يواجه مهرجان البندقية السينمائي الذي ينطلق الأربعاء بدورته الثمانين خطر التعرض لانتقادات بعد اختيار مخرجين مثيرين للجدل تستهدفهم اتهامات بالاعتداء الجنسي، مثل رومان بولانسكي ووودي ألن، بسبب غياب نجوم هوليوود الذين مُنعوا من المشاركة بسبب إضراب الممثلين.
وهذا المهرجان السينمائي الأعرق عالمياً والمحبب من أوساط هوليوود التي جعلته منصة إطلاق لأفلامها قبل موسم الجوائز، أول حدث كبير في مجال الفن السابع يتأثر مباشرة جراء الإضراب التاريخي الذي يشلّ السينما الأميركية منذ أشهر.
وقد انضم الممثلون الهوليووديون الشهر الماضي إلى كتّاب السيناريو في حركتهم الاجتماعية، مطالبين بتحسين الأجور ووضع ضوابط لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتمنع نقابتهم القوية "ساغ-أفترا" SAG-AFTRA جميع أعضائها، حتى الأكثر شهرة منهم، من تصوير أي أعمال في أثناء الإضراب، وكذلك المشاركة في الترويج للأفلام.
وبالتالي، إلا إذا حصلت أي مفاجأة، سيغيب نجوم الأفلام الأميركية المشاركة في المهرجان هذه السنة عن السجادة الحمراء، من أمثال جيسيكا تشاستين وبرادلي كوبر ومايكل فاسبندر.
واضطر منظمو المهرجان الإيطالي العريق أيضاً إلى أن يتخلوا عن فيلم الافتتاح "تشالنجرز" Challengers للمخرج لوكا غوادانيينو، من بطولة زندايا وجوش أوكونور ومايك فايست، مستبدلين إياه بفيلم إيطالي أكثر تواضعاً.
وسيكون فيلم "فيراري" Ferrari لمايكل مان (80 عاماً)، أحد أبرز الأعمال المعروضة في المسابقة. ويَستفيد هذا العمل، وهو سيرة ذاتية لمؤسس ماركة السيارات الشهيرة إنزو فيراري، ويحمل توقيع صاحب فيلمي "هيت" Heat و"كولاتيرال" Colliteral، من استثناء منحته النقابة، ما قد يسمح لممثليه آدم درايفر وبينيلوبي كروز بالمجيء إلى البندقية للمناسبة.
ويتنافس أيضاً على جائزة الأسد الذهبي كل من ديفيد فينشر ("سفن"SE7EN و"فايت كلوب" Fight Club) وصوفيا كوبولا ("لوست إن ترانسلايشن" Lost in Translation و"ذا فيرجن سويسايدز"The Virgin Suicides). كذلك إن عرض أحدث أفلام وليام فريدكين خارج المنافسة سيكون بلا شك لحظة عاطفية، بعد أسابيع من وفاة هذا المخرج المعروف خصوصاً بفيلمه "ذا إكزورسيست" The Exorcist.
لكن قائمة الأعمال المشاركة في المسابقة تعكس قبل كل شيء عودة سينمائيين وُجهت إليهم اتهامات في قضايا اعتداء جنسي ينفون صحتها. ومن بين هؤلاء رومان بولانسكي (90 عاماً) الذي يعيش في أوروبا بمأمن من القضاء الأميركي الذي يهرب منه منذ أكثر من 40 عاماً، بعد إدانته بتهمة الاغتصاب.
وبعدما بات شخصاً غير مرغوب فيه في هوليوود، شهد هذا الاسم الكبير في الفن السابع ("روزميريز بايبي" Rosemary's Baby و"ذا بيانيست" The Pianist) تغييراً لوضعه في فرنسا منذ الجدل الدائر حول منحه جائزة سيزار السينمائية الفرنسية عن فيلمه "جاكوز" J'accuse.
ويعتبره جزء كبير من العاملين في المهنة أحد رموز الإفلات من العقاب في ما يتعلق بالعنف الجنسي، وقد ظل بعيداً عن الأنظار.
غير أن مهرجان البندقية السينمائي يعيده إلى الأضواء، إثر اختيار فيلمه "ذا بالاس" The Palace خارج المنافسة، وهو عمل من بطولة فاني أردان وميكي رورك، صُوّرت مشاهده في غشتاد (سويسرا). لكن بولانسكي لا ينوي المجيء إلى البندقية، وفق ما قالت ملحقته الصحافية ومصادر المهرجان لوكالة "فرانس برس".
ويواجه وودي آلن (87 عاماً) بدوره مقاطعة شبه كاملة من قطاع السينما بعد اتهامات بالاعتداء الجنسي على ابنته بالتبني، وهو الأمر الذي ينفيه، ولم ينجح أي تحقيق في جلاء حقيقته.
وسيقدّم آلن فيلمه الخمسين "كو دو شانس" Coup de Chance، الذي صُوّر في باريس باللغة الفرنسية ويضم لو دو لاج وفاليري لوميرسييه وملفيل بوبو ونيلز شنيدر.
وسيشهد مهرجان "موسترا" الذي يترأس لجنة تحكيمه المخرج داميان شازيل ("لا لا لاند")، عودة المخرج الفرنسي لوك بيسون إلى المنافسة مع فيلم "دوغمان" Dogman.
وشهد مخرج فيلمي "ليون" LEON و"ذا فيفث إيلمنت" The Fifth Element، إغلاق ملفه القانوني في نهاية يونيو/حزيران، بعدما أسقطت محكمة النقض نهائياً تهم الاغتصاب التي وجهتها إليه الممثلة ساند فان روي.
وبينما بدت قضايا مكافحة التمييز والعنف الجنسي تتقدم في السنوات الأخيرة في عالم السينما، عقب حركة "مي تو"، فإن هذه الاختيارات الرمزية للمهرجان أثارت غضب الناشطات النسويات. وفي هذا الإطار، تستنكر مجموعة 50/50 "الرؤية الكبيرة" المقدّمة إلى هؤلاء الرجال من خلال إشراكهم في مثل هذه المهرجانات البارزة.
ومن ناحية المساواة بين الجنسين، تضمّ المسابقة الرسمية خمس مخرجات سينمائيات مقابل 19 رجلاً يتنافسون على جائزة الأسد الذهبي التي تُمنح في 9 سبتمبر/أيلول، وهي جائزة فازت بها مخرجات خلال السنوات الثلاث الماضية.
(فرانس برس)