أعلن حزب "حركة أمل وعمل" أمس الجمعة اعتقال النائب المعارض ياسين العياري من خارج منزله. وقال محاميه مختار الجماعي إن العياري اعتقل على ما يبدو في ما يتعلق بإدانة محكمة له في 30 يونيو/حزيران الماضي، لكنه لم يبلغ بما هو سبب الإدانة.
وقالت زوجة العياري، سيرين فيتوري، في تدوينة عبر صفحتها على "فيسبوك" الجمعة: "أخذوا ياسين للتو بكل عنف". وأضافت، في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن قوات أمن بالزي المدني اعتقلت زوجها من دون معرفة الأسباب وراء ذلك حتى الآن. وأشارت إلى أنه اعتُقل بالقوة بينما كانت والدته تصرخ، وأن قوات الأمن "طلبوا منا عدم التصوير بالهاتف".
لكن "وكالة تونس أفريقيا للأنباء" الرسمية نقلت عن وكالة الدولة العامة للقضاء العسكري قولها إن العياري أودع السجن المدني صباح يوم الجمعة، تنفيذاً لحكم قضائي بات صادر عن محكمة الاستئناف العسكرية في 6 ديسمبر/كانون الأول عام 2018.
أصدر مجلس نواب الشعب التونسي بياناً رسمياً ندد فيه بـ"الإيقاف غير القانوني الذي يمس من حرمة نواب الشعب". كما عبرت "حركة النهضة" عن رفضها لتتبع نواب الشعب أمام المحاكم العسكرية. "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) عبرت أيضاً في بيان عن قلقها من إيقاف العياري، مشيرة إلى أن الأخير "انتقد بشدة التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز بتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن البرلمانيين ووصفه بالانقلاب العسكري". وشددت على إدانتها الشديدة لـ "محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ومحاكمات الرأي أياً كانت".
كان العياري قد وجه انتقادات متكررة في السابق للرئيس قيس سعيد، واتهمه بتنفيذ انقلاب عسكري خططت له فرنسا والإمارات العربية المتحدة على حد تعبيره، بعد أن أقال سعيد يوم الأحد الماضي رئيس الوزراء هشام المشيشي، وجمد عمل البرلمان لمدة شهر، وقال إنه يتولى السلطة التنفيذية.
انتقد العياري الجيش والحكومة، وواجه مشكلات قانونية في الماضي، لكنه لم يعد يتمتع بالحصانة البرلمانية بسبب قرارات الرئيس التونسي الأخيرة؛ كانت النيابة العامة التونسية رفعت قضيتين ضد ياسين العياري بعد فوزه بمقعد برلماني كمرشح مستقل في ديسمبر/كانون الأول عام 2017. حوكم مرتين أمام محاكم عسكرية عامي 2015 و2016 بتهمة إهانة الجيش، وسُجن 4 أشهر ونصف الشهر، وأُفرج عنه في 16 إبريل/نيسان عام 2015. غادر العياري، وهو ابن عقيد قتل عام 2011 خلال الاشتباكات الأولى ضد الجماعات الإرهابية في البلاد، تونس في يوليو/تموز عام 2015، بعد أن علم أن المحكمة العسكرية فتحت تحقيقاً جديداً ضده بتهمة "الخيانة العظمى"، وهي جريمة كبرى بموجب المادة 61 من قانون العقوبات. في 29 إبريل/نيسان عام 2016، أسقط قاضي تحقيق في المحكمة العسكرية الابتدائية القضية. حُكم عليه عام 2018 بالسجن ثلاثة أشهر بسبب منشور على "فيسبوك" ينتقد الجيش. كما حكم عليه بالسجن 16 يوماً في 27 مارس/آذار من العام نفسه لمنشور على مدونة أخرى.
والعياري (30 عاماً) مدون سابق نشط خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت زين العابدين بن علي من السلطة عام 2011، وانتخب نائباً في 2017 ثم في 2019. وإثر توقيفه تعالت على مواقع التواصل الاجتماعي أصوات أبدت خوفها من العودة إلى عهد القمع.
وسارع رئيس الجمهورية إلى طمأنة هؤلاء، مؤكّداً لهم أنّ تونس "بلد الحقوق والحركات وبلد الدستور". ووجّه سعيّد "رسالة إلى كلّ التونسيين والعالم أجمع بأنّ تونس، بالرغم من الأزمة التي تعيشها، فإنّها تعمل في إطار ضمان الحقوق والحريات". وأكّد رئيس الجمهورية أنّ "لا خوف على حرية التعبير، ولا خوف على حرية التنظيم، وليس في هذا السنّ سأبدأ مرحلة جديدة تقوم على الديكتاتورية. أنا أكره الديكتاتورية وأمقتها". وقال سعيّد إنّ أجهزة الأمن لم تعتقل أحداً من دون وجه حق، "إلا إذا كانت عليه قضايا".
لكن منذ استخدم سعيد يوم الأحد سلطات الطوارئ للسيطرة على الحكومة وإقالة رئيس الوزراء وتجميد عمل البرلمان، أعفي رئيس التلفزيون الوطني محمد لسعد الداهش من منصبه، وداهمت الشرطة يوم الاثنين الماضي مكتب قناة "الجزيرة" في تونس، مما دفع وزارة الخارجية الأميركية إلى قول إنها منزعجة من هذه الخطوة وحثت على "الاحترام الصارم" لحرية الصحافة. ومُنع فريق "التلفزيون العربي" من التصوير والنقل المباشر في ساحة باردو. وقالت مراسلة لصحيفة "نيويورك تايمز" الأربعاء إنها احتجزت لساعتين في تونس، لكن أطلق سراحها بعد ذلك وسمح لها بمواصلة العمل.