الرواية السعودية عن خاشقجي تسقط في الصحافة العالمية

20 أكتوبر 2018
من تظاهرة للصحافيين الإندونيسيين في جاكارتا (Getty)
+ الخط -
في الليلة الثامنة عشرة اعترفت المملكة العربية السعودية بأن الصحافي السعودي جمال خاشقجي قتل داخل قنصليتها في إسطنبول.

انتظرت إذاً السعودية 18 يوماً قبل الاعتراف. 18 يوماً، تخللتها روايات رسمية متناقضة: من تأكيدها على لسان ولي العهد محمد بن سلمان خروج خاشقجي من القنصلية، وصولاً إلى حصول الجريمة من دون علم بن سلمان.

لكن هذه المرة كان الإعلام حاضراً وفي المرصاد. وبدل حفلات تلميع صورة بن سلمان التي استمرت منذ وصوله إلى ولاية العهد، كانت الانتقادات اللاذعة التي وصلت إلى حدّ وصفه بالـ"دكتاتور المجنون". فمنذ اللحظة الأولى لاختفاء خاشقجي ظُهر الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، قادت "واشنطن بوست" حملة البحث عن مصير الصحافي السعودي، وانضمّت إليها كبريات الصحف حول العالم.

ومع إعلان السعودية خبر مقتل خاشقجي، خصصت أغلب الصحف تغطيتها الرئيسية لهذا الموضوع. "واشنطن بوست" أبقت تغطيتها لملف خاشقجي طيلة اليوم (كما الأيام السابقة) الموضوع الرئيسي على موقعها. فكشفت التناقض في الخطاب السعودي منذ اليوم الأول. ثمّ أشارت إلى الرواية السعودية حول "الشجار داخل القنصلية" فكتبت: "الادعاءات السعودية بأن خاشقجي توفي في "شجار" تثير الشك الفوري". ومن ضمن تغطيتها الموسعة كانت هناك إضاءة على الدور التركي في دفع السعودية إلى اعتراف أولي بمقتل خاشقجي داخل القنصلية، إلى جانب مناقشة موقف البيت الأبيض من السعودية وتحديداً من ولي العهد محمد بن سلمان.


"نيويورك تايمز" بدورها منحت القضية تغطيتها الرئيسية، فانتقدت الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بسبب إشادته بالرواية السعودية، مسلطة الضوء على المواجهة المتوقعة بين ترامب وأعضاء الكونغرس الأميركي "حيث انتقد الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء الرواية السعودية، معتبرين أنها تفتقر إلى المصداقية".



الصحيفة نفسها نشرت مقالاً باللغتين الإنكليزية والعربية للكاتب نيكولاس كريستوف بعنوان "رئيس ينبطح أمام أمير مجنون" جاء فيه: "عرفت جمال خاشقجي لأكثر من خمسة عشر عاماً، ولذا أشعر بالغضب الشديد عند سماع تقارير عن فريق ملكي من السفاحين ضربوه وخدروه وقتلوه - بل بتروا أصابعه، ربما لأنه يكتب بها - ثم قطعوا أوصاله بمنشار عظام. لكنني غاضب بنفس القدر من رد الفعل البائس للبيت الأبيض". وأضاف: "ندد ترامب في الماضي مراراً وتكراراً بالرئيس باراك أوباما لانحنائه أمام ملك سعودي. إلا أن ترامب اليوم لا ينحني أمام ملك فقط، بل ينبطح أمام أمير مجنون".


كذلك خصصت "هاف بوست" تغطية واسعة لارتدادات الرواية السعودية، فاعتبرت أن المملكة تحاول "لفلفة التحقيقات في قضية جمال خاشقجي، لكن هناك فرضيات أخرى مقنعة بشكل أكبر". كذلك نشرت عنواناً عريضاً مع صورة بن سلمان وتحتها عنوان "مشتبه به".
وفي إطار متابعة الملف نفسه كتبت "فورين بوليسي" مقالاً تحليلياً بعنوان "كثيرون في وانشطن غير مقتنعين بالرواية السعودية".

مجلة "تايم" ردّت على تصريحات محمد بن سلمان بأن القنصلية "أرض سيادية سعودية". وأجرت المجلة مقابلة مع أستاذ القانون الدولي في جامعة أوكسفورد، البروفيسور دابو اكاندي، الذي أكّد أنه وفق القانون الدولي فإن الجريمة حصلت على أراضي الدولة التركية.

وكان لافتاً تركيز صحف ومجلات عدة، بينها "واشنطن بوست" و"فورين بوليسي"، على الحرب الإلكترونية التي خاضتها الحسابات الوهمية السعودية.

في بريطانيا خصصت صحيفة "غارديان" أيضاً تغطيتها الرئيسية لمتابعة الرواية السعودية وتبعات بيانها. وطرحت الصحيفة علامات استفهام عدة حول الموقف التركي المقبل بعد بيان الرياض. كذلك تساءلت عن الخطوات المقبلة التي يمكن أن تقوم بها السعودية بعد الاعتراف بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها.
الصحيفة أيضاً فتحت ملفاً آخر مرتبطاً بالتمويل السعودي للإعلام البريطاني، واللوبيات التي تعمل في بريطانيا لتحسين صورة المملكة.

صحيفة "الإندبندنت" التي تربطها اتفاقات عمل مع شركة سعودية مقربة من ولي العهد، كانت تغطية ملف خاشقجي الثانية على موقعها بعد التظاهرات المطالبة بإعادة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولم تكن التغطية في الصحيفة بنفس الزخم الموجود في باقي الصحف البارزة في بريطانيا أو الولايات المتحدة.




أما الصحف الفرنسية فكان تركيزها الرئيسي في تغطية القضية على تعريف القارئ بالشخصيات التي أقالها الملك ليل الجمعة، وتحديداً المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، ونائب رئيس الاستخبارات العامة السعودية السابق اللواء أحمد عسيري.