مصر: تغطية "احتفال النكبة" مهنية أم تطبيع؟

11 مايو 2018
هدد صحافيون بمقاضاة زملاء حضروا الحفل (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
قبل ساعات من احتفال السفارة الإسرائيلية في القاهرة في ذكرى "نكبة فلسطين" ما يطلقون عليها تأسيس دولتهم، كانت هناك نغمة دائرة بين عدد من الصحافيين المصريين، حول تغطية الاحتفال صحافيًا لصالح المؤسسات التي يعملون فيها.

كانت دعوات إلى حضور الاحتفالية قد سربت للصحافة قبل أيام من الاحتفال، وهي واقعة لم تحدث منذ حوالي عشر سنوات، حيث كانت السفارة الإسرائيلية تقيم احتفالًا في مقرها في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ثم توقفت بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني مع اقتحام المتظاهرين لمقر النقابة وتنكيس العلم وإجبار النظام على غلقها، ورحيل طاقمها بالكامل من الأراضي المصرية.

وفي أغسطس/ آب الماضي، أعادت دولة الاحتلال الإسرائيلي فتح سفارتها في القاهرة، بعد إغلاقها نحو 9 شهور، إثر استدعاء سفيرها في أكتوبر/كانون الأول عام 2016، كإجراء أمني وقائي، بعد إعادة فتح السفارة في سبتمبر/أيلول عام 2015، عقب 4 سنوات من الإغلاق، من جراء اقتحام حشود غاضبة مقر السفارة، رداً على مقتل جنود مصريين برصاص إسرائيلي على حدود البلدين.

بدايةً تجدر الإشارة إلى أن أبرز معارك نقابة الصحافيين المصرية، عام 1980، في عهد كامل زهيري، كانت معركة لرفض التطبيع. عندما اشتدت المعارضة ضد الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي زار الكيان الصهيوني، وألقى خطاباً في الكنيست ووقّع اتفاقية "كامب ديفيد". وبدأ الصحافيون بانتقاد نهج وسياسات السادات، أثارت غضبه وسخر من لقاءات ومناقشات الصحافيين التي كانت تمتلئ بها حديقة النقابة في المبنى القديم بمكانها الحالي ووصفهم بأنهم أعضاء "حزب الحديقة".



وبلغ غضب السادات على نقابة الصحافيين ذروته، عندما أعلن فجأة قراره بتحويل النقابة إلى "نادٍ للصحافيين". وقاد كامل زهيري، نقيب الصحافيين حينها، حملة معارضة لقرار السادات، رافعاً شعار "العضوية كالجنسية". وذهب مجلس النقابة إلى أبعد من ذلك فقرر "حظر التطبيع النقابي مع الكيان الصهيوني حتى يتم تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة وعودة حقوق الشعب الفلسطيني". وفي مارس/آذار عام 1980 صدّقت الجمعية العمومية للصحافيين على هذا القرار وكانت أول نقابة مهنية تتخذ هذا الموقف.

أما اليوم، فهناك صحافيون لا يجدون حرجًا من طرْح سؤال على منصات التواصل الاجتماعي "هل ذهاب صحافي لاحتفالية الكيان الصهيوني للتغطية تطبيع أم مهنية". الإجابات جاءت أولًا من عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصرية عبر حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، للرد على الجدل. فقال عضو المجلس، جمال عبدالرحيم إن هناك "حظرا لكافة أشكال التطبيع المهني والشخصي والنقابي مع الكيان الصهيوني".

وقال عضو المجلس، محمد سعد عبدالحفيظ إن "المشاركة في تغطية احتفال الكيان الصهيوني بذكرى النكبة في فندق النيل ريتز كارلتون، مخالفة لقرار الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين بحظر كافة أشكال التطبيع المهني والشخصي والنقابي مع الكيان الصهيوني". وتابع "أتمنى على الزملاء مقاطعة الاحتفال المنكوب. والإحالة إلى التحقيق ستكون عاقبة كل من يخالف قرارات الجمعية العمومية".

وذكّر عضو المجلس، عمرو بدر، أن "نص قرار الجمعية العمومية بحظر التطبيع المهني... يعني سواء للتغطية أو زيارات لمؤسسات صحافية". وتوعّد بدر بالملاحقة القانونية لجميع الصحافيين المصريين الذين حضروا الاحتفال، وكتب "بعمل جهد للوصول لأسماء الصحافيين اللي حضروا احتفالية الكيان الصهيوني باحتلال فلسطين... وهقدم ضدهم مذكرة لمجلس النقابة لإحالتهم للتحقيق النقابي... حتى لو كانوا رؤساء تحرير".



وذكرت الكاتبة الصحافية، إكرام يوسف، في إجابتها على سؤال "مهنية أم تطبيع"، صحافيًا مصريًا –لم تكشف عن اسمه- "كان يفتخر أنه صديق الملحق الإعلامي الصهيوني. وبعد أول مرة حضر الاحتفال وقال إنه حضر. تحركنا لجمع توقيعات لفصله من النقابة. حينها قال: اثبتوا أني رحت"، وقالت "هؤلاء جبناء وخونة لا يعلنون".

وكتب الصحافي والنقابي البارز، إلهامي الميرغني "كلمتين لوجه الوطن محشورين في زوري... أولا -فندق "ريتز كارلتون" مش هو بس اللي مفروض نقاطعه، ودولة العدو الصهيوني من يوم ما بقي ليها سفارة وهي بتعمل الاحتفال ده كل سنة سواء في السفارة أو خارجها يعني دي مش أول مرة ومعروف مين اللي بيحضر هذه المناسبات". وأضاف "ثانيًا: هل بيع تيران وصنافير جرم أقل من تدنيس القاهرة بحفلة قيام دولة العدو الصهيوني والنظام بتاع السلام الدافئ يهمه حد غير رضا ترامب وإسرائيل".

وتابع "ثالثًا: قائمة الشركات المتعاونة مع العدو الصهيوني طويلة ومعروفة ومطلوب مقاطعتها مش بس فندق "ريتز كارلتون" بل كل المطبّعين ومنهم سعد الدين إبراهيم وأساتذة جامعات ومسؤولين في وزارة الزراعة وغيرها. مطلوب قوائم بأسمائهم. رابعًا: قضية فلسطين هي جزء من قضية التحرر العربي ومن قضية الاستقلال الوطني والخروج من دائرة الهيمنة والتبعية ومش قضية مناسبات في يوم الأرض أو ذكرى النكبة. قضية فلسطين هي قضية العرب طول السنة. وتحرير فلسطين لن يتم قبل إزاحة كل أنظمة العهر والخيانة العربية".

يشار إلى أن عدداً من الصحافيين المصريين شاركوا بالفعل في تغطية فعاليات الاحتفال، من دون الكشف عن أسماء، خشية الاتهامات بالتطبيع والعمالة من الوسط الصحافي ككل. بينما نشر آخرون قصصهم من داخل الاحتفال عبر مواقع إخبارية مصرية، بأسمائهم الصحافية.