يحيى توريه... الارتكاز المقلوب كما يجب أن يكون!

18 مايو 2015
النجم يايا توريه أفضل لاعب أفريقي (العربي الجديد)
+ الخط -

"لقد كنت موفقاً خلال كل هذه السنوات، أريد تقديم الشكر لكل مشجعي كرة القدم، أريد أن أقول شكراً أفريقيا"، هذه كانت تصريحات يحيى توريه بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب بالقارة السمراء مطلع عام 2015، للمرة الرابعة في مسيرته الكروية الطويلة والناجحة، عبر سنوات من التألق في مختلف ملاعب القارة العجوز، ومن الدفاع إلى الهجوم، انطلق السهم الإيفواري إلى القمة عبر خطوات واثقة ومرونة تكتيكية لا تتكرر كثيراً.

الارتكاز الدفاعي
بدأ توريه مسيرته الكروية في فرق صغيرة، بعد أن تعلم مبادئ اللعبة داخل أكاديمية أسيك ميموزا، حيث يتواجد العملاق الإيفواري في أبيدجان، النادي العريق الذي أخرج لكرة القدم ولساحل العاج نجوماً كباراً على مر التاريخ. ومن موطنه إلى أوروبا بشكل مباشر، ليتحول إلى فريق بيفيرين البلجيكي، ويخطو أولى خطواته الأوروبية ويتجول بين أكثر من مكان، أوكرانيا مع دونيتسك ثم أولمبياكوس اليوناني، والمهمة الأخيرة في موناكو قبل انتقاله إلى برشلونة.

الدينامو، الرئة، المحرك، المكوك، الجندي المجهول، ألقاب عديدة نالها أصحاب هذا المركز على مر التاريخ، ولعب يحيى نفس الدور كلاعب ارتكاز دفاعي صريح في بداياته مع برشلونة. يلعب النادي الكاتلوني دائماً بطريقة لعب 4-3-3 ولا يُغيّرها أبداً، ووجد المدرب فرانك ريكارد ضالته في النجم الأفريقي، كلاعب يتمركز أمام رباعي الخط الأخير، وخلف ثنائي الوسط المتقدم للأمام.

يقطع توريه الكرات ويوزعها إلى زملائه، ويتم استخدامه كحائط صد أولي قبل أن تصل الكرات إلى بويول ورفاقه أمام مرمى فالديس، وأبدع اللاعب في هذا المركز نتيجة قوته البدنية ومجهوده الوفير، وأضاف لهذا المكان بعداً آخر بصعوده للأمام وتسجيله الأهداف عن طريق التسديدات بعيدة المدى.

قدوم غوارديولا
انطلق بيب مع برشلونة بصورة خيالية، وحصل على بطولات عديدة، لكنه ساهم في خروج يايا من جنة برشلونة، وهذا الأمر لم ينسه عشاق الأحمر والأزرق حتى هذا اليوم. شغل توريه خانة الارتكاز في البارسا، واستمر كلاعب قوي وسريع يمتاز باللمسة الفنية الجميلة لكنه لم يخرج عن التقاليد السائدة عن الارتكاز في تلك الفترة.

قام غوارديولا بتصعيد بوسكيتس إلى الفريق الأول، وبنى الفيلسوف كامل أفكاره على الارتكاز الصغير، البارع جداً في التمركز من دون الكرة. يستمر بيب في الجنون، ولم يكتف فقط بتصعيد بوسكيتس بل أيضاً أشركه على حساب توريه شيئاً فشيئاً، حتى فقد الفيل الخفيف موقعه الأساسي داخل المستطيل الأخضر.

وفي ملعب روما وأثناء النهائي الشهير عام 2009 بين برشلونة ومانشستر، غاب رافييل ماركيز وداني ألفيش، فلعب بويول كظهير، وكان أمام غوارديولا خياران في مركز الدفاع بجوار بيكيه، إما توريه أو بوسكيتس، واختار بيب توريه كمدافع وبوسكيتس كارتكاز، ليعرف بعدها يحيى أنه خارج الكامب نو عاجلاً أم آجلاً.

مرحلة النضج
تحول يايا توريه إلى دور نجم الشباك في صفوف مانشستر سيتي، ولم يعد ذلك اللاعب الذي يقوم بالتخديم على زملائه كما كان يفعل في برشلونة، بل أصبح يحتاج إلى لاعب آخر يلعب بجواره، من أجل التغطية على تقدمه الهجومي، وشغل الفراغات الدفاعية أثناء التحولات. وقام البرازيلي فرناندينيو بدور العامل المساند في محور ارتكاز البطل السابق للدوري الإنجليزي.

حينما لعب الثنائي توريه وفيرناندينيو، وظّف بليغريني البرازيلي كارتكاز دفاعي "Holding" وحصل توريه على الحرية الكاملة للزيادة الهجومية، وبالتالي إذا أردنا تصنيف الثنائي، سنقول إن فيرناندينيو أقرب الى المساند الدفاعي، وتوريه لاعب وسط يجيد قطع الكرات لكنه يلعب في أغلب الأوقات كلاعب وسط مهاجم، يسجل ويصنع أكثر من قيامه بالواجبات الخلفية.

أصبح تمركز الإيفواري مع سيتي مائلاً إلى المركز 8 بالملعب، أي لاعب وسط هجومي صريح، يربط بين منطقة الارتكاز والثلث الأخير من الملعب. وكان له عامل السحر في عودة الفريق إلى منصات التتويج في "البريميرلييج" خلال أول موسم للمهندس الشيلي في مدينة مانشستر.

المركز 10
سجل توريه 30 هدفاً خلال آخر موسمين بالدوري الإنجليزي، رقم يعادل الفرنسي جيرو ويتفوق به على المهاجم واين روني، ويتحول من خلاله اللاعب القدير إلى لاعب وسط بدرجة هداف، ولاعب ارتكاز غير تقليدي أقرب إلى دور صانع اللعب القادم من الخلف إلى الأمام، وهو المركز الجديد ليايا مؤخراً، في الخانة رقم 10 بالملعب.

يبدأ الأفريقي في منطقة الوسط لكنه سرعان ما ينطلق إلى الهجوم، ويقوم بدور اللاعب الحر في تشكيلة مان سيتي خلف المهاجم الأرجنتيني أجويرو، هكذا صار اللاعب هذا الموسم بالتحديد، لا يدافع في أغلب الأوقات، ويحاول دائماً صناعة الأهداف وتسجيلها، مع حماية كاملة من بقية الرفاق في منتصف الملعب.

ومع اقتراب خروجه من إنجلترا، يبدو أن إيطاليا ستكون الوجهة المقبلة للنجم الكبير، ومن الممكن جداً أن يكون الرهان في إنتر ميلان، لأن المدرب مانشيني من عشاق هذه النوعية من لاعبي الوسط، لذلك سيجد يحيى نفسه في خانة "التريكوارتيستا" خلف الهجوم وأمام لاعبي الوسط في إنتر ميلان.

إما أن يلعب "النيرازوي" بثنائي متقدم في الأمام وخلفه توريه، أو يشترك الإيفواري مع الكرواتي كوفاسيتش في صناعة اللعب، مع الإبقاء على رأس حربة رئيسي داخل منطقة الجزاء، وفي كل الأحوال، توريه الجديد يليق جداً بالكالتشيو، دعونا ننتظر فقط!

المساهمون