صحيح أن وصول الصحافيين إلى غزة لتغطية العدوان محدود، لكن طوفاناً من مقاطع الفيديو من جميع أنواع المصادر، يوثق ما يحدث، وما لا يحدث.
ويحصل الصحافيون على مقاطع من مصادر عدة، مثل كاميرات تتابع أفق مدينة غزة، وكاميرات من السيارات، وصور للقمر الاصطناعي، وكاميرات المراقبة في المحلات، وهواتف المستخدمين، وغيرها.
كما تنقل وكالة أسوشييتد برس للأنباء عن كبيرة المحررين في موقع ستوريفول الاستقصائي، رونا تارانت أن "درجة استخدام مواقع التواصل متطورة للغاية. هناك الكثير من المعلومات. هناك الكثير من المحتوى".
وفي المؤسسات الإخبارية، أصبحت عملية غربلة المواد الموجودة على الإنترنت لتحديد ما هو حقيقي، والبحث عن الأدلة، من الوظائف ذات الأهمية المتزايدة. بدورها، أعلنت شبكة سي بي إس نيوز عن إطلاق برنامج "سي بي إس نيوز كونفيرمد"، وتشكيل فريق لاستخدام البيانات والتكنولوجيا لدراسة الأدلة عبر الإنترنت.
وفي وقت سابق من هذا العام، تشكّلت وحدة "بي بي سي فيريفاي" لجلب المزيد من أساليب إعداد التقارير مفتوحة المصدر إلى وسائل الإعلام العالمية.
وقد شوهد مفعول هذه المبادرات بشكل بارز، عندما مارست صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست ووول ستريت جورنال، وشبكة سي أن أن، ووكالة أسوشييتد برس، تحليلات متعمقة للفيديو لاستخراج الأدلة.
وفي حقبة سابقة، كان الجهمور يشاهد آثار حدث إخباري، ما لم تكن كاميرات التلفزيون موجودة في مكان الحادث أثناء حدوثه. حالياً، مع وجود الملايين من الأشخاص الذين يحملون هواتف بها كاميرات فيديو، صارت الكلمة الطنّانة هي "الآن".
تقول رئيسة شبكة سي بي إس للأخبار والمحطات، ويندي ماكماهون: "الحقيقة هي أن الجماهير تتوقع المشاركة في تجربة مشاهدة مشتركة، لمعرفة ما يجري مع المذيعين والمراسلين".
وهذا يعني البحث في عدد لانهائي من مقاطع الفيديو المنشورة على مصادر، مثل "إكس" و"يوتيوب" و"إنستغرام" و"تليغرام" و"فيسبوك".
لكن هذا العمل له ثمن؛ إذ لطالما شعرت وسائل الإعلام بالقلق بشأن السلامة الجسدية للصحافيين المتمركزين في مناطق الحرب، وها هي الآن تدرك أن قضاء ساعات في مشاهدة مقاطع الفيديو القاسية يمكن أن يشكّل استنزافاً عاطفياً. وتتضمن المقاطع مشاهد مروعة، وجثثاً مشوهة، وأطفالاً ملطخين بالدماء تحت الأنقاض، وأناساً في حالة ذهول قد فقدوا أحباءهم.
وتعمل المؤسسات الإخبارية باستمرار على تقييم وظيفتها المتمثلة في نقل الواقع في مواجهة المخاوف، من أن تكون الصور العنيفة مؤلمةً للغاية بحيث لا يستطيع المستهلكون رؤيتها.
كثير من هذه المشاهد يمكن أن يؤدي إلى إضعاف حساسية المشاهدين، وفي نفس الوقت التكرار أحياناً هو قصة عن وطأة الحرب المستمرة.
وتأثير رؤية المشاهد القاسية يُطلق عليها العلم اسم "الصدمة غير المباشرة"، التي يُعرّفها معهد الصدمات غير المباشرة بأنها "التعرض غير المباشر للصدمة من خلال رواية مباشرة أو سرد لحدث صادم".
ويطلب موقع التحقيقات بيلينغكات من الموظفين حماية صحتهم النفسية. وفي "ستوريفول"، يجري تشجيع الموظفين على التحدث عما يمرّون به، والاستفادة من الخدمات الاستشارية إذا لزم الأمر.