سويسرا تحت قيادة فلاديمير.. الأمل في "معجزة بيرن" جديدة

04 يونيو 2016
منتخب سويسرا يسعى لفرض لونه في فرنسا (Getty)
+ الخط -

 

ظلت سويسرا لسنوات طويلة تعرف بأنها المقر الدائم للاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث يتواجد كبار مدراء "فيفا" في زيورخ السويسرية باستمرار، لتكون هذه المعلومة هي الأشهر فيما يتعلق باللعبة الأكثر شعبية في هذه البلاد، لكن المنتخب السويسري تمرد بعض الشيء في السنوات الأخيرة، وصار أقوى وأكثر صلابة على جميع المستويات، ليشارك بقوة في المونديال الأخير، ويخسر بصعوبة أمام الأرجنتين، قبل أن يصعد بكل سهولة إلى نهائيات يورو 2016 في فرنسا.

معجزة بيرن
في عام 1954 أجريت نهائيات كأس العالم في سويسرا حيث كانت مسرحا للنهائي الشهير بين ألمانيا والمجر (3-2)، والذي أصبح يشتهر منذ ذلك التاريخ باسم "معجزة بيرن"، حيث حول الألمان هزيمتهم أمام فريق الأحلام المجري إلى فوز بالثلاثة بعد التأخر بهدفين، ليصرخ المعلق الألماني بعد انتهاء النهائي على موجات الراديو قائلا، انتهت، ألمانيا بطلة العالم، لقد حدثت المعجزة! في إشارة تاريخية لنهائي بيرن في سويسرا.

وقد نظمت سويسرا كأس الأمم الأوروبية 2008 مناصفة مع جارتها النمسا. وبعد مرور عامين، بات المنتخب السويسري الفريق الوحيد في جنوب أفريقيا 2010 الذي هزم إسبانيا الفائزة بلقب هذه البطولة، كذلك وصل الفريق إلى مونديال البرازيل تحت قيادة الجنرال الألماني أوتمار هيستفيلد.

وبعد اعتزال هيتسفيلد التدريب، تعاقد الاتحاد السويسري مع المدرب فلاديمير بيتكوفيتش، الرجل الذي قاد لاتسيو لكأس إيطاليا من قبل، في إنجاز هو الأشهر والأهم للنادي الثاني في العاصمة روما خلال السنوات الأخيرة، والمدرب الذي حافظ على إرث سلفه، وطور بوضوح قدرات اللاعبين، ليساهم في إخراج جيل مميز ينتظر الكثير منه في البطولة الأوروبية المرتقبة.

متعدد الجنسيات
يملك بيتكوفيتش أكثر من جواز سفر، بوسني وكرواتي وسويسري، ويعود الفضل في ذلك إلى والديه، نتيجة عمل الأب والأم في مجال التعليم، وولعهم بالسفر من دولة إلى أخرى داخل القارة العجوز، ليعيش الابن في أكثر من مكان، مع ثقافات مختلفة وأصول مغايرة، ليترجم ذلك على أرض الواقع كرويا، بلعبه في أندية صربية وبوسنية، وتدريبه في سويسرا، إيطاليا، ومن ثم العودة إلى المنتخب كقائد أول هذه المرة.

يشتهر فلاديمير بالقوة والصرامة، ويلعب في أغلب الأحيان بتحفظ واضح، لذلك عندما اختار الخروج من سويسرا، ذهب سريعا إلى إيطاليا، لأنه يعشق التكتيك هناك، ويعتبر من أنصار اللعب الخلفي الذي يستغل أخطاء المنافسين، ويميل إلى الكرات العمودية من الخلف إلى الأمام في اتجاه واحد، بالإضافة إلى استخدامه عدة تكتيكات تنبثق معظمها من 4-1-4-1، عن طريق مهاجم واحد في الثلث الأخير ومجموعة قوية في الدفاع.

يضع بيتكوفيتش اهتماماً خاصاً بفكرة الصناعة من الخلف، مع الميل المستمر إلى التسديدات من بعيد، لذلك يستخدم لاعب ارتكاز مهارياً في المنتصف، فعلها مع هيرنانيز في لاتسيو وأعادها برفقة تشاكا في المنتخب السويسري، مع رغبة واضحة في الاختراق العرضي، واستغلال الأطراف قدر المستطاع، عن طريق اللعب المتنوع الذي يمزج بين الانطلاق على الخط، والقطع في العمق في اتجاه منطقة جزاء المنافس، باختصار شديد هو مدير فني يعشق التوازن الخططي دفاعا وهجوما.

الطريق نحو المجد
وصلت سويسرا إلى اليورو بعد حصولها على المركز الثاني خلف إنجلترا في مجموعتها، وفاز المنتخب في 7 مباريات وخسر في 3 دون أي تعادل، مع تسجيله 24 هدفاً واستقباله 7 أهداف فقط، في دلالة واضحة على قوة دفاعاته، وحماية مرماه برباعي صريح أمامه ثنائي محوري، يعرف كيف يغطي أكبر قدر ممكن من الفراغات في وبين الخطوط.

يلعب الفريق بخطة قريبة من 4-2-3-1، ويمتاز بتواجد أكثر من نجم في التشكيلة الأساسية، فغرانيت تشاكا يقود منطقة الوسط، كلاعب ارتكاز دفاعي وصانع لعب في آن واحد، مع قيام زميله فيرنانديز أو أي بديل بشغل دور "البوكس" الذي ينطلق من الخلف إلى الأمام، من أجل الدعم الكامل لكاسامي أو شاكيري، الثنائي الأميز في المركز 10 بالملعب، كنصف مهاجم ونصف صانع لعب، مع ميل دائم إلى الهروب نحو الأطراف.

ويمتاز هذا الجيل بتواجد أكثر من مهاجم جيد، كسيفروفيتش ودراميتش، الثنائي الذي سجل 8 أهداف في التصفيات، والمميز جدا في الألعاب الهوائية والكرات الثابتة، لذلك يستطيع المدرب فلاديمير اللعب بأكثر من تكتيك، سواء بوضع ثنائي هجومي صريح أو اللعب برأس حربة وحيد وتحته لاعب متحرك في كل المراكز.

سويسري الهوية
"لم أكن لأتخيل أن ذلك ممكن قبل عدة سنوات. يمثل ذلك عرفانا بأنني قمت بعمل جيد هنا في سويسرا. أعيش هنا منذ عام 1987، أي أنني أمضيت أكثر من نصف حياتي في البلاد. أملك جواز سفر سويسرياً منذ 12 عاماً وأشعر أني سويسري. أن يتم اختياري مدربا للمنتخب الوطني هو بمثابة إقرار إيجابي بالعمل الذي قمتُ به على مدى هذه الفترة"، هكذا قال بيتكوفيتش في أول حديث رسمي مع "فيفا" بعد اختياره مدربا لسويسرا.

ونجح المدرب في ترك بصمته سريعا على شخصية فريقه، بأن يكون جريئا في الهجوم ومتوازنا في الدفاع. مع التميز بأسلوب دفاعي وقائي، حتى عندما يندفع إلى الأمام، فإنه لا يترك مساحات كبيرة خلفه، وبالطبع يحلم هذا الرجل متعدد الأوطان بالذهاب بعيدا في فرنسا، من أجل تكرار معجزة بيرن، لكن لحساب سويسرا هذه المرة!

المساهمون