مكتبات الموصل تعود إلى الحياة... صفحات جديدة

17 ديسمبر 2024
المكتبة المركزية قبل ترميمها (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرضت الموصل لدمار كبير بين 2014 و2017، مما أدى إلى فقدان أكثر من مليون كتاب ومخطوطة نادرة. بدأت جهود إعادة الإعمار بدعم من المنظمات الدولية والمجتمع المحلي.
- أعيد افتتاح المكتبة المركزية في جامعة الموصل في فبراير 2022، مستقبلةً الكتب المهداة، وتستقبل الآن ألف زائر يومياً، مما يعكس عودة النشاط الثقافي والعلمي رغم التحديات الرقمية.
- أطلق متطوعون مشروع المكتبة المتنقلة، وهي حافلة تعمل بالطاقة الشمسية، لتشجيع القراءة وتوفير الكتب مجاناً، مما يعزز الحياة الثقافية في الموصل.

تدريجياً، تعود المكتبات إلى مدينة الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية شمالي البلاد، والتي تعرضت لدمار بعد اجتياح "داعش" المدينة عام 2014، وما أعقبها من عمليات عسكرية استمرت حتى نهاية عام 2017.
طاول الدمار خلال السنوات الماضية المكتبات، فضلاً عن عمليات حرق ونهب الكثير منها، كان أبرزها مكتبة الجامعة، والمكتبة المركزية، ومكتبة الأوقاف، ومكتبة المتحف، ومكتبة مركز الدراسات. تتهم السلطات العراقية "داعش" باستهداف تلك المكتبات قبل هزيمته وفراره. لكن بعض المصادر تتحدث عن أن استهدافها جاء خلال العمليات العسكرية لاستعادة المدينة.
تشهد الموصل عودة لنشاط المكتبات الرئيسية، ومنها المكتبة المركزية التي تأسست عام 1919 بعد تعرضها للتخريب خلال العمليات العسكرية. يؤكد مدير المكتبة المركزية في الموصل، جمال العبد ربه، أن المكتبة تشهد إقبال الباحثين وطلبة الجامعات والمدارس.
يقول العبد ربه لـ"العربي الجديد"، إن "المكتبة تضم حالياً 153 ألف كتاب، بعضها نادر، فضلاً عن أرشيف كامل لجريدة الوقائع العراقية، إلى جانب بحوث دراسات طلبة الماجستير والدكتوراه في جامعات نينوى".
يوضح أن المكتبة تعرضت خلال سيطرة "داعش" إلى أعمال تخريب، وبسببها فقدت آلاف الكتب، لكنها عُوّضت بعد الانتهاء من العمليات العسكرية بجهود المنظمات الدولية والمواطنين في الموصل. وتوقع أن يكون هناك إقبال على المكتبات بفضل إعمار جميع المكتبات والعمل على إغنائها بالكتب الفريدة والعلمية والمنوعة.

المدينة خسرت بين عامي 2014 و2017 أكثر من مليون كتاب ومخطوطة نادرة ورسالة وأطروحة ودورية ووثيقة

أما المكتبة المركزية في جامعة الموصل، فتعرضت لتدمير، وحرق "داعش" بنايتها. خسرت المكتبة ما يقارب مليون مصدر، لكن الحياة عادت إليها بعد أن استقبلت الكتب المهداة من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والإهداءات الشخصية من الشخصيات المؤثرة في المدينة، وباقي المحافظات والجامعات العراقية والعربية بعد أن أعاد إعمارها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وافتُتحت في 19 فبراير/شباط 2022 بحلتها الجديدة. بدأت المكتبة تستقبل مستفيديها من طلبة الدراسات الأولية والعليا والباحثين والتدريسيين، إذ تستقبل يومياً ما لا يقل عن ألف زائر بين باحث وقارئ ومطلع.
يقول الباحث والكاتب الموصلي محمود جمعة في حديث مع "العربي الجديد" إن "المدينة خسرت بين عامي 2014 و2017 أكثر من مليون كتاب ومخطوطة نادرة ورسالة وأطروحة ودورية ووثيقة".
يضيف جمعة أن "الجهود المبذولة في إعادة الحياة لتلك المكتبات جيدة، لكنها غير كافية لإعادة الكتب النادرة والمخطوطات والبحوث الدراسية التي أُتلفت وسرقت وتعرضت للحرق". يشير إلى أن الحياة عادت إلى المكتبات في نينوى، لكنها حياة منقوصة، لأسباب عدة، أبرزها أن ما خسرته هذه المكتبات، مسروقاً ومحروقاً من كتب ومخطوطات ووثائق نادرة، لا يمكن تعويضه، إذ كانت تضم مواد أصلية لا تتوفر في أي مكان آخر في العالم.
يقول جمعة إن العودة التي نراها الآن صحّية، ولكنها تقاوم مشكلتين، الأولى: عدم تعويضها بالأصيل مما فقدته، والثانية: العصر الآن للكتاب الرقمي والإلكتروني، وهذا التحوّلُ ما تزال مؤسساتنا التعليمية والثقافية عاجزةً عن استيعابه، ولهذا السبب تعيش هذه المكتبات شِبْه عزلة، بسبب عزوفٍ مُضبّبٍ عن الاتصال بالمكتبات، تتحمل الجهات الحكومية مسؤوليته أولا، سواء كانت وزارة التربية أو التعليم العالي.
يتابع جمعة: "دور الكتاب ما يزال حاضراً وفاعلاً، ولكنه محصور ضمن أوساطه التعليمية التربوية والتعليمية العالية، ما يجب العمل عليه الآن هو كيف نستوعب التحول من الورقية إلى الرقمية والإلكترونية، لكي نُديم الزخم الحضوري للكتاب".
تزامناً مع محاولات إحياء الحياة الثقافية في الموصل وتجاوز آثار الحرب، أطلق متطوعون من المدينة مشروع المكتبة المتنقلة عبر حافلة تجوب الشوارع والمناطق للتشجيع على القراءة.

يقول صاحب المبادرة عبد الستار عبد الجبار السلطان، وهو أستاذ جامعي، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن "فكرة إطلاق مشروع المكتبة المتنقلة جاءت لسببين الأول تشجيع المجتمع على القراءة، والثاني افتقار الموصل لمكتبات إلكترونية وحديثة وسهلة الوصول"، مشيراً إلى أن المكتبات الموجودة حالياً لا يمكن لجميع المواطنين الاستفادة منها، وإنما فقط الطلبة والباحثين.
يوضح أن المشروع عبارة عن حافلة متنقلة تعمل بالطاقة النظيفة عبر الألواح الشمسية، وتضم العديد من الكتب المتنوعة، إلى جانب مكتبة إلكترونية تتوزع على عشرة أجهزة حاسوب. يوضح أن المكتبة هي الأولى في العراق التي تقدم خدمتها مجاناً 100%، إذ لا تسعى إلى تحقيق أي غاية ربحية، لافتاً إلى أن الحافلة ستجوب مناطق الموصل تباعاً عبر جدول زمني، ثم تتنقل في الأقضية والأرياف للوصول إلى جميع الراغبين بالقراءة.

المساهمون