فوز "الخوذ البيضاء" بالأوسكار يغيظ إعلام النظام السوري ومسؤوليه

09 مارس 2017
حاز الدفاع المدني السوري دعماً عالمياً (تويتر)
+ الخط -

منذ إعلان ترشيح فيلم "الخوذ البيضاء"، الذي يُظهر تضحيات عناصر الدفاع المدني في سورية والمخاطر التي يتعرضون لها خلال عمليات الإنقاذ، لنيل جائزة الأوسكار، بدأت وسائل إعلام النظام بشن حملة إعلامية لتشويه سُمعة عناصر الدفاع المدني السوري. وهي حملة تواصلت لاحقاً بعد فوز هذا الفيلم بجائزة "أوسكار" عن أفضل فيلم وثائقي قصير؛ وهو ما سوّقه النظام على أنه يأتي في سياق "المؤامرة الكونية" عليه.

قصة وسائل إعلام النظام مع "الخوذ البيضاء" لم تبدأ من ترشيح هؤلاء لنيل جائزة في أوسكار. فمنذ أغسطس/آب الماضي، ومع ترشيح منظمة "الدفاع المدني السوري" لنيل جائزة نوبل للسلام، دأبت وسائل إعلام النظام على بث تقارير وإعداد حوارات وبرامج، كلها تربط جهود عناصر "الدفاع المدني السوري" بـ"دعم الإرهاب"؛ رغم أن عناصر الدفاع المدني السوري، ليس لهم أي نشاطٍ عسكري أو سياسي، فعملهم ينحصر في إنقاذ ما يُمكن إنقاذه بعد كل قصفٍ للنظام على مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية.

لكن النظام السوري، ومع تزايد تسليط الضوء على نشاط ومعاناة ومخاطر عمل "الخوذ البيضاء" في محافل دولية مهمة، استشعر خطر أن كل صعودٍ لسمعة هؤلاء إيجابي، ووصول مشاهد الدماء والدمار إلى محافل دولية هامة، يعني تزايد التعاطف عالمياً مع الضحايا المدنيين، وبالتالي مزيداً من الإدانات لمن تسبب في جرائم قتلهم.

وانطلاقاً من ذلك، فالمتابع لوسائل إعلام النظام، خلال فترة ترشيح فيلم "الخوذ البيضاء" لجائزة أوسكار، ثم فوزة بها، يلاحظ أن هذه الوسائل أفردت فقرات خاصة في برامجها الإخبارية والحوارية، تسلط فيها الضوء على ما سمّته "فضيحة" ترشيح "الخوذ البيضاء" لجائزة "أوسكار"؛ وذلك تماشياً مع الخطاب الرسمي للنظام، الذي يدّعي مسؤولوه في أعلى المستويات، أن المشاهد التي يصورها عناصر "الدفاع المدني السوري" "مفبركة" لتضليل الرأي العام العالمي.


ويوم إعلان فوز فيلم "الخوذ البيضاء" بجائزةٍ في أوسكار، أفردت فضائية "الإخبارية السورية" التابعة للنظام رسمياً، تغطية خاصة لذلك، عرضت فيها تقارير عديدة، لترسيخ صورة ذهنية، عن أن عناصر "الدفاع المدني السوري"، هم "أدوات تستخدمها استخبارات عالمية للنيل من سمعة سورية"، وأن ما يعرضونه من "ادعاءات معاناة السوريين" مجرد "مقاطع فيديو مفبركة".

واستضافت ذات الفضائية في التغطية المباشرة التي بثت تقارير إخبارية عن نفس الموضوع، شخصيات تتوافق مع روايتها عن ماهية "الدفاع المدني السوري"، ومنهم "رئيس قسم الإعلام الإلكتروني" في "الإخبارية السورية"، مضر إبراهيم، الذي زعم أنه "لا يمكن التطرق إلى القبعات البيضاء، إلا من خلال الفلسفة التي قامت عليها الدعاية الغربية، فالقبعات البيضاء جزء من كل"، و"هذه الجماعة قدمت لتكون منصة لقصف سورية بالأكاذيب تحت اليافطة الإنسانية".

وتابع "إن الإعلام الغربي عيونه ليست عمياء، وهم صنعوا القبعات البيضاء. وجائزة الأوسكار مناسبة لهم، لأنهم أدوا قدرات هائلة في التمثيل"، معتبراً أن "مشاهد انتشال الأطفال من تحت الأنقاض تم تصويرها تحت الطلب"، وهي مجرد "فبركات" لخدمة أغراض تناسب "مصالح الإعلام الغربي".

وفي نفس الاتجاه، سارت مختلف الصحف الرسمية التابعة للنظام، كـ"تشرين" و"البعث" و"الثورة"، وتلك المقربة منه مثل جريدة "الوطن" التي أفردت تقارير مكتوبة تربط عمل "الخوذ البيضاء" بالـ"فبركة" لـ"دعم الإرهاب"، فضلاً عن إفراد مساحات في الصحيفة لتصريحات مسؤولين روس، انتقدوا حصول "الخوذ البيضاء" على جائزة "أوسكار".


في المقابل، اعتبر مدير منظمة "الدفاع المدني السوري"، رائد الصالح، أنّ فوز فيلم "الخوذ البيضاء" بجائزة "أوسكار"، يدحضُ روايات النظام السوري التي تتّهم الدفاع المدني بأنها منظمة وهميّة.

وقال الصالح، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إن "الجائزة تعطِي دفعاً معنوياً للمتطوّعين، وتؤكّد عدم صحّة روايات النظام السوري وحلفائه"، مؤكداً استقلالية عمل المنظمة عن أي فصيل عسكري أو جسم سياسي، مشيراً إلى أن الرسالة الأساسية للدفاع المدني هي إيقاف القتل، وإيقاف نزيف الدم السوري.

ورأى عدد كبيرٌ من الناشطين والصحافيين السوريين، أن فوز "الخوذ البيضاء" بجائزة "أوسكار"، أحرج النظام مجدداً، نتيجة حجم الجرائم التي يرتكبها بحق السوريين، علاوة على أن فوز "الخوذ البيضاء" بالجائزة، ساهم في إيصال صوت الضحايا والمنكوبين من قصف وغارات النظام، لأهم محفلٍ سينمائي في العالم، ووضع الرأي العام العالمي، أمام حقيقة ما يجري في كثيرٍ من المناطق في سورية.