جمعية الشفافية الكويتية (مستقلة) أول من أمس، خرجت الكويت إلى درجة أعلى في مؤشرات مكافحة الفساد، بعد أن تفوقت على دول عربية، هي الإمارات والأردن والسعودية والمغرب وعمان والجزائر ومصر، ودخلت تصنيفا جديدا مع لبنان وفلسطين، في مؤشر الفساد الذي يقيس جودة الضوابط المؤسسية لإدارة مخاطر الفساد في مؤسسات الدفاع والأمن.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية وعضو جمعية نزاهة، سليمان الخالدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مستويات مؤشر الفساد الحالي تقيس مدى انتشار الفساد في القطاع العام، وتحديدا فساد بعض المسؤولين وموظفي الخدمة العامة والسياسيين، وهو بمنزلة تحذير من إساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة واستخدام الأموال العامة لأغراض غير مشروعة واستخدام السلطة أو المنصب العام في تحقيق منافع خاصة والواسطة والمحسوبية.

ويرى الخالدي أن هناك بعض الجوانب التي يجب أن تقاس ضمن مؤشر الفساد، من أهمها عمليات الاحتيال الضريبي والتدفقات المالية غير المشروعة وغسل الأموال وفساد القطاع الخاص، مبيناً أن الفساد في القطاع الخاص الكويتي أصبح يفوق الفساد الموجود في الدوائر الحكومية، وعلينا وضعه في الاعتبار.

وتقوم السلطات الكويتية، خلال الفترات الأخيرة، بحملات طاولت أكثر من جهة حكومية وخاصة، بهدف ملاحقة قضايا الفساد.

وفي شهر فبراير/شباط الماضي، أصدرت الحكومة قراراً يقضي بمنع الجهات الحكومية من التعامل أو التعاقد مع أي مقاول تسبب في تأخير أو تعطيل أو تسليم مشروع عام من دون مبررات مقنعة وموثقة.

وجاء ذلك في محاولة لمعالجة البطء الشديد في إنجاز بعض المشاريع التنموية، بالإضافة إلى العيوب الجوهرية التي تم اكتشافها مؤخراً في مشاريع نُفذت خلال الأعوام الماضية، وكشفت عنها الأمطار التي هطلت بغزارة على البلاد، ما أدى إلى العديد من المشاكل في هذا القطاع.

المساهمون