الحكومة العراقية تستبق مقاضاتها بإعلان إصلاح "خلل الإنترنت"

26 يوليو 2018
انقطاع الإنترنت تزامن مع الاحتجاجات (أحمد الروباعي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد انقطاع تام وجزئي استمر نحو ثلاثة أسابيع للإنترنت، بالتزامن مع اندلاع التظاهرات جنوب البلاد، قالت وزارة الاتصالات العراقية إنها أصلحت الخلل الحاصل في الشبكة بعموم مدن العراق وأضافت سعاتٍ جديدةً لها، وذلك في خطوة استباقية يراها مراقبون تحسباً لدعوى قضائية رفعها ناشطون ورجال أعمال وحقوقيون ضد الحكومة العراقية على إثر قطع الإنترنت.

وترفض منظّمات مدنية وجهات سياسية عراقية رواية الحكومة إنّ القطع جاء بسبب خلل فني، معتبرين أن تزامنه مع اشتعال تظاهرات الجنوب وحجب "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" دلائل على زيف ادعاء الحكومة.

وأصدرت الوزارة بياناً قالت فيه إنّه "تم إصلاح القطوعات التي سببت ضعفاً عاماً في خدمة الإنترنت من قبل الفرق الهندسية المختصة".

ونقل البيان عن المتحدث باسم الوزارة حازم محمد قوله إنّه "تمت إضافة سعات جديدة إلى شبكة الإنترنت في العراق لتوفير جودة عالية ومؤمنة وغير متذبذبة وبإشراف مباشر من قبل وزير الاتصالات حسن كاظم الراشد".

وأضاف محمد: "ستمكننا إضافة السعات الجديدة من تحديد العارضة (العطل) بشكل أسرع فضلاً عن تعزيز الجانب الأمني عبر مراقبة السعات الداخلة إلى العراق وقد أثر على سرعة الإنترنت في الأيام الماضية القطع الذي حدث في الكابل البحري الناقل".

وتابع: "الوزارة أطلقت مشروع بوابات النفاذ الدولية للإنترنت والذي سيعمل على تحسين الخدمة في عموم البلاد".


ويأتي ذلك بعد أيام من انقطاع كامل لخدمة الإنترنت شمل جميع المدن العراقية، بما فيها التي لم تحدث فيها مظاهرات احتجاجية كالتي وقعت في مدن الجنوب للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتشغيل العاطلين.

وكشف سياسيون ومتخصصون عن تلقي شركات الاتصال أوامر من الحكومة العراقية تقضي بقطع خدمة الإنترنت فوراً لمنع تداول أي مقاطع تسجيلية أو صور للمظاهرات العارمة التي اجتاحت جنوب البلاد منذ نحو أسبوعين.

وتكبّدت البلاد خسائر مادية فادحة بسبب قطع الإنترنت خلال الأسبوع الماضي وتوقفت التعاملات المالية وشركات الصرافة والسياحة والسفر وتعرض التجار لخسائر كبيرة فيما تسبب قطع الإنترنت بتعريض حياة عشرات المرضى للخطر.

وقال المهندس المختص في شبكات الإنترنت مزاحم العبيدي، إنّ "الحكومة تحاول إعادة بعض ماء الوجه عبر بيانات تصدرها وزاراتها المعنية بخصوص قطع الإنترنت لاستمالة عواطف الجمهور لكن الحقيقة إنّ القطع كان بأوامر مباشرة من الحكومة ولا علاقة له بوجود أعطال في الشبكة".

وبين العبيدي لـ"العربي الجديد" أنّه "حينما اشتدت التظاهرات وقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين وقتل وأصيب العشرات، منهم كانت مواقع التواصل تعج بالتسجيلات والصور ما أوقع الحكومة في حرج كبير أمام الرأي المحلي والعربي والدولي دفعها إلى إصدار أوامر عليا بقطع الخدمة تماماً عن كافة أنحاء البلاد".


وتابع: "وجهت بعدها الحكومة العراقية إلى كافة شركات الاتصال بقطع خدمة الإنترنت فوراً عن كافة المدن وخاصة المحافظات الجنوبية ما سبب خسائر كبيرة لمختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والتجارية وحتى الصحية".

وألقى خبراء اللوم على الحكومة فيما يخص الخسائر التي تعرضت لها شركات الصرافة ولسفر والسياحة وما تعرض له عشرات المرضى من مخاطر صحية بسبب تأخير معاملاتهم نتيجة انقطاع شبكة الإنترنت.

وقال الخبير الاقتصادي عبد الودود جار الله، إنّ "قطع الإنترنت كان متعمداً وهذا معلوم للجميع ولكن وزارة الاتصالات تحاول تبرير هذا القطع بإلقاء المشكلة على ما وصفته بالخلل الفني في الكابل البحري وهذا غير صحيح وقد سبب ذلك خسائر مادية كبيرة".

وأضاف جار الله "العراق كان يخسر يومياً 40 مليون دولار تقريباً بسبب قطع خدمة الإنترنت ولم تقتصر الخسائر على المؤسسات والدوائر الحكومية بل شملت شركات السياحة والصرافة وكذلك تعرضت حياة عشرات المرضى لخطر شديد بعضهم تدهورت حالاتهم الصحية وأدخلوا العناية المركزة وتكبد ذوهم مبالغ إضافية طائلة نتيجة تأخير سفرهم لغرض العلاج بسبب قطع الإنترنت".

وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وخاصة موقع "فيسبوك" ملاذاً للكتاب والناشطين والإعلاميين لنشر المقالات والأخبار والتقارير والمقاطع التسجيلية والصور والأحداث التي تقع في مختلف أنحاء العراق والتي ترفض وسائل الإعلام المحلية نشرها بسب القيود الحكومية المشددة والملاحقات المستمرة للصحافيين.