الفيزياء والرياضة... عندما تفهم العلم جيداً تفهم اللعبة

13 يوليو 2015
بين الفيزياء والرياضة علاقة وطيدة تجب معرفتها (العربي الجديد)
+ الخط -

يبدأ "العربي الجديد" سلسلة حلقات "الفيزياء والرياضة" بشكل غير متتابع، حيثُ ستتم دراسة العلاقة بين الفيزياء والرياضة في مختلف الجوانب، وكيفية تطبيق كل قاعدة على أرض الملعب.

مشاهدة مباراة كرة قدم قد تُعلّم المشاهد الكثير من الأمور المتعلقة باللعبة، من كيفية تمرير الكرة والتسديد وصناعة أجمل اللمحات الفنية على أرض الملعب، لكن وبعيداً عن هذه الأمور الفنية هناك أمور علمية تقدمها كرة القدم والرياضة بشكل عام، وهي العلاقة المتوازية مع علم "الفيزياء" والأمور الخفية التي لا تمكن معرفتها بدون دراسة وتحليل.

ويظهر علم الفيزياء في كيفية دوران الكرة في الهواء، أو بين أقدام اللاعبين، أو حتى اليدين في كرة السلة، وكيفية تحرك اللاعبين باتجاه الكرة، الذي يتم دراسته علمياً لمعرفة مسار التحرك ومكان الالتقاء والوصول، يُضاف إلى ذلك قوة التدخلات بين اللاعبين خلال المباراة وقياسها علمياً، وهذه الأمور التي يفسرها الدكتور، ديفيد هاسي، من جامعة شمال كارولاينا الأميركية، في كتابه عن علاقة الفيزياء والرياضة، "عندما تفهم العلم جيداً، تفهم اللعبة".

علاقة الفيزياء بالرياضة؟
بدايةً من الأمور التي يجب معرفتها في العلاقة بين الفيزياء والرياضة، حيثُ هناك عناصر عديدة مثل (الكتلة، القوة، الزخم، عزم الدوران، السرعة) وكيفية وجود هذه العناصر في كرة القدم والرياضة بشكل عام. وأسهل مثل على ذلك هو تسديد أو رمي كرة من مكان إلى آخر، لأن في هذه الرمية استعمالاً للفيزياء بشكل مؤكد، حيثُ يقوم اللاعب بقياس المسافة وسرعة الهواء وحتى وزن الكرة قبل رميها أو تسديدها، ومن المعروف علمياً أنه كلما كان الهدف بعيداً تحتّمَ على اللاعب ضرب الكرة بشكل أقوى. العملية الفيزيائية تمت صناعتها بشكل "أوتوماتيكي" في الرأس من دون اللجوء إلى عملية حسابية معقدة.

وهذا هو الأمر الذي لا يمكن تفسيره، فهل شاهد العالم لاعباً يوقف المباراة ليفكر بعملية حسابية بغية إيصال الكرة إلى زميله. هذا الأمر مستحيل ولا يمكن أن يحصل، لأن العلاقة بين الرياضة والفيزياء أصبحت علاقة بديهية. ومن منظور الدكتور ديفيد هاسي، إن اللاعب الذي يرمي الكرة إلى زميله يفكر بالتمريرة في ثانية، لكنها علمياً ذات حسابات خاصة متعلقة بمسافة الرمية وتوقيت وصولها إلى الزميل في الفريق، الذي ينتظرها في المقلب الآخر، وفي الحقيقة وعلى أرض الملعب لو تمت ترجمة هذه الحقائق العلمية في كرة القدم والسلة وغيرها من الرياضات، لكان العالم قد اكتشف أموراً علمية رائعة ومثيرة.

في المقابل، كان العلم دائماً مكروهاً لأن الجميع يعتقد أنه صعب ومعقد، لكن في الحقيقة "الفيزياء" جزء من الرياضة، فهي تؤثر على قوانين هذه اللعبة، وتُحسن من أداء اللاعبين، وتزيد من محبة هذه الرياضة أو تلك، بسبب جمال لمساتها، التي تتعلق في بادئ الأمر بعوامل فيزيائية وعلمية.

لغة الفيزياء وتفسيرها الرياضي
هناك في عالم "الفيزياء" الكثير من القواعد التي يجب اتباعها لفهم هذا العلم الغامض، وبالنسبة للرياضة يجب تطبيق هذه النظريات على أرض الملعب لكي تتضح الصورة أكثر. بدايةً من الانطلاقة "Acceleration" وهي تغيير السرعة بشكل سريع مع الوقت، والأمر الثاني هو القوة "Force"، أي كمية القوة لضرب جسم وتغيير مكانه أو اتجاهه، ثم يأتي دور الوزن "Mass" وهو المواد التي توجد في الجسم الذي يتم ركله أو استعماله.

وهناك النشاط الذي يأتي نتيجة الحركة "Momentum"، ثم المقاومة الفيزيائية المعروفة بـ "Inertia" وهي المسؤولة عن تغيير مكان الجسم وسرعته، أما الدوران فهو "Torque" وهي القوة المُسببة بنسبة الدوران وكيفية تحرك الجسم أو الكرة عندما تتمحور الدراسة حول الرياضة، وأخيراً السرعة التي يأخذها هذا الجسم للانتقال من مكان إلى آخر "Velocity".

والأن يجب ترجمة ما يقوله المدربون خلال المباريات للاعبين، وكيفية ترجمة هذه الأقاويل في عالم "الفيزياء"، فمثلاً عندما يقول مدرب لأحد اللاعبين أن يقوم بإعاقة اللاعب من الأسفل لإيقاف حركته في الهجمات المرتدة، فهو علمياً يقول لهذا اللاعب أن يضرب في مكان ثقل هذا الاعب "Mass" لكي يخل في توازنه ويوقف الهجمة، أو مثلاً عندما يحصل تكاتف بين لاعبين خلال المباراة، فهذا يعني أن قوة كل جسم وثقله "Own Mass" تريد التفوق على الجسم الآخر لكسب المساحة وبالتالي التفوق على اللاعب بلغة الجسم، وعلمياً هو نجح في خرق المساحة الخاصة باللاعب الآخر.

وفي حالة أخرى مثلاً في كرة القدم الأميركية، هي استعمال القوة الجسدية لصد الهجوم، وهو الأمر الذي يُفسر علمياً بأنه من الأسهل قطع الطريق على جسم وإجباره على تغيير اتجاهه من أن تحركه من مكانه، لذلك يقوم الخط الدفاعي برسم جدار دفاعي لصد الهجوم من الأمام وإجبار الخصم على الدوران لإيجاد ثغرة، وهو علمياً ما يُفسر في الفيزياء.

وأخيراً في عالم كرة القدم مثلاً الركلة الحرة الشهيرة للبرازيلي، روبيرتو كارلوس، التي أثارت دهشة العلماء نظراً للطريقة التي لفت بها الكرة واستقرت في الشباك بطريقة مجنونة، وقام العلماء بحساب المسار الذي اتخذته الكرة بعد أن سددها كارلوس، حيث اكتشفوا أن المنحنى الذي أخذته الكرة يرجع إلى ظاهرة تُعرف بـ "دوامة الكرة الدوارة"، وأشاروا إلى أن تلك الظاهرة سمحت للكرة بالانحراف إلى داخل المرمى في آخر لحظة، وأكد العلماء أن مثل هذا الهدف قابل للتكرار إذا ضربت الكرة بقوة كافية على نحو يجعلها تدور حول نفسها بشكل مناسب.

إقرأ أيضاً: هوكي تحت الماء...سباحة وآلة تنفس من أجل قرص الرصاص
المساهمون