تُحيط المخاطر بالصحافيين خلال تغطية الحرب في أوكرانيا، فيدفع كثيرون منهم ثمناً باهظاً لإيصال المعلومة عمّا يحصل خلال الاجتياح الروسي منذ 24 فبراير/ شباط الماضي، إلى العالم. صحافيون حوصروا تحت القصف، آخرون تمّت سرقتهم، ومنهم من تم توقيفه من القوات العسكرية خلال أدائهم لعملهم. لكنّ صحافيين آخرين ذهبوا ضحيّة الحرب، فقتلوا، في النزاع الدائر منذ أكثر من 20 يوماً.
وبحسب إحصاءات رسمية وبيانات من وسائل الإعلام ومنظمات معنيّة بحريّة الصحافة، قتل حتى اليوم خلال تغطية الحرب الروسية على أوكرانيا صحافيان أجنبيان، وثلاثة صحافيين أوكرانيين، فيما أصيب آخرون من جنسيات متعددة بجروح.
يوم الثلاثاء، أعلنت شبكة "فوكس نيوز" الإخباريّة الأميركية عن مقتل مصور فرنسي أيرلندي ومنتجة تلفزيونيّة أوكرانية، كانا يعملان لحسابها، فيما أصيب زميلهما البريطاني بنجامين هول، وذلك عندما أصيبت العربة التي كانوا بداخلها بإطلاق نار في هورنيكا، قرب كييف، الإثنين الماضي. وقالت المديرة التنفيذية لـ"فوكس نيوز" سوزان سكوت في بيان، إنّ هول، وهو بريطاني يعمل مراسلاً للشبكة لدى وزارة الخارجية، لا يزال في مستشفى في أوكرانيا.
بدأ زاكرزيفسكي (55 عاماً)، الذي يحمل الجنسيتين الأيرلندية والفرنسية، تغطية الحرب في أوكرانيا منذ بدايتها في شباط/ فبراير، ومقر عمله الأساسي لندن. إحدى قريباته وصفته في حديث لـ"فرانس برس" بأنه كان "رحالة بقلب دافئ يبادر إلى اللقاءات الجميلة، وكان متواضعاً وإنسانياً ولم يفقد حساسيته على مر السنين"، مضيفة أنه "ساعد في إيجاد مأوى لطفل رضيع عثر عليه بعد القصف"، وقالت إنه عرف باكستان والهند عن كثب والتقط هناك "صورًا رائعة، خاصة للنزاع في كشمير"، وكذلك كانت له تجربة طويلة في أفغانستان، حيث غطى الحرب ضد السوفييت وصولاً إلى عودة طالبان. وذكرت "فوكس نيوز" أن زاكرزيفسكي لعب "دوراً رئيسياً" في إخراج الصحافيين الأفغان المتعاملين مع الشبكة من البلاد مع عائلاتهم بعد الانسحاب الأميركي. وقالت سكوت أن "بيار كان مصوراً حربياً غطى كل الأخبار الدولية لفوكس نيوز تقريبا من العراق إلى أفغانستان إلى سورية خلال فترة عمله الطويلة معنا"، مشيرةً إلى أن "شغفه وموهبته كصحافي لا مثيل لهما". وكانت "فوكس نيوز" قد منحت زاكرزيفسكي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي جائزة تقديرًا لعمله خلال حفل جوائزها السنوي "سبوت لايت أووردز" المخصص للموظفين.
وحيّت سكوت أيضاً زميلته كوفشينوفا (24 عاماً)، التي قضت معه، قائلة إنها كانت معروفة خلال نشاطها مع طاقم "فوكس نيوز" بأنها "تعمل بكد وصاحبة روح مرحة وشجاعة". وقالت سكوت، وفق ما نقلت "فرانس برس": "كان حلمها ربط الناس حول العالم بعضهم ببعض وإخبار قصصهم، وقد حققت ذلك من خلال عملها الصحافي"، مضيفة أن تأكيد وفاتها تأخر احتراما لعائلتها.
من جهته، اعتبر نائب مدير المعهد الدولي للصحافة سكوت غريفن أن الصحافيين "خاطرا بحياتهما بشجاعة" من أجل "أن يفهم العالم الحقيقة المروعة لما يجري في أوكرانيا"، وتابع، وفق "فرانس برس": "نجدد مطالبتنا القوات المسلحة ببذل كل ما بوسعها لضمان سلامة الصحافيين". من جانبها، دعت منظمة "مراسلون بلا حدود" المتحاربين إلى "عدم استهداف الصحافيين"، مشيرةً إلى أنّهم "مدنيون يطلعون العالم على ما يحصل في المعارك، ويجب أن يعملوا بأمان".
والأحد الماضي، قتل الصحافي الأميركي برنت رونو (50 عاماً)، وأصيب رفيقه المصور الأميركي خوان أرندوندو بجروح في إربين، أحد أحياء كييف، التي شهدت معارك من بين المعارك الأشرس منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
والثلاثاء، قبل إعلان "فوكس نيوز"، أعلنت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوكراني ليودميلا دينيسوفا، على حسابها في "تيليغرام"، أنّ "35 صحافياً على الأقل هم ضحايا" القوات الروسية، مشيرةً أيضاً إلى مقتل صحافيين أوكرانيين هما الصحافي يفغيني ساكون، الذي قتل في هجوم على برج تلفزيون كييف، والصحافي فيكتور دودار، الذي قتل خلال قتال بالقرب من مدينة ميكولايف الساحلية الجنوبية. وقالت دينيسوفا إنّ عددًا من الصحافيين، بينهم صحافيون من بريطانيا والدنمارك وسويسرا، أصيبوا بطلقات نارية "أطلقها العدو عمداً"، في إشارة إلى روسيا، وأضافت، وفق ما نقلت الوكالة، أن "العدو يحاول أيضًا تدمير البنى التحتية السمعية والبصرية في أوكرانيا"، مشيرةً إلى إطلاق أعيرة نارية على أبراج التلفزيون في مدن كييف ولوتسك وريفني.