مهرجان كرامة في عمّان: 99 فيلماً من جنوب العالم

04 ديسمبر 2024
يركز عدد من الأفلام على قطاع غزة ولبنان، غزة في 17 أكتوبر 2024 (محمود عيسى/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التركيز على العدالة والإنسانية: مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في دورته الـ15 يسلط الضوء على قضايا العدالة لشعوب جنوب العالم، مع التركيز على الهجرة، الاستعمار، والعدالة البيئية من خلال أفلام وثائقية وروائية وتحريكية.

- اختيار الأفلام والمشاركة العالمية: يشارك في المهرجان 99 فيلماً من دول مثل فلسطين ولبنان وأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، مما يعكس قضايا مثل الاحتلال والفقر والهجرة، مع التركيز على المقاومة والأمل في التغيير.

- أفلام مميزة وقصص ملهمة: يفتتح المهرجان بفيلم "حالة عشق: دكتور غسان أبو ستة"، وتتنوع الأفلام بين الوثائقية والروائية والتحريكية، مما يضيف أبعاداً درامية وإنسانية للواقع.

مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان ينطلق في عمّان يوم الخامس من الشهر الحالي، ويستمر حتى الـ13 منه. على مدار 15 عاماً، لم يكن المهرجان مجرد منصة لعرض الأفلام، بل فضاء لإعادة تعريف دور السينما وسيلةً للنضال وأداةً للتغيير.
السينما، بقدرتها على رواية القصص بصور وحكايات، تتحول إلى مرآة للمجتمع، فتكشف قضاياه، وتعري تناقضاته، وتفتح نافذة لفهم ما هو مخفي خلف عناوين الأخبار والسياسات الرسمية. هذه الأفلام تمثّل شهادات حية، تسلط الضوء على قضايا الهجرة، والاستعمار، والعدالة البيئية، والهوية الثقافية. في مهرجان كرامة، تصبح هذه الأفلام أدوات حوار عالمي، إذ يتقاطع الفن مع الحقوق، ويتشابك الجمال البصري مع الحقيقة القاسية.

مهرجان كرامة 2024: العدالة لشعوب جنوب العالم

في دورته الـ15، ينعقد مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان تحت شعار "العدالة لشعوب جنوب العالم"، مسلطاً الضوء على أصوات المهمشين والمقاومين، مع استعراض مجموعة مختارة من الأفلام التي تتنوع بين الوثائقي والروائي، وأخرى قصيرة وتحريكية. تلك الأفلام ليست فقط قصصاً تروى، بل تجارب إنسانية تعبر الحدود، تجسد مقاومة الشعوب ضد الظلم، وتطرح الأسئلة الأهم: كيف يمكن للعدالة أن تتحقق؟

في تصريح لـ"العربي الجديد"، أوضحت مديرة التظاهرة، سوسن دروزة، أن مهرجان كرامة يسعى إلى توثيق القضايا المسكوت عنها وأضافت: "السينما ليست مجرد أداة فنية، بل هي صوت قادر على كسر الحواجز وإعادة إحياء القضايا المطموسة. ما يحدث اليوم في فلسطين ولبنان، من إبادة جماعية وظلم دولي، هو انعكاس لمعاناة أوسع تشمل شعوب جنوب العالم. نحن هنا لنروي هذه الحكايات ونسلط الضوء على الحقائق التي تُغيبها السياسة والمصالح الدولية".

أما المدير الفني للمهرجان، إيهاب الخطيب، فأشار إلى أن اختيار الأفلام المشاركة جاء بدقة ليعبر عن هذه الثيمة. وقال: "نحن ندرك أن السينما لن تحل المشكلات العالمية، لكنها تفتح أبواب النقاش. اختيارنا انصبّ على أفلام تسجيلية، لأنها تقدم الواقع كما هو. الأعمال الفلسطينية واللبنانية، إلى جانب الأفلام الآتية من دول جنوب العالم، تعكس قضايا مشتركة تتجاوز الحدود، من الاحتلال إلى الفقر، ومن الهجرة إلى الاستغلال".

وعد الخطيب ودروزة بأن يقدم المهرجان تجربة سينمائية مكثفة من خلال 99 فيلماً، موزعة بين عروض أساسية وماراثون سينمائي سيُقام يوم الثالث عشر من هذا الشهر. هذا الكم الكبير من الأفلام يهدف إلى خلق حوار شامل يجمع بين قصص محلية وأخرى عالمية، ما يتيح للجمهور فرصة لفهم القضايا الإنسانية من زوايا متعددة.

أفلام من فلسطين ولبنان وأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية

لأن الثيمة المركزية لهذه الدورة تسلط الضوء على تشابه المعاناة بين شعوب منطقتنا وشعوب جنوب العالم، أوضح الخطيب أن الأفلام المختارة تقدم مقارنة بين قضايا الاحتلال والاستعمار التي تواجهها فلسطين ولبنان، وبين ما تعانيه مجتمعات أخرى في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، لأن "هذه الأفلام ليست مجرد قصص فردية، بل هي مشاهد توحد بين التجارب الإنسانية. نحن نعرض معاناة، ولكننا أيضاً نعرض مقاومة، أملاً في تحفيز التغيير". وأردفت دروزة قائلة: "لا نعلم ما إذا كان بإمكاننا إحداث تغيير حقيقي، لكننا نؤمن بأهمية المحاولة. السينما قادرة على أن تكون منبراً للعدالة، ونحن هنا لنمنح هذا الصوت المساحة التي يستحقها".

سينطلق المهرجان مع فيلم "حالة عشق: دكتور غسان أبو ستة"، للمخرجتين كارول منصور ومنى خالدي، لتفتتح دورة هذا العام بقصة وثائقية تتناول العلاقة العاطفية المعقدة بين الإنسان ووطنه، خاصة في ظل الحروب والهجرات القسرية. العمل يغوص في التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأفراد.

سينما ودراما
التحديثات الحية

فيما تجسد الأفلام الوثائقية في هذه الدورة الحقيقة سلاحاً بصرياً يواجه الظلم ويعكس نضالات الشعوب. على سبيل المثال، يصوّر فيلم "رحنا بس ما رحنا"، للمخرجة لولوا خوري، التمزق الداخلي للمغتربين اللبنانيين بين الحنين للوطن والاندماج في حياة جديدة، مع تصوير متنقل بين بيروت ونيويورك، يبرز أسئلة حول الهوية والانتماء. أما "ذاكرة مهمشة" للمخرجة حياة لبن، فيسرد النضال الفلسطيني من خلال أرشيف المصور محفوظ أبو ترك، موثقاً تحديات الصحافة في مواجهة الاحتلال. ومن البرتغال، يروي فيلم "سفانا والجبل"، للمخرج باولو كارنييرو، قصة سكان قرية يقاومون مشروع تعدين يهدد أراضيهم وبيئتهم، بينما يعكس "في ظل بيروت" للمخرجين ستيفن جيرارد كيلي وجاري كين تفاصيل الحياة في أحياء صبرا وشاتيلا، متتبعاً أربع عائلات تكافح للبقاء وسط انهيار اقتصادي خانق. ويأخذنا "الملتقطون" للمخرجة إلكه ساس في رحلة إلى الحقول الأوروبية، موثقاً معاناة العمال المهاجرين الذين يعملون في ظروف غير إنسانية، مسلطاً الضوء على الاستغلال في النظام الاقتصادي العالمي.

أما الأفلام الروائية، فتضيف أبعاداً درامية للواقع، ليعكس فيلم "المتعاون" للمخرج ترافيس هودجكينز مأساة شاب كشميري يجبر على جمع بطاقات هوية القتلى في صراع حدودي، كاشفاً التأثير النفسي للحرب. فيلم "آمنة" للمخرج شماخ بوسلامة يروي تقاطع حياة عالم نباتات سويسري ولاجئة تونسية وابنتها أثناء محاولة عبور الحدود، مجسّداً التحديات النفسية والإنسانية للهجرة. بأسلوب بسيط وعاطفي، يقدم "سعادة عابرة" للمخرج سينا محمد قصة زوجين مسنين يكتشفان الحنان لأول مرة بعد عقود من الصمت والجفاء. أما "فانون" للمخرج جان كلود بارني، فيتناول سيرة الطبيب النفسي فرانز فانون في الجزائر، مسلّطاً الضوء على أفكاره الثورية في مواجهة القهر الاستعماري.

من ناحية أخرى، يستخدم بعض الأفلام التحريكية الخيال أداةً لخدمة الواقع، فيستعرض فيلم "مجبور" لغدير غسان أبو جاموس قصة طفلة تواجه التنمر بسبب تلعثمها، وتجد في الغناء وسيلة لتحدي العقبات. فيلم "الحالة الغريبة للقذيفة البشرية" للمخرج روبيرتو فالنسيا يأخذنا إلى عالم رمزي مليء بالغموض حول مجتمع صغير يواجه تحديات هوياتية معقدة. وأخيراً، يعكس "قبل الجنة" للمخرج أحمد حيدريان صراعاً بين الماضي والحاضر من خلال رمزية رسومات الأطفال التي تواجه الطمس على الجدران، مقدماً سرداً بصرياً عميقاً.

وتضيف الأفلام القصيرة لمسة مكثفة ومعبرة، فيعكس "تسلح، كريستوفر" للمخرجة إليز أملارد صراعات الهوية الثقافية للمراهقين في بيئة متوترة، بينما يصور "خارج المعركة" للمخرج جعفر فادي العسال معاناة صحافيين يجدان نفسيهما في قلب الصراع اللبناني-الفلسطيني. وأخيراً، يسلط "الفقير" للمخرج دورفا ناندابوركار الضوء على واقع الطبقات الدنيا في الهند من خلال قصة طفل داليت يواجه خيارات قاسية للبقاء.

بدأ مهرجان كرامة عام 2010 فكرةً جريئة تهدف إلى استخدام السينما أداةً لتسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان. كان الهدف بسيطاً لكنه طموح: إنشاء منصة تسمح للقصص المهملة بالصعود إلى السطح. لم تكن البداية سهلة، إذ اقتصرت على مجموعة صغيرة من الأفلام التي تناولت مواضيع مثل الاستعمار وأزمة اللاجئين، لكنها كانت بداية لنضال ثقافي متجدد. وعلى مر السنوات، تطور المهرجان ليصبح واحداً من أبرز التظاهرات السينمائية في العالم العربي. مع كل دورة، توسع نطاقه ليشمل أصواتاً أكثر تنوعاً. استضاف المهرجان نقاشات وورشاً تناولت دور السينما في توثيق الحقائق وخلق التغيير.

المساهمون