هدم حدائق المنصورة التاريخية: قرار السيسي يزيل المساحات الخضراء

08 فبراير 2021
حدائق النيل في مصر (تويتر)
+ الخط -

على غرار قطع أشجار منطقة المنتزه التاريخية في محافظة الإسكندرية، والتعدي على حرم النيل بإزالة الأشجار المعمرة بكورنيش العجوزة في الجيزة، وتجريف كافة الحدائق والمساحات الخضراء في حي مصر الجديدة بالقاهرة، بدأت محافظة الدقهلية تنفيذ خطتها الرامية إلى هدم حدائق "عروس النيل" و"صباح الخير" و"هابي لاند" الأقدم في مدينة المنصورة، عاصمة محافظة الدقهلية، لإنشاء مشروع سكني مكانها تحت اسم "تحيا مصر المنصورة"، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

والتقى محافظ الدقهلية أيمن مختار، يوم الاثنين، مع استشارية مشروعات وزارة النقل في المحافظة مايسة عبد العزيز والوفد المرافق لها، في حضور رؤساء قطاعات المرافق والخدمات والوحدات المحلية للمنطقة المركزية بالدقهلية، لاستعراض ومناقشة الإجراءات الفنية والهندسية والإدارية والقانونية للمضي قدماً في أعمال تنفيذ المشروع، بعد الانتهاء من إزالة الحدائق الثلاث، إضافة إلى قصر ثقافة المنصورة المطل على كورنيش النيل.

وصرح مختار بأن المحافظة أخذت النسبة الأكبر من تنفيذ هذا المشروع، والذي وصفه بـ"النقلة الحضارية في المحافظة"، مضيفاً أن "الفضل يرجع في ذلك إلى وزير النقل، الفريق كامل الوزير، واهتمام الرئيس السيسي بتطوير عواصم المحافظات، من خلال إقامة المنشآت السكنية والترفيهية والإدارية على كورنيش النيل، حتى ستكون متنفساً لأبنائها"، على حد زعمه.

ويُقام المشروع على مساحة إجمالية تبلغ 136 ألف متر مربع، ويضم عددا من المشروعات، تشمل مشروع "المنصورة جيت"، الذي يتكون من برج تجاري سكني ترفيهي، وآخر إداري، ومشروع "المنصورة جراند"، وهو عبارة عن برجين تجاري وسكني، ومشروع "المنصورة بلازا"، ويتكون من مركز طبي إداري استثماري، وأبراج سكنية، وفندقين اثنين (4 نجوم)، ومشروع "المنصورة داون تاون"، وهو عبارة عن مركز تجاري، وأبراج سكنية.

وأضاف مختار في بيان للمحافظة، أن "المشروع يمثل إضافة كبيرة أمام رجال الأعمال للاستثمار العملاق الذي يخدم أهالي مدينة المنصورة، وتقديم خدمات متميزة لهم، بما يشكل طفرة عمرانية وحضارية تجمع بين العائد الاستثماري والمجتمعي، من خلال إتاحة العديد من فرص العمل لأبناء المحافظة، في إطار منظومة متوازنة تساهم في تحقيق أعلى مستوى من الخدمات".

وتابع: "الحكومة وكافة الوزارات المعنية لا تدخر جهداً لفتح آفاق جديدة للعمل، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية بشأن ضرورة تطوير واستغلال كل الموارد المتاحة، والأراضي المميزة في المحافظات، وتصديقه على مشروع (تحيا مصر المنصورة)، الذي يستهدف استغلال أراضي الحدائق الثلاث، وقصر الثقافة، في إقامة مشروعات متنوعة سكنية وإدارية وترفيهية وخدمية، تقدم لموازنة الدولة عوائد تنموية كبرى"، وفقاً لقوله.

في المقابل، أعلنت "مؤسسة تطوير الدقهلية"، التي تضم العديد من الشخصيات العامة من أبناء المحافظة، رفضها للمشروع المزمع إقامته على الأرض المخصصة للحدائق الثلاث، ورفضها كذلك شروع المحافظة في إنشاء 50 محلاً تجارياً بطول سور حديقة "شجرة الدر" بمدينة المنصورة، مؤكدة في بيان لها، أن هذه المساحات الخضراء تمثل "المتنفس الوحيد على نهر النيل للمواطنين البسطاء من أبناء المحافظة".

علوم وآثار
التحديثات الحية

وأعلنت محافظة الدقهلية خلال الأيام الماضية عن هدم سور حديقة "شجرة الدر" بشارع "المشاية" على كورنيش النيل في المنصورة، للبدء في إنشاء 50 محلاً من 3 طوابق بمساحة 15 متراً لكل محل، من دون إجراء دراسة بيئية أو مجتمعية للمشروع، وهو ما أثار حالة من الغضب بين قطاع عريض من أبناء المحافظة، الذين دشنوا حملات إلكترونية للمطالبة بوقف المشروع.

وتقدمت المؤسسة بطلب رسمي لمدير أمن الدقهلية، اللواء رأفت عبد الباعث، للسماح بتنظيم وقفة احتجاجية أمام حديقة "شجرة الدر"، للإعلان عن رفض المواطنين لهذا المشروع، والمطالبة بوقف التعدي على الحديقة، وعلى خط التنظيم، وعلى حرم النيل، مبينة أن رخصة إقامة هذه المحال تتضمن العديد من المخالفات، ومنها مخالفة القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء، والذي يشترط موافقة "المجلس الأعلى للتخطيط العمراني" على إصدارها.

بدورها، تقدمت النائبة في البرلمان عن دائرة المنصورة إيناس عبد الحليم بطلب إحاطة (أداة نيابية) حول أزمة هدم حديقة "عروس النيل"، ومسرح قصر ثقافة المنصورة، محذرة من أن هناك "حالة من الغضب والغليان تجتاح صفوف المواطنين بمحافظة الدقهلية، بسبب إعلان وزارة التنمية المحلية عن هدم حدائق عروس النيل، وصباح الخير، وهابي لاند، وإزالة أشجارها المُعمرة".

ودانت عبد الحليم إعلان المحافظة عن هدم قصر ثقافة المنصورة (مسرح أم كلثوم)، والمُسجل في قوائم التراث لدى جهاز التنسيق الحضاري، قائلة إن "إعدام هذه الأماكن الحضارية والتراثية من أجل إنشاء أبراج سكنية وإدارية وتجارية ومنطقة ترفيهية على المساحة ذاتها، هو أمر غير مقبول على الإطلاق، لأنها تعد بمثابة المتنفس الوحيد للأهالي على كورنيش المنصورة".

وتابعت: "البدء في تنفيذ هذه المشروعات البنائية الضخمة، في منطقة تعاني في الأصل من مشكلات في البنية التحتية، ومن ازدحام مروري مستمر، قد يؤدي إلى تهالك ما تبقى من بنية تحتية للمنطقة بشكل عام، وهو أمر في غاية الخطورة"، مطالبة وزارة التنمية المحلية بـ"اتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف عمليات الهدم الجارية، إلى حين الوقوف على أبعاد هذه المشروع بشكل كامل ودقيق".

إلى ذلك، أطلق ناشطون مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم #انقذوا_المنصورة، لمطالبة الأجهزة التنفيذية بوقف تنفيذ المشروع، والحفاظ على آخر الحدائق العامة في مدينة المنصورة، لا سيما أنها تعد من الحدائق التاريخية والمميزة، معتبرين أن المشروع الجديد من شأنه التأثير سلباً على أهم شوارع المدينة، وهو شارع "المشاية".

ودعا ناشطون الجهات الأمنية والرقابية في محافظة الدقهلية إلى التحقيق في كيفية استخراج رخصة المشروع الجديد في سرية تامة، وتسليم الموقع لأحد المقاولين من دون طرح المشروع في مناقصة عامة كما يقتضي القانون، أو الحصول على كافة الموافقات اللازمة للبدء في التنفيذ، مطالبين نقابة المحامين الفرعية في المحافظة بالتقدم ببلاغات للنائب العام، المستشار حمادة الصاوي، لفتح تحقيق في المخالفات التي شابت تنفيذ المشروع.

وتقع المنصورة على الضفة الشرقية لنهر النيل (فرع دمياط)، وأنشأها الملك الكامل محمد بن الملك العادل، وهو من ملوك الدولة الأيوبية، وكان يطلق عليها اسم "جزيرة الورد"، لأنها كانت محاطة بالمياه من ثلاث جهات، وتضم أكبر حدائق للورود في مصر. في حين تعود الأشجار المُعمرة في حديقة "عروس النيل" التاريخية بالمنصورة إلى أكثر من 200 عام.

وسميت عاصمة الدقهلية بـ"المنصورة" بعد تحقيق النصر على الحملة الصليبية السابعة، بقيادة لويس التاسع الفرنسي. ووقعت في أجواء المدينة معركة المنصورة الجوية في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، والتي تعد من أهم المعارك الجوية العربية، إذ كان لها دور كبير في انتصار مصر في حرب أكتوبر.

 
المساهمون