استمع إلى الملخص
- الاكتشاف يسلط الضوء على مجموعة Cosmic Gems Arc، أبعد مجموعة نجمية تُرصد على الإطلاق، تقع في عصر إعادة التأيّن، ما يوفر فرصة لفهم تشكل العناقيد النجمية وتأثيرها على المجرات.
- هذه الملاحظات تحفز البحث عن مجموعات كروية أخرى من الفجر الكوني، مع تلسكوب جيمس ويب كأداة رئيسية، والترقب لوصول التلسكوب الكبير جدًا (ELT) لفهم العمليات الفيزيائية في المجرّات البعيدة.
قلبت النتائج الأخيرة التي توصل إليها تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) النظريات الموجودة حول الكون المبكر، مما يوفر رؤى جديدة حول كيفية تشكل المجرّات خلال الفجر الكوني.
ولاحظ علماء فلك عناقيد نجمية في الكون كثيفة للغاية لدرجة أن كتلتها وضوءها لعبا دوراً رئيسياً في تطوّر مجرّتها عند الفجر الكوني، بحسب ما أظهرته دراسة نشرتها مجلة نيتشر الاثنين. وتقول الأستاذة في قسم علم الفلك في جامعة استوكهولم أنجيلا أدامو لوكالة فرانس برس: "إنه أمر مثير للإعجاب، فنحن لا نرى شيئاً كهذا في الكون المحلي" المعاصر. وحددت الدراسة التي أجرتها أدامو مع فريق دولي خمس مجموعات أولية كروية ذات خصائص لافتة، في مجرّة قزمة من العصور المبكرة للكون، بعد 460 مليون سنة من الانفجار الكبير.
واكتُشفت مجموعة Cosmic Gems Arc (قوس الجواهر الكونية) عام 2018 من خلال صور التقطتها تلسكوب هابل الفضائي، وهي الأبعد التي تُرصد على الإطلاق، إذ تبعد أكثر من 13.2 مليار سنة ضوئية، في أوج ما يسمى بعصر إعادة التأيّن، عندما يضيء النشاط المكثف للنجوم والمجرّات الأولى الكون.
وهذا الفجر الكوني هو أحد المجالات التي يحاول سبر أغوارها تلسكوب جيمس ويب الفضائي الجديد، الذي يتمتع بقدرة رصد أكثر حدّة من "هابل". فحين كان الأخير يرصد ما اعتبره قوساً خافتاً من الضوء الأحمر، كان التلسكوب جيمس ويب يكشف عن "مجرّة صغيرة جداً، بها عناقيد نجمية صغيرة جداً بداخلها"، وفق أدامو.
وتوضح أديلايد كلايسنس، الباحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في قسم علم الفلك في استوكهولم، وهي من الموقعين على الدراسة، لوكالة فرانس برس: "هذه أول مرة نستطيع فيها رصد هذا النوع من الأجسام على هذه المسافة"، وبالتالي بهذا العمر الكبير. وتشير إلى أن هذه الملاحظة يجب أن تساعد في فهم "تكوين العناقيد النجمية التي لا نزال نلاحظها في الكون القريب، والتي أصبحت قديمة جداً، وتأثيرها على تكوين المجرّات".
وتوضح أدامو "في مجرّتنا درب التبانة نرى حوالى 170 عنقوداً كروياً، لكن كانت هناك الآلاف منها"، قبل أن تتفرق أو تتفكك بسبب توسع المجرّة. لكن بشكل رئيسي، فإن الأجسام التي صمدت داخل قرص درب التبانة لا تزن كثيرا، إذ إن كتلتها "ضئيلة" مقارنة بالنجوم التي تسكنها.
وعلى العكس من ذلك، فإن العناقيد النجمية الخمسة التي رُصدت في Cosmic Gems Arc لها ثقل حقيقي، وتمثل معاً حوالي 30% من كتلة المجرّة، "وهذا يخبرنا أن الكون كان مختلفاً تماماً" في ذلك الوقت، بحسب عالمة الفلك.
مجموعة العناقيد النجمية الكثيفة للغاية هذه تتركز في قطر صغير جداً، أي أقل من السنوات الضوئية الأربع التي تفصل تقريباً شمسنا عن أقرب نجم لها، "بروكسيما سنتوري". وتقول أدامو "تخيلوا أن هناك مليون نجم" في هذا الفضاء.
وتبلغ كتلة هذه المجموعة التي تضم نجوماً ضخمة ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف مرة كتلة الشمس، وفق دراسة حديثة أجرتها جامعة جنيف. وتوضح أدامو: "نعلم أن هذه النجوم الضخمة تنتج الكثير من الإشعاع، وأنها بذلك تؤثر على الطريقة التي تشكل بها المجرّات النجوم وكيفية توزيع الغاز حول المجرّات".
وبالطريقة عينها، كوّنت هذه النجوم الضخمة جداً، في نهاية حياتها القصيرة، ثقوباً سوداء، يمكن أن يكون بعضها أجساماً فائقة الكتلة موجودة اليوم في قلب مجرّات عدة.
وتفتح هذه الملاحظات "ما يشبه النافذة" على نشأة المجرّات، وفق علماء الفلك المشاركين في الدراسة. ولمعرفة المزيد، سيكون من الضروري العثور على مجموعات كروية أخرى في المستقبل عائدة إلى وقت الفجر الكوني للتمكن من دراستها بمزيد من التفصيل.
و"سيساعد جيمس ويب في العثور على بعضها"، وفق أدامو، لكن علماء الفلك ينتظرون وصول ELT - Extremely Large Telescope (التلسكوب الكبير جداً) من المرصد الأوروبي الجنوبي "للمساعدة في فهم العمليات الفيزيائية التي تحدث في هذه المجرّات". ويتطلب ذلك "خمس سنوات أخرى من الانتظار"، قبل أن نفهم بشكل أفضل ما كان يحدث منذ أكثر من 13.2 مليار سنة.
(فرانس برس، العربي الجديد)