منظمة الرواد الروسية: تعليم الأطفال حب الوطن على الطريقة السوفييتية

22 مايو 2022
مجموعة من أطفال منظمة "الرواد" في مدينة سانت بطرسبرغ عام 1982 (فرانسوا لو دياسكور/ Getty)
+ الخط -

بعد سنين طويلة طواها النسيان باستثناء احتفالات محدودة للشيوعيين الروس، تكتسي الذكرى المئوية لتأسيس منظمة "الرواد السوفييتية" أهمية خاصة. وعلى قاعدة أن "كل قديم في طي النسيان جديد"، بدا أن النخب الروسية في طريقها إلى نفض الغبار عن منظمة "الرواد" وإعادة الاعتبار للمنظمة التي كانت معنية بإعداد الأطفال والمراهقين السوفييت من أجل تشرب الأفكار والقيم الشيوعية، وإعدادهم للانضمام لاحقاً إلى منظمة "الكومسمول" أو الشبيبة ولاحقاً الحزب السوفييتي. 

وكشفت رئيسة لجنة الأسرة والمرأة والطفل نينا أوستانينا في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي يوم الأربعاء الماضي، أن المجلس سوف يناقش في جلسة يوم الخميس 19 مايو/ أيار الجاري مشروع قانون لإنشاء منظمة موحدة للأطفال في روسيا. وأكدت أوستانينا أن رؤساء الكتل البرلمانية ورئيس الدوما فياتشيسلاف فولودين "أيدوا اقتراحنا بشأن ضرورة إحياء حركة الأطفال في روسيا على مستوى الدولة"، ومعلوم أن اللجنة ناشدت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 20 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي 2021، بإصدار مرسوم بشأن الاحتفال بالذكرى المئوية للرواد، واعتماد قانون فيدرالي لإنشاء منظمة عامة موحدة للأطفال في جميع الأراضي الروسية.  

ونقلت صحيفة "إر بي كا" عن مصادر يوم الثلاثاء الماضي أن الكرملين ومنظمة الشباب الروسي، ووزارة التربية، بحثت في إمكانية تأسيس حركة جديدة للأطفال والشباب موحدة على مستوى البلاد. وأوضح أحد المصادر للصحيفة أن الجميع توافقوا على ضرورة إنشاء حركة مهمتها "تربية حب الوطن الأم والمواطنة بين الأطفال والمراهقين". وأشار مصدر آخر إلى أن عضوية المنظمة ستكون اختيارية. 

وأفادت المصادر بأن الهيكل الجديد سوف يظهر بعد دمج مجموعة من المنظمات القائمة، ومنها "منظمة أطفال المدارس الروسية" و"مشروع التغيير الكبير"، وعدد من المنظمات في الأقاليم والمناطق الروسية، ولم تستبعد أن يضم الهيكل الحديد حركة "يونوي آرميا" (الجيش الفتي) التي أنشئت بمبادرة من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في عام 2019، وتضم أبناء الجنود والضباط الروس والعاملين في قطاع الصناعات الدفاعية. وحسب المصادر، فقد وقع الاختيار على دامير فتخانوف نائب رئيس منظمة "روس ملدوج" (الشباب الروسي) ليرأس منظمة الرواد الجديدة.

واستبق الشيوعيون النقاشات البرلمانية، ونظموا معرض صور في داخل البرلمان بمناسبة مرور قرن على تأسيس منظمة "الرواد". واستشهدت ماريا دروبوت، سكرتيرة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي، بأقوال زوجة فلاديمير لينين مؤسس الدولة السوفييتية، نتاليا كروبسكايا، التي تعود إليها فكرة إنشاء منظمة الرواد قبل أكثر من قرن بأن "من يعمل مع الأطفال يعمل من أجل مستقبل بلاده. ولهذا فإن هذا المعرض هو عن المستقبل وكيف سيكون مشرقًا وعظيماً ومفعماً بالوطنية، ومن تربى وفق قيم منظمة الرواد هم من يحددون مستقبل بلادنا الآن، وأصحاب ربطات العنق الحمراء اليوم هم من سيحددون مستقبل بلادنا غداً". 

ومعلوم أن منظمة "الرواد" تأسست في 19 مايو/ أيار 1922، بناء على توجيهات من كروبسكايا زوجة لينين، بعد حظر منظمة الكشافة، ويعود اختيار الاسم إلى إينوكينتي جوكوف أحد قادة منظمة الكشافة الذي اقترح بعد تبنيه أفكار الشيوعية المحافظة على الشعار السابق "كن مستعداً". وضمت منظمة "الرواد" جميع الأطفال السوفييت من سن 9 إلى 14 عاماً، ونظمت معسكرات صيفية ورحلات إلى البحر وأماكن الاستجمام للمنتسبين. وفي عام 1990 وفي زمن التغييرات الكبيرة التي شهدها الاتحاد السوفييتي قبل انهياره، أعيد هيكلة وتسمية المنظمة ليصبح اتحاد منظمات الأطفال، وبعد حظر الحزب الشيوعي السوفييتي حلت منظمة "الكومسمول" الشبيبة واندثرت منظمة "الرواد". ومن اللافت أن يوم تأسيس منظمة "الرواد" كان عطلة رسمية حتى عام 1991.  

ومن المنتظر أن يوافق الكرملين على المناشدات بإعادة تأسيس منظمة الرواد تحت مسمى وشكل جديدين في سياق سعيه إلى إعادة الحياة للاتحاد السوفييتي على أسس ومحددات جديدة. والمؤكد أن ميثاق المنظمة الجديدة لن ينص على قسم الإخلاص للشيوعية، في ظل صعود أيديولوجية جديدة هجينة بين القومي والديني والحنين إلى أمجاد سوفييتية وإمبراطورية غابرة. 

المساهمون