"ميتا" تفشل باكتشاف تحويلات مالية لقاء استغلال الأطفال جنسياً

15 مارس 2024
واجهت الشركة اتهامات عبر السنوات بعدم بذل جهد كاف لمواجهة هذه الظاهرة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تقرير "ذا غارديان" يكشف فشل "ميتا" في الكشف عن استغلال جنسي للأطفال وتحويلات مالية مقابل محتوى جنسي للقاصرين عبر ماسنجر وميتا باي، مع الإشارة إلى قضية بنسلفانيا كمثال.
- وثائق المحكمة تظهر عدم كفاءة "ميتا" في رصد التحويلات المالية المشبوهة والمحتوى الجنسي المسيء للأطفال، مما يعكس ضعف الرقابة والإجراءات الوقائية للشركة.
- مشكلات في التواصل والتدريب داخل فرق "ميتا" وتعقيدات بسبب تشفير المحادثات في "ماسنجر" تعرقل جهود مكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال، مع انتقادات من خبراء سلامة الأطفال.

تحدث تقرير لصحيفة ذا غارديان البريطانية، الخميس، عن فشل شركة ميتا في الكشف عن حالات استغلال جنسي للأطفال وعن تحويلات مالية مقابل محتوى جنسي للقاصرين، عبر تطبيقيها ماسنجر وميتا باي.

وبدأت ملابسات القضية بالظهور، بعد إلقاء الشرطة الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني القبض على امرأة في بنسلفانيا متورطة بإرسال محتويات جنسية ومسيئة لثلاثة أطفال كانوا برعايتها عبر تطبيق ماسنجر، مقابل مبالغ مالية كانت تتلقاها عبر تطبيق ميتاباي.

تسمح خدمة ميتاباي، التي عرفت سابقاً باسم "فيسبوك باي"، للمستخدمين بتحويل الأموال عبر الشبكات الاجتماعية للشركة، بعد إضافة معلومات بطاقاتهم الائتمانية أو حساباتهم على تطبيق باي بال.

وقال متحدّث باسم ميتا، للصحيفة البريطانية، إن الشركة سبق وأن أبلغت السلطات عن مدفوعات عبر "ميتاباي"، يشتبه في أنها مرتبطة بعمليات الاستغلال الجنسي للأطفال، وأضاف: "الاستغلال الجنسي للأطفال جريمة مروعة. نحن ندعم سلطات إنفاذ القانون في جهودها لملاحقة المجرمين قضائياً والاستثمار في أفضل الأدوات وفرق الخبراء للكشف عن الأنشطة المشبوهة ومواجهتها".

لكنّ مشرفين على المحتوى في "ميتا" أكّدوا لـ"ذا غارديان" أن الشركة لطالما فشلت في كشف التحويلات المالية التي ترسل مقابل مواد تتضمن إساء معاملة أو استغلالاً جنسياً للقاصرين.

"ميتا" تفشل في رصد المحتوى المخالف

أظهرت وثائق المحكمة في قضية بنسلفانيا أن ممارسات السيدة التي سجلت المقاطع الإباحية والشخص المشتري، لم تُرصد أو تُكشف بواسطة "ميتا". كان المشرفون على تطبيق كيك ماسنجر هم من أبلغ عن قيام المشتري بتحميل فيديو يشتبه في أنه يتضمن مواد تتضمن اعتداءً جنسياً على الأطفال، ممّا أدى إلى فتح الشرطة لتحقيق، كشف في النهاية شراءه لثمانية مقاطع فيديو وخمس صور من السيدة عبر تطبيق فيسبوك ماسنجر.

فشل الشركة في رصد هذه المواد، ليس حكراً على هذه الحادثة، بحسب ما قاله لـ"ذا غارديان"، مشرفان سابقان على المحتوى، عملا في "ميتا" بين العامين 2019 و2022. أشار الثنائي، اللذان لم يكشفا عن اسميهما، إلى أنّهما شاهدا معاملات وتحويلات مالية مشبوهة عبر تطبيق ميتا، وعلى الرغم من شكّهما بأنها مرتبطة بمحتوى يتضمن استغلالاً جنسياً للأطفال، إلا أنّهما لم يملكا دليلاً للتواصل مع فرق الامتثال في "ميتا باي" للتحقق من ذلك.

وأشارت الصحيفة إلى أن المبالغ المدفوعة لقاء الحصول على محتويات مسيئة للأطفال لا تتجاوز المئات من الدولارات، وفي أحيانٍ أخرى قد تكون الأرقام أقل من ذلك. بحسب المشرف السابق، نادراً ما تخضع الشركة مبالغ صغيرة من هذا النوع للمراجعة بواسطة أنظمتها، ممّا يعني أن المدفوعات المرتبطة بأنشطة غير مشروعة قد تتم من دون ملاحظتها.

وعلى الرغم من أن "ميتا" تملك فريقاً يضم حوالي 15000 مشرف مكلفين بمراقبة منصاتها بحثًا عن المحتوى المسيء وغير القانون، إلا أن مراقبي تحويلات "ميتا باي" لا يتلقون أي تدريب متخصص للكشف عن تدفق الأموال التي يمكن أن تكون مرتبطة بالاتجار بالبشر والإبلاغ عنها، بحسب ما قاله أحد المشرفين السابقين على المحتوى الذي تحدثت معهم "ذا غارديان".

وردّ متحدث باسم الشركة قائلاً أنّ "مشرفيها يتلقون تدريباً أولياً ومستمراً حول كيفية اكتشاف الأنشطة المشبوهة المحتملة، والتي تتضمن علامات محتملة للاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال"، مضيفاً: "يتم تحديث برنامجنا بانتظام ليعكس أحدث الإرشادات من منظمي الجرائم المالية وخبراء السلامة".

اتهامات قديمة

واجهت "ميتا" في السابق اتهامات عديدة، بسبب فشلها في مواجهة استغلال الأطفال جنسياً عبر منصاتها، كان أحدثها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حين قدم مكتب المدعي العام في ولاية نيو مكسيكو دعوى قضائية ضد الشركة، تتهمها بأن منصتيها فيسبوك وإنستغرام، تشكلان "أرضاً خصبة" للمتحرشين الذين يستهدفون الأطفال.

وعلى الرغم من أن "ميتا" لم تقدّم خدمة التشفير الشامل في "ماسنجر" سوى نهاية العام الماضي، إلّا أن المشرفين على المدفوعات لم يتمكنوا قبل ذلك التاريخ من الوصول إلى مضمون محادثات المستخدمين الذين يرسلون أو يتلقون دفعات مالية مشبوهة.

وكانت الموظفة السابقة في "فيسبوك"، فرانسيس هوغن، التي نشرت عشرات الآلاف من الوثائق التي تفضح طرق عمل الشركة عام 2021، قد انتقدت رقابة الشركة على التحويلات المالية، معتبرةً أنه "إذا كانت إدارات المنصات مهتمة فعلاً بالحفاظ على سلامة الأطفال، لكان باستطاعتها القيام بذلك".

وأشارت "ذا غارديان" إلى أن "ميتا باي"، تخضع باعتبارها شركة خدمات مالية للوائح المصرفية الأميركية لمكافحة غسل الأموال، والتي تفرض على الشركات الإبلاغ عن حالات التمويل غير المشروع إلى شبكة مكافحة الجرائم المالية لتابعة لوزارة الخزانة الأميركية، ممّا قد يعرضها للملاحقة القانونية في حال ثبوت فشلها في التبليغ عن التحويلات المشبوهة.

ضعف التواصل وتشفير المحادثات

وبحسب "ذا غارديان"، يلعب ضعف التواصل بين فرق الرقابة في منصات "ميتا" المختلفة دوراً في تسهيل التحويلات المشبوهة المرتبطة بالاستغلال الجنسي للأطفال، وهو الأمر الذي قد يزداد سوءاً مع إطلاق الشركة خدمة التشفير إلى المحادثات.

أشار مشرفون سابقون على المحتوى في "ميتا" إلى أنهم لم يتمكنوا من التواصل مع المراقبين في "ميتا باي" بشأن المعاملات المشبوهة التي لاحظوها، وقال أحدهم لـ"ذا غارديان" إنّه "لم يُسمح" لهم بالاتصال بموظفي فيسبوك أو غيرها من المنصات، "من دون أن يوضح لهم المدراء السبب وراء ذلك".

كذلك، قالت المديرة التنفيذية لتحالف مكافحة الجريمة عبر الإنترنت، غريتشن بيترز: "لقد سمعنا من المشرفين في ميتا أنهم يمكنهم رؤية حدوث سلوك غير قانوني، لكن ليس لديهم طريقة لتوصيل ما يرونه داخلياً إلى المشرفين في ميتا باي".

ورفض متحدث باسم الشركة الحديث عن "وجود نقص في التواصل بين فرق الإشراف والرقابة".

بعد إضافة ميزة التشفير الشامل للمحادثات إلى "ماسنجر" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، صار محتوى جميع الرسائل محجوباً عن أي شخص، باستثناء المرسل والمرسل إليه، عن طريق تحويل النصوص والصور إلى شفرات غير قابلة للقراءة.

لكن ذلك، وبقدر ما يحمي الخصوصية فإنّه قد يؤثر على قدرة الشركة في مواجهة المعاملات غير المشروعة عن طريق "ميتا باي"، وفقاً لـ"ذا غارديان". عرّض ذلك الشركة لانتقادات واسعة من خبراء سلامة الأطفال، الذين وجدوا في تشفير المحادثات عقبة في وجه الجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالجنس والاستغلال الجنسي للأطفال، ورأوا أنّه يسهل، ولو عن غير قصد، الأنشطة غير القانونية.

المساهمون