150 صحافياً غادروا روسيا وسط تشديد السلطات إجراءاتها ضد الإعلام

07 مارس 2022
وقّع بوتين قانوناً يشدد العقوبة على "الأخبار الكاذبة" (أنطون نوفوديريزخين/TASS)
+ الخط -

خلال الأيام القليلة الماضية، كان الصحافيون يغادرون روسيا جماعياً. فقد كانت العقوبات والإجراءات القاسية، وبينها حظر وسائل إعلام مستقلّة وغربية، إضافةً إلى إقرار مجلس النواب الروسي (الدوما) قانوناً يشدّد العقوبة الجنائيّة على ما يعتبره "أخبارا زائفة" عن الجيش الروسي إلى السجن 15 عاماً، سبباً في فرار إعلاميين من موسكو، فيما يُشدّد الخناق على الكلمة الحرة على وقع الاجتياح الروسي للجارة أوكرانيا.

وأعلنت وكالة "عملاء الصحافة" الروسية أنّ ما لا يقل عن 150 صحافياً غادروا روسيا في الأيام الأخيرة، مشيرةً إلى أنّها أجرت مقابلات مع موظفين من 17 مكتب تحرير، لتصل إلى هذه النتائج. وأشارت "عملاء الصحافة" إلى أنّ مكتب تحرير "ميدوزا" بأكمله غادر موسكو، وهم حوالى 20 صحافياً، بالإضافة إلى صحافيين في "دوجد" و"إيخو موسكفا" و"نوفايا غازيتا".

بالإضافة إلى ذلك، تم إخلاء مكاتب وسائل الإعلام الغربية البارزة، أمثال هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" (ما لا يقل عن 15 شخصاً)، إضافة إلى صحافيين من "بلومبيرغ" و"راديو ليبرتي".

وأعربت الوكالة عن دعمها لجميع الزملاء. و"عملاء الصحافة"، هي مجموعة من المراسلين والصحافيين الاستقصائيين الذين ابتكروا أفضل وسائل الإعلام الحر في روسيا، لكنهم الآن يجدون أنفسهم تحت القمع في بلادهم.

تأتي هذه الأرقام على وقع تدفّق مستمر لأخبار حجب وسائل إعلام، كما لقمع روايتها. ومنعت السلطات الروسية في وقتٍ سابق استقاء الأخبار من مصادر "غير رسمية"، كما منعت تغطية الحرب في أوكرانيا إلا باستخدام مصطلحاتها وروايتها، فمنعت وسائل الإعلام من استخدام مصطلحات "غزو" و"هجوم" و"إعلان حرب" أو الحديث عن مقتل مدنيين بسبب الجيش الروسي. والجمعة الماضي، أقرّ الدوما قانوناً يسجن لمدة 15 عاماً من يدان بنشر "أخبار زائفة" عن الجيش، وبينهم صحافيون ومواطنون وكل من يحتج على الحرب.

وأمس الأحد، أعلن موقع "ميديازونا" الإخباري، وهو إحدى آخر وسائل الإعلام المستقلة في روسيا، أن السلطات حجبته بسبب تغطيته للغزو في أوكرانيا. وقال الموقع في بيان نقلته "فرانس برس"، إن الهيئة الناظمة الروسية للإنترنت "روسكومنادزور" بدأت في حجب ميديازونا. وبات الموقع مدرجاً في القائمة الرسمية للمواقع المحجوبة في روسيا.

و"ميديازونا" موقع إخباري يغطي المسائل القضائية المتعلقة بناشطين سياسيين واحتجاجات المعارضة وقضايا سوء معاملة السجناء بين أمور أخرى. تأسس عام 2014، من قبل أعضاء مجموعة بوسي رايوت المعارضة وناديزدا تولكونيكوفا وماريا أليوخينا، بعدما قضوا أحكامًا بالسجن بسبب "صلاة البانك" في الكنيسة الرئيسية في موسكو عام 2012.

وذكر الموقع أنه "تم اتخاذ هذا الإجراء لأننا نغطي بصدق ما يحدث في أوكرانيا ونسمي الأمور بأسمائها، الغزو غزوًا والحرب حربًا"، مشددًا على أن السلطات الروسية فرضت للتو "رقابة عسكرية و(أنه) لم تعد توجد في البلاد أي وسيلة إعلامية مستقلة".

إلى ذلك، أعلنت إذاعة أوروبا الحرة "راديو ليبرتي" الممولة من الولايات المتحدة، أمس الأحد، تعليق عملها في روسيا بعدما قالت إن البلاد كثفت الضغط على الصحافيين العاملين بها وبدأت السلطات الضريبية إجراءات إعلان إفلاس ضدها.

وتخطط إذاعة أوروبا الحرة المتواجدة في روسيا منذ 1991، لتقديم تقارير عن روسيا وحربها في أوكرانيا من الخارج. وقال الرئيس التنفيذي للإذاعة جيمي فلاي: "سنواصل التوسع في تقاريرنا للجمهور الروسي وسنستخدم كل منصة ممكنة للوصول إليهم إذ إنهم يحتاجون إلى صحافتنا أكثر من أي وقت مضى".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وحجبت السلطات مواقع أخرى مثل Republic وSnob.ru - المخصصين لأحداث الساعة والتحليلات - ووسيلة الإعلام الاستقصائية Agentstvo وصحف إقليمية، كما قالت المنظمة غير الحكومية للدفاع عن الحقوق الرقمية Roskomsvoboda، وفق ما نقلته عنها "فرانس برس". وكتبت Republic في بيان: "شكرًا على بقائكم معنا، ستمضي الليلة"، مشيرةً إلى أنه لا يزال بإمكان قرائها الاطلاع على محتواها عبر الشبكة الخاصة الافتراضية vpn.

ووفق "أسوشييتد برس"، حجبت السلطات أيضاً موقع 7x7 الذي يغطي الأخبار الإقليمية، وصحيفة العلوم الشعبية "تروتسكي فاريانت" التي نشرت خطاباً مفتوحاً يرفض الغزو. 

ويوم الجمعة الماضي، نقلت "رويترز" عن "روسكومنادزور" قولها إنّه بناءً على طلب من النيابة العامة، تم حظر الوصول إلى "بي بي سي" وموقع "ميدوزا" الإخباري المستقل، وموقع "دويتشه فيله" الألماني، والموقع باللغة الروسية لراديو "أوروبا الحرة" (راديو ليبرتي) و"سفوبودا" الممول من الولايات المتحدة.

والخميس الماضي، أعلنت قناة "دوجد" التلفزيونية تعليق نشاطها وكذلك الإذاعة الروسية المستقلة "صدى موسكو" (إيخو موسكفا) العريقة بعد منعها من البث يوم الثلاثاء الماضي من قبل السلطات بسبب تغطيتها لغزو أوكرانيا. ويوم الأربعاء الماضي، حجب موقع "ذا فيليدج" الإخباري باللغة الروسية. 

والأسبوع الماضي، أعلنت وسائل إعلامية غربية "تعليق" عملها في موسكو أو سحب صحافييها، خصوصاً بعد توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانون تجريم "الأخبار الكاذبة".

وبحسب "فرانس برس"، يعتقد العديد من الخبراء أنه لن تتمكن أي وسيلة إعلام روسية مستقلة من الاستمرار في البلاد في المستقبل القريب، ولا حتى صحيفة "نوفايا غازيتا" التي نال رئيس تحريرها جائزة نوبل للسلام لعام 2021.

وتعتبر منظمات غير حكومية روسيا من الدول التي تفرض أكبر قيود على حرية الصحافة، وهي تحتل المرتبة 150 من أصل 180 في أحدث مؤشر لحرية الصحافة لمنظمة "مراسلون بلا حدود".

المساهمون