وفاة السيناريست بشير الديك: أفلام فارقة ومسلسلات في 50 عاماً

31 ديسمبر 2024
الكاتب والسيناريست المصري بشير الديك (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأ بشير الديك مشواره الإبداعي متأثراً بحكايات الجدات، وواجه معارضة أسرته، لكنه أظهر شغفاً بالقصص القصيرة والمترجمة، مما ساهم في طموحه ليصبح كاتباً محترفاً.
- انطلق في السينما بفيلم "مع سبق الإصرار" عام 1978، وقدم أفلاماً بارزة مثل "سواق الأتوبيس"، تميزت أعماله بعمق اجتماعي وسياسي، وعاد بفيلم "الكبار" عام 2010.
- امتدت مساهماته إلى التلفزيون والإخراج، حيث أخرج أفلاماً مثل "الطوفان"، وقدم أعمالاً تلفزيونية مميزة، تاركاً إرثاً إبداعياً مهماً.

رحل اليوم الثلاثاء كاتب السيناريو المصري البارز بشير الديك عن عمر يناهز 80 عاماً، تاركاً وراءه إرثاً فنياً غنياً امتد إلى أكثر من نصف قرن.

بدأ مشواره الإبداعي منذ طفولته عندما انبهر بحكايات الجدات الكبيرات، تلك الحكايات التي حملت حكمتها ونضجها عبر الأجيال. كان بشير الديك يستمع لتلك الروايات، ليس فقط باعتبارها أحاديث تقليدية، بل كان يعيشها ويتخيل أحداثها بعد انتهائها، ما ساهم في إشعال شرارة الإبداع لديه مبكراً.

رغم صغر سنه، أظهر شغفاً كبيراً بالقصص القصيرة، خاصة المترجمة، التي سمحت له بالسفر بخياله إلى عوالم بعيدة، حيث تعرف إلى ثقافات مختلفة من خلال الكلمات المكتوبة. عارضته أسرته في البداية خوفاً من أن تؤثر هذه الهواية في تحصيله الدراسي، إلا أنه تحدى ذلك بطريقته الخاصة، حيث كان يخفي القصص داخل الكتب المدرسية ليقرأها خلسة. هذا الشغف المبكر شكل نواة طموحه ليصبح كاتباً محترفاً.

بعد انتقاله إلى القاهرة للدراسة الجامعية، وجد بشير الديك الحرية بعيداً عن القيود التي فرضت آنذاك في بيته، واستطاع أن يكرّس ساعات أطول للقراءة، حتى بلغت ثماني ساعات يومياً. عقب تخرجه من كلية التجارة، قرر أن يحول هوايته إلى مهنة، فانضم إلى جمعية الرواد الأدبية في مسقط رأسه بمحافظة دمياط، ونشر قصصاً قصيرة في الصحف المصرية والعربية، ما عزز مكانته باعتباره كاتباً موهوباً.

كانت السينما دائماً في قلب طموحه، وزاد تعلقه بها بعد مشاهدته أحد الأفلام وحضوره تصوير فيلم للمخرج علي عبد الخالق والسيناريست مصطفى محرم. كتب بشير الديك قصة بعنوان "قصة سينمائية"، وحاول عرضها عليهما، لكن لم يتحقق ذلك بسبب انشغالهما. لاحقاً، أرسل القصة إلى مصطفى محرم، الذي أعجب بها كثيراً ووعد بتحويلها إلى فيلم، لكن المشروع تعثر لأسباب سياسية آنذاك.

رغم الإحباطات الأولى، استمرّت علاقة بشير الديك بمصطفى محرم، وأسفرت عن أول فيلم سينمائي له بعنوان "مع سبق الإصرار" عام 1978، من إخراج أشرف فهمي وبطولة محمود ياسين ونجلاء فتحي. كان هذا العمل انطلاقة مهمّة لبشير، ومن ثم قدّم أفلاما عديدة أصبحت علامات فارقة في السينما المصرية، مثل "سواق الأتوبيس" و"موعد على العشاء" و"ضد الحكومة" و"ناجي العلي".

تميزت أعماله بعمقها الاجتماعي والسياسي، واستطاع من خلالها أن يعبر عن قضايا تهم المجتمع المصري. بعد فترة توقف طويلة عن الكتابة للسينما، عاد بفيلم "الكبار" عام 2010، بطولة عمرو سعد، ليؤكد حضوره المستمر على الساحة الفنية.

وكانت لبشير الديك ثلاث تجارب في الإخراج السينمائي، بدأت عام 1985 بفيلم "الطوفان"، وهو من بطولة الراحلين محمود عبد العزيز وأمينة رزق وفاروق الفيشاوي وسمية الألفي، ثم أخرج فيلم "سكّة سفر"، حيث لعب دور البطولة فيه الفنان الراحل نور الشريف ونورا وعُرِض عام 1987، ثم اختتم مسيرته في الإخراج السينمائي عام 2020 مع فيلم الرسوم المتحركة "الفارس والأميرة"، الذي يحكي قصة الفارس العربي محمد بن القاسم الثقفي، الذي حرّر نساءً وأطفالاً من أسر القراصنة في المحيط الهندي، وهو من بطولة محمد هنيدي ودنيا سمير غانم وماجد الكدواني.

لم تقتصر مساهماته على السينما فقط، بل امتدت إلى التلفزيون، حيث قدم أعمالاً مميزة، مثل "الناس في كفر عسكر" و"حرب الجواسيس". وكان من المقرر أن يقدم مسلسل "الإمبراطور"، الذي يسرد حياة الفنان الراحل أحمد زكي، بطولة محمد رمضان، إلا أن العمل لم يكتمل.

يمثل رحيل بشير الديك خسارة كبيرة للفن العربي، لكنه ترك إرثاً إبداعياً سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة.

المساهمون