الجزائر: أبعاد قضية "الخبر" تشغل الصحافيين

16 مايو 2016
تخوف من التأثير على حرية التعبير (Getty)
+ الخط -
تحول ملف ما يعرف إعلامياً بـ"قضية الخبر" إلى قضية رأي عام في الجزائر، وأضحت ككرة ثلج يزداد حجمها مع مرور الوقت، بعد أخذها أبعاداً أخرى مع دخول أحزاب سياسية ونقابات عمالية على خط الأزمة.

كل شيء بدأ بدعوى قضائية استعجالية، رفعتها وزارة الاتصال الجزائرية لإبطال صفقة تنازل مساهمين في مجمع "الخبر" الإعلامي، الذي يضم الجريدة وقناة تلفزيونية، عن أغلبية الأسهم لشركة "ناس برود" أحد فروع مجمع "سيفيتال" الاقتصادي لصاحبه، أسعد ربراب. واستندت وزارة الاتصال في الدعوى إلى مواد في قانون الإعلام تمنع التمركز في القطاع، بحجة أن مالك المجمع الاقتصادي يعتبر مساهماً في شركة تحوز جريدة "ليبرتي" الناطقة بالفرنسية.

إلا أن القضية التي سوّقتها وزارة الاتصال على أنها تجارية، يجدها الكثير من المتابعين تفوح برائحة السياسة ولا علاقة لها بالجانب الاقتصادي ولا الإعلامي. وهو ما يؤكده لـ "العربي الجديد" عضو هيئة الدفاع لمجمع الخبر، خالد برغل، الذي يرى أن "الدوافع التي أدت بوزارة الاتصال إلى رفع دعوى الإبطال هي دوافع سياسية، تتعلق بالخط التحريري الذي تبنته الجريدة والمخالف للسلطة، وأيضا لتخوف السلطة من ربراب الذي يعد من أنجح الاقتصاديين في الجزائر".

ويُعلّل المحامي رأيه بالقول "دعوى وزارة الاتصال فارغة من الجانب القانوني، إذ لا يعقل أن تتدخل الوزارة في عقد تم إبرامه بين طرفين برضاهما، كما لا يحق للوزارة أن تعوض سلطة ضبط الصحافة المكتوبة غير المفعلة وفي غيابها تبقى الأمور قانونية".



ويربط الكثير من الإعلاميين والسياسيين الضغط الممارس على جريدة "الخبر" بإعادة ترتيب المشهد السياسي والإعلامي في البلاد، والتحضير لمرحلة ما بعد الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، حيث يرى أستاذ علوم الإعلام بجامعة الجزائر، عبد العالي رزاقي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "السلطة متخوفة من تحرير الساحة الإعلامية، ومن تمويل ربراب لمرشح خارج فلك السلطة في حال إقرار رئاسيات مسبقة في الجزائر".

ويؤيد صحافي يومية "الوطن" حسان علي طرح رزاقي، حيث يرى أن "الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة الاتصال الجزائرية تخفي وراءها نوايا قديمة، للضغط عن طريق ابتزاز وتهديد العناوين المعروفة بحريتها وانتقادها السلطة". ويضيف: "قضية (الخبر) تكشف روح الانتقام عند المسؤولين في البلاد، والأهم أنها تطرح بصفة جدية إشكالية الحريات الديمقراطية في البلاد".

من جانبها، اعتبرت النقابة الجزائرية للصحافيين، في بيان لها، أنّه "ما كان يعد مجرد صفقة تجارية تمت بين طرفين بالتراضي، (مجمع "الخبر" ومجموعة "سيفيتال")، مع التأكيد على الحفاظ على مصالح كافة عمال (الخبر)، بكافة فروعه، تحول فجأة إلى شكل من أشكال الضغط الذي تمارسه السلطة على الصحافة"، متسائلةً "كيف نفسر أن وزير الاتصال الذي يحوز جيشاً من المستشارين القانونيين، معظمهم كانوا وراء إعداد النصوص التي تسير قطاع الإعلام، لا سيما قانون الإعلام، استغرق تدخلهم أكثر من شهر وبصورة غير سليمة؟".

وكانت المحكمة الإدارية لبئر مراد رايس في العاصمة الجزائرية قد أجلت يوم 11 مايو/أيار، للمرة الثالثة، البت في القضية التي رفعتها وزارة الاتصال الجزائرية ضد صحيفة "الخبر"، وذلك إلى يوم 25 مايو/أيار الجاري، بطلب من وزارة الاتصال للاطلاع على عريضة دفاع مجمع "الخبر"، في حين عرفت الجلسة طرد قاضي المحكمة محامي وزارة الاتصال، محسن عمارة، بسبب 3 قرارات توقيف صدرت بحقه من قبل نقيب المحامين للعاصمة الجزائرية، عبد المجيد سليني، في حادثة جعلت الكثير يتساءل عن علم الوزارة من عدمه بشطب المحامي، الذي وكلته، من لائحة المحامين.
المساهمون