نوّار نيسان... فنّانون وأطفال على طريق البرتقال

04 مايو 2023
من الفعاليات الخاصة بالمهرجان (فيسبوك)
+ الخط -

تحت شعار "على طريق البرتقال"، تواصلت ما بين 27 و29 إبريل/ نيسان الماضي فعاليات مهرجان "نوّار نيسان"، في مناطق مختلفة من مدينة رام الله، وخاصة البلدة القديمة فيها، بتنظيم من بلدية المدينة، وبالشراكة مع سرية رام الله الأولى، ومركز الفن الشعبي، ومؤسسة تامر للتعليم المجتمعي.
كانت المؤسسات الثلاث الأخيرة قد بادرت في نهاية تسعينيات القرن الماضي إلى إقامة المهرجان الذي يهدف إلى المزج ما بين المتعة والترفيه والتوعية على أكثر من مستوى، وخاصة في ما يتعلق بالهوية الوطنية الفلسطينية.
جاءت فعاليات هذا العام بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، فكان الحرص على أن تشتمل الفعاليات، عبر المؤسسات التي نظمتها، كل في مجال تخصصها الثقافي أو الفني أو التربوي التعليمي، على ما يدحض مقولة رئيسة وزراء الاحتلال السابقة غولدا مائير: "الكبار يموتون والصغار ينسون"، بدءاً من الشعار، مروراً بغالبية ما اشتمل عليه برنامج المهرجان.
كانت رام الله ساحة لكرنفال كبير للأطفال والعائلة، اشتمل على عروض غنائية، وأخرى مسرحية، وعروض للسيرك، وعروض أفلام، إضافة إلى العروض الموسيقية، وعروض الدبكة، ومعارض الصور، والألعاب الشعبية.
واشتملت فعاليات "نوّار نيسان"، التي كان في الكثير من أماكن انتظامها يصدح صوت الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا بالأغنية التي سبق أن قدمتها للمهرجان، وغنتها مراراً في أكثر من دورة بعنوان "إجا نيسان"، على مساحات للحكواتية والقصّاصين، وأخرى ليمارس فيها الأطفال هواياتهم في الرسم، وإلقاء الشعر، والرقص التراثي، وغيرها.
وإضافة إلى ذلك، كان ثمة أنشطة تفاعلية، من بينها ذلك الذي حمل عنوان "قرى فلسطين المهجرة"، وورش فنيّة متخصصة في مجالات "التصوير"، و"النسيج"، و"الدبكة"، و"الدمى التفاعلية"، و"صندوق العجب".
وحملت الزوايا، حيث انتظمت العروض، أسماء مدن فلسطينية مهجرّة، كيافا، وعكا، وبيسان، وحيفا، إضافة إلى القدس، ونابلس، وغزة، وغيرها، فيما كان للفعاليات، تسميات ومضامين، تماس مباشر مع النكبة كمحور أساسي لهذه الدورة من المهرجان الذي شهد مشاركة كبيرة كما العادة.
ومن هذه الفعاليات، على سبيل المثال لا الحصر، عروض أفلام "وين كانت فلسطين؟"، و"كيف صارت النكبة؟"، و"ليش بيعلمونا تاريخ؟"، و"هذا البحر لي" كعنوان مقتبس من شعر محمود درويش في زاوية التصوير، وورشة صناعة "قواطع الكتب" (Book Marks) بعنوان "طابو وكوشان"، وغيرها الكثير، فيما احتضنت المحكمة العثمانية معرضاً لكتب الأطفال امتد على مدار الأيام الثلاثة وبواقع سبع ساعات كل يوم.
ولم تقتصر الفعاليات التي كانت غالبيتها العظمى في رام الله على المدينة، فبعض المؤسسات المشاركة قدّمت عروضها حيث هي، وخاصة في مدينتي القدس وحيفا، وبلدة بيرزيت، قرب رام الله.
وأشارت سالي أبو بكر، متحدثة لـ"العربي الجديد"، إلى أن محتوى البرامج المختلفة التي أنتجتها المؤسسات عكست إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة بفعاليات تتناسب والأطفال في مهرجان "نوّار نيسان"، لكن الأساس ليس إحياء هذه الذكرى فحسب، بل لكوننا، وبعد سنوات من الشراكة والعمل مع المؤسسات المختلفة في القطاع الثقافي الفلسطيني، بتنا نركز على قيم وطنية أكثر من كونها فعاليات مناسباتية، فالآن وعبر المهرجان وما سيليه في المدارس، سيتم التركيز على معنى النكبة كحدث مستمر في حياة الشعب الفلسطيني، وغيّر مسار هذا الشعب ثقافيّاً، واجتماعياً، وسياسياً، واقتصادياً، بشكل كبير، فتجليّات هذا الحدث المفصلي في عام 1948 لا تزال حاضرة في يوميّاتنا.

سينما ودراما
التحديثات الحية

ولفتت أبو بكر إلى أن كل مؤسسة من المؤسسات الشريكة في "نوّار نيسان" ركزّت على زواية ما في ما يتعلق بالنكبة ومعانيها، وعملت عليها ببرامجها المتنوعة، بحيث كان التناول بطرق إبداعية وأدوات فنية متعددة ومختلفة، ما شكل زخماً كبيراً في برنامج هذه الدورة من المهرجان.
وختمت أبو بكر حديثها لـ"العربي الجديد" بالتأكيد أن من أبرز ما يميّز المهرجان هو أن كثيراً من إنتاجاته أعدّت خصيصاً له عبر المؤسسات المشاركة، وأن بعض هذه الإنتاجات تتواصل وتتوسع، ما يؤهلها للاستمرارية، ولمزيد من الحضور على المستوى المحلي، وربّما الإقليمي أو العالمي.

جدير بالذكر أن سلسلة الفعاليات والأنشطة تمت بتنظيم مجموعة مؤسسات ثقافية من مدن فلسطينية مختلفة، هي: مؤسسة بيت بيوت في رام الله، ومركز رواق في البيرة، والعلية للعلوم والبيئة في القدس، وخزائن في القدس، ومتحف التراث الفلسطيني في القدس، ومركز يبوس الثقافي في القدس، ومركز جبل النجمة في قرية سردا، قرب رام الله، والمتحف الفلسطيني في بلدة بيرزيت، قرب رام الله، ومؤسسة النيزك في بيرزيت، وجمعية الشباب العرب في حيفا، وفيلم لاب في رام الله، ومنتدى الفنون البصرية في رام الله، ومؤسسة الكمنجاتي في رام الله، ومدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت، وبرج اللقلق في القدس، بحيث سار الجميع ما بين منظمين ومشاركين من أجيال مختلفة "على طريق البرتقال"، نحو حلم العودة إلى فلسطين الكاملة، ولو من بوابة الثقافة والفنون.

المساهمون