ميتا تواصل قمع المحتوى الفلسطيني: التعزية بهنية ممنوعة

02 اغسطس 2024
خلال تظاهرة مناصرة للفلسطينيين في واشنطن، 8 نوفمبر 2023 (مصطفى باسم/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **استهداف الأصوات الفلسطينية من قبل ميتا**: تواصل ميتا استهداف الأصوات الفلسطينية على فيسبوك وإنستغرام، مما أثار انتقادات واسعة بعد حذف رسائل تعزية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.

- **ردود الفعل الدولية على رقابة ميتا**: حجبت تركيا إنستغرام، وانتقد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم ميتا بشدة، مطالباً بتوضيح واعتذار بعد حذف منشورات تتعلق بلقاءات مع قادة حماس.

- **الخلط بين الصهيونية واليهودية**: طالب تحالف يضم 73 منظمة دولية ميتا بالامتناع عن فرض رقابة على انتقاد الصهيونية، ودعا مجلس الرقابة إلى إنهاء الحظر الشامل على كلمة "شهيد".

تواصل شركة ميتا المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام" استهداف الأصوات الفلسطينية على منصتيها، علماً أن تقارير حقوقية محلية ودولية عدة أكدّت، منذ ما قبل بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، أنها تعمل على إسكات الأصوات الداعمة لفلسطين وحقوق الإنسان الفلسطيني.

وبعد استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، فجر الأربعاء الماضي، في مقر إقامته في طهران، لاحقت "ميتا" كل رسائل التعازي. وانتقد ناشطون ومسؤولون حول العالم هذه الرقابة الممنهجة التي تفرضها الشركة الأميركية العملاقة.

تركيا تحجب "إنستغرام": رقابة واضحة وجلية

ورداً على هذه الرقابة، حجبت تركيا، صباح الجمعة، "إنستغرام" من دون إعطاء تبرير. وأفاد العديد من مستخدمي الإنترنت في تركيا عبر منصة إكس بأنه لا يمكنهم الدخول إلى صفحاتهم على "إنستغرام"، وهو ما لاحظه صحافيو وكالة فرانس برس أيضاً.

ونشرت هيئة الاتصالات التركية على موقعها الإلكتروني قراراً يفيد بأنه "تم حجب إنستغرام.كوم بقرار صادر في الثاني من أغسطس/ آب"، من دون أي تفاصيل إضافية.

وكان رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون انتقد المنصة بشدة الأربعاء، مؤكداً أنها "تمنع الناس من نشر رسائل تعازي" برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بعد اغتياله الأربعاء. وكتب ألطون عبر "إكس": "إنها محاولة رقابة واضحة وجلية".

رئيس الوزراء الماليزي: ميتا أداة للنظام الصهيوني القمعي

اتهم رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الخميس، شركة ميتا بـ"الجُبن" وبكونها "أداة للنظام الصهيوني القمعي"، بعد حذف منشور له على "فيسبوك" بشأن اغتيال إسماعيل هنية، وذلك في أحدث خلاف بين الحكومة الماليزية والشركة بشأن المحتوى المحظور.

وفي منشور على "فيسبوك"، انتقد رئيس الوزراء الماليزي شركة ميتا بعد أن حذفت مرة أخرى مقاطع فيديو ورسائل تعزية وانتقادات بشأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وكتب: "إنه من غير المعقول اعتبار منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تكرّم مناضلاً يناضل من أجل تحرير وطنه من القهر والمعاناة أمراً خطيراً". وأضاف في منشوره: "لتكن هذه رسالة واضحة لا لبس فيها إلى ميتا: توقفوا عن مثل هذا الجُبن، وتوقفوا عن التصرف باعتباركم أداة للنظام الصهيوني القمعي الإسرائيلي". 

وكان أنور قد نشر مقطع فيديو مسجلاً لاتصال هاتفي مع قيادي في حركة حماس لتقديم التعازي في استشهاد إسماعيل هنية، لكنه حذف في وقت لاحق. وكشف فحص على حساب رئيس الوزراء الماليزي على موقع إنستغرام أن ثلاثة منشورات له، يدين فيها اغتيال هنية في إيران، بالإضافة إلى صور للقائهما، قد حذفت من تطبيق التواصل الاجتماعي، وكانت إزالة المنشورات مصحوبة بعبارة "أفراد ومنظمات خطرة".

والأربعاء، أدان مكتب رئيس الوزراء قيام "ميتا" مرة أخرى بحذف منشور لاجتماع أنور مع قادة "حماس" في قطر في مايو/ أيار الماضي من "إنستغرام". وذكرت شعبة الإعلام والاتصال الاستراتيجي في مكتب رئيس الوزراء الماليزي، في منشور لها على "فيسبوك"، أن هذا الإجراء يظهر بوضوح التمييز ضد الوضع في فلسطين وقياداتها. وجاء في البيان الذي نشر أيضاً على الحسابات الرسمية لرئيس الوزراء على مواقع التواصل الاجتماعي: "نطالب بتوضيح بخصوص هذا الأمر، ونحث ميتا على الاعتذار". وصرح وزير الاتصالات الماليزي فهمي فاضل بأنه جرى طلب توضيح من "ميتا". ولم يُكشف عما إذا كان المنشور قد أزيل تلقائياً أم بعد شكوى.

وتصنف "ميتا" حركة حماس "منظمةً خطيرةً"، وتحظر المحتوى الذي يشيد بالحركة. كما تستخدم مزيجاً من الرصد الآلي والمراجعة البشرية لإزالة أو وضع علامات على المحتوى المرئي.

وكانت ماليزيا قد تقدمت بشكوى قبل ذلك لشركة ميتا بسبب حذف محتوى، بما في ذلك تغطية إعلامية محلية لاجتماع أنور الأخير مع هنية، والتي جرت استعادتها في وقت لاحق.

"ميتا" تخلط بين الصهيوني واليهودي

يذكر أنه في فبراير/ شباط الماضي، طالب تحالف يضم 73 منظمة دولية شركة ميتا بالامتناع عن فرض رقابة على انتقاد الصهيونية على منصاتها. وتوجّهت الرسالة، التي نشرها موقع ذا واير، إلى رئيس الشركة مارك زوكربيرغ، وجاء فيها: "نحن نشعر بقلق عميق إزاء المراجعة التي اقترحتها شركة ميتا لسياسة خطاب الكراهية الخاصة بها في ما يتعلق بمصطلح الصهيوني، وإمكانية التعامل معه باعتباره مرادفاً لليهود و/أو الإسرائيليين، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى فرض قيود شديدة على الخطاب والنقاش السياسي المشروع". وذكّرت الرسالة بأنه "لا يمكن فصل الصهيونية عن الأيديولوجيا السياسية للصهيونية، وكلا المصطلحين مختلف عن الهويات اليهودية و/أو الإسرائيلية".

وشددت على أنّه "من شأن السياسة المقترحة أن تسيء إلى وصف المحادثات حول الصهاينة، ومن ثم الصهيونية، على أنها معادية للسامية بطبيعتها، ما يضرّ بمستخدمي ميتا ويقوّض الجهود المبذولة لتفكيك معاداة السامية الحقيقية وجميع أشكال العنصرية والتطرف والقمع". وأكّدت أن هذا التوجه "سيشجع أيضاً على الخلط غير الصحيح والضار بين انتقاد أفعال دولة إسرائيل ومعاداة السامية".

وفي السياق نفسه، دعا مجلس الرقابة في "ميتا"، في مارس/آذار الماضي، الشركة إلى إنهاء الحظر الشامل على الكلمة العربية "شهيد"، بعد مراجعة استمرت عاماً، وخلصت إلى أن نهج الشركة المالكة لمنصة فيسبوك كان "مبالغاً فيه" وحجب من دون داعٍ كلام ملايين المستخدمين.

وقال المجلس، الذي تموّله "ميتا"، ولكنه يعمل بشكل مستقل، إن شركة التواصل الاجتماعي العملاقة ينبغي أن تزيل المنشورات التي تحتوي على كلمة "شهيد" فقط عندما تكون مرتبطة بعلامات واضحة على العنف، أو إذا كانت تنتهك بشكل منفصل قواعد أخرى. في المقابل، أعلنت "ميتا"، في يوليو/ تموز الماضي، عن تحديث جديد لسياسة منصاتها يقرّ تقيّيد استخدام مصطلح الصهيونية في منشورات المستخدمين باعتباره "خطاب كراهية" و"معاداةً للسامية". وأكدت أنها ستزيل المحتوى الذي ينتقد "الصهاينة"، "عندما لا يشير (التعبير) بشكل واضح إلى الحركة السياسية". أضافت في بيان على موقعها أن قرارها يأتي بناءً على "استشارات استمرت أشهراً حول غايات وطبيعة استخدام كلمة صهيوني على منصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب التابعة لشركة ميتا". وشدّدت الشركة على ضرورة التمييز بين استخدام "كلمة صهيوني في إطار النقاشات السياسية المشروعة" وبين استخدامها وسيلةً "لترويج الكراهية ضد الأفراد"، مؤكدةً أنّها لن تسمح باستخدام مصطلح صهيوني في المنشورات "المحرضة على العنف" ضد اليهود والإسرائيليين، وستزيلها من على منصاتها.

وفي بيان أصدره مع تسع منظمات وجمعيات حقوقية، ندّد مركز حملة الفلسطيني حينها بتجاهل "ميتا" ومنصاتها توفير "الحماية الكافية للفلسطينيين من خطاب الكراهية والعنف، والذي أدّى إلى انتشار ملايين المضامين التي تحرض على العنف وخطاب الإبادة الجماعية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة".

كذلك نبّه إلى أنّ تحديث السياسة ينطوي على "مخاطر تقييد مفرط لحرية التعبير وخنق النقد السياسي المشروع للصهاينة والصهيونية من خلال خلط غير دقيق بمعاداة السامية". واعتبر البيان أنّ القرار الأخير هو "أحدث مثال على استسلام المديرين التنفيذيين لشركة ميتا للضغوط الخارجية من لوبيات داعمة لإسرائيل". ولفت إلى أنّ هذه اللوبيات عملت "بشكلٍ منهجي على توظيف جهود مكافحة معاداة السامية سلاحاً" من أجل "إسكات الرواية الفلسطينية" و"لمنع أي دعوات لوقف حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة". وأشار إلى أنّ "تحديث السياسة هذا لا يمثل خلطاً كاملاً بين الصهيونية واليهودية، إلا أننا نشعر بأن التماثل الكامل اقترب بشكلٍ خطير، وستكون له آثار سلبية للغاية على الحقوق الرقمية في المستقبل".

المساهمون