ميغان ماركل... كيف تصبحين أميرة بفلاتر إنستغرام؟

27 ديسمبر 2022
ميغان ماركل في جنازة الملكة إليزابيث (توم جنكيز/ Getty)
+ الخط -

لم يوفر أحد الفرصة لانتقاد ميغان ماركل والأمير هاري، بعد أن بثت منصة نتفليكس، أخيراً، المسلسل الوثائقي "هاري وميغان" (Harry & Meghan)، إذ تدفقت النصوص والمقالات والمنشورات والتغريدات من بريطانيا والولايات المتحدة، ومختلف أنحاء العالم، لتتحول ميغان إلى عدو الجميع، وتتراوح الآراء بين النقد الجدي لصورتها عن نفسها وعلاقتها مع العائلة الملكية وما يصل إلى حد الشتائم، التي تصفها بالاستغلالية، ومن ضيعت مستقبل هاري محاولةً التشبه بالراحلة الأميرة ديانا. لكن، كل هذا لا يهمنا، ما يهمنا هو العبارات التي ظهرت في الحلقة الأولى، تلك العبارات التي تصف كيفية تعرُّف هاري إلى ميغان، وما تختزله من معان رمزية وأثر على الجيل الحالي، أسير الشاشات.
حسب الوثائقي، لفتت ميغان انتباه هاري أثناء تصفحه إنستغرام. هنا، نراه أمام الكاميرا كيف يقلد نفسه وهو يتصفح إنستغرام حين وقعت عيناه على ميغان، ليخبرنا بعدها كيف شدت انتباهه، وقرر التواصل معها. هذا الحدث بالضبط هو ما يثير اهتمامنا، ويمكن أن نقرأه بالشكل الآتي: كان الأمير جالساً يتصفح إنستغرام، فوقعت عيناه على إحداهن، ليقرر التواصل معها. فرحت الفتاة التي لم تكن أكثر من ممثلة ذات مسيرة مهنية متواضعة، وقالت لنفسها: وأخيراً، لفتّ انتباه الأمير.


المريب في الحكاية، وما يدفع للتأمل، أن التعارف تم عبر إنستغرام، أي أن لحظة اللقاء الأول كانت عبر منصة، تدعي أنها تعمل على تصحيح سلوكها، والوقوف بوجه الإعجابات والسعي لنيل الرضا الذي يلتهم عقول المستخدمين الساعين للشهرة السريعة. منصة تسعى، حسب قولها، لإنقاذ الفتيات من أزمة صورة الذات، تلك التي تعرضت للتهديد وأثرت على اللحم نفسه، فكما نعلم هناك الآن مجموعة من عمليات التجميل التي تتطابق مع الفلاتر. أي بصورة أخرى، هذه المنصة مساحة استعراض شديدة الخطورة، وذات اقتصاد قائم على جذب الانتباه بأي ثمن ممكن.
ضمن السياق السابق، تظهر حكاية ميغان ماركل بوصفها تحقيقاً لحلم طفولي، حلم قديم قدم فن الحكاية نفسه. فحواه أن الفتاة قد تقع تحت أعين أمير ما، ينتشلها مما هي فيه، ويأخذها بعيداً عن "الرعية" نحو عالم "الملوك". وهنا بالضبط المشكلة، حكاية التعارف بين ميغان وهاري تؤكد أن حلما كهذا ممكن التحقيق، ضمن بيئة شديدة السميّة والخطر تسمى إنستغرام. هذه الحكاية تؤكد أنه بشكل من الأشكال، يمكن لإنستغرام أن يكون بوابة نحو الأمير والملكية.
تتردد أصداء "الحلم بالأمير" في الحلقة الأولى ذاتها، تلك التي يُعرض في بدايتها على ميغان وهاري تسجيل تظهر فيه ميغان ضمن برنامج تلفزيوني مبتذل عام 2015، أي قبل عام من لقائها بهاري، تسألها فيه المذيعة: من هو الأمير الذي تفضل أن تتزوجه، ويليام أم هاري؟ فتجيب ماركل بأنها لا تعرف، ثم تضحك وتختار بعدها هاري، وكأن الأمر بعيد المنال، أو حكاية خرافية من نوع ما.
يستعرض الوثائقي أمامنا صور ميغان على إنستغرام، لكن ما لفت انتباه "الأمير" بدقة، هو فيديو لها وهي تستخدم فلتر الكلب الشهير، أي لها أذنا ولسان كلب. هذا الموقف نفسه، والرهان على انتباه "الأمير" و"المصادفة" والفلتر هو الخطير، وإن جردنا الحادثة من السياق، تصبح حكاية خرافية مفادها: "استخدمي الإنستغرام مهما استطعتِ، وانشري صورك في كل مكان، واستخدمي كل الفلاتر والتعديلات، السخيفة والاحترافيّة، الجديّة والساخرة، لأنه من الممكن، أن تجذب واحدة من هذه الصور انتباه أمير ما في مكان ما، ويمكن حينها أن يتحقق الحلم وتتحولي إلى أميرة".

سينما ودراما
التحديثات الحية

لن نخوض في معركة ميغان وهاري مع الأسرة الحاكمة ولا سياقها، لكن من الممكن أن تتكرر الحكاية. عدد الأمراء في العالم كبير، ومن الممكن لإحداهن بفلتر أو بلا فلتر أن تجذب انتباه أحدهم، وتتحول إلى أميرة، وتقبل حياة الرفاه الملكية بشرط الانصياع لأعراف الأسرة الحاكمة. وهنا تكمن المشكلة؛ إنستغرام كبوابة نحو الملكية أمر سيهدد صورة الذات أكثر وأكثر لدى مستخدماته، بل وقد نرى أنفسنا أمام حكايات أشد غرابة من حكاية ميغان وهاري، حكايات لا نعلم إثرها ما الذي قد تُقدم عليه إحداهن في سبيل جذب انتباه أمير ما.

المساهمون