يقام في باريس أول معرض استعادي للمصممة الرائدة غابرييل (كوكو) شانيل حيث ما زالت نساء العالم يقتدين بمفهوم الأناقة لهذه المصممة الشهيرة المصنفة من الأكثر نفوذاً في القرن العشرين.
من القميص المقلّم المصنوع من قماش الجيرسي سنة 1916، إلى البزّات النسائية في الخمسينيات والستينيات، مروراً بالفساتين السوداء القصيرة خلال الفترة المعروفة بالسنوات المجنونة، يكرّم معرض "غابرييل شانيل. مانيفست دو مود" (غابرييل شانيل. بيان الموضة) الذي يفتتح غداً الخميس، في "قصر غالييرا"، هذه المصممة الرائدة، بعد نصف قرن من وفاتها.
وتقول مديرة "قصر غالييرا"، وهو متحف مخصص للموضة في باريس يفتح أبوابه للجمهور بعد سنتين من أعمال الترميم، ميرين أرزالوز: "أعدنا اكتشاف غابرييل شانيل، وفوجئنا بأننا لم نكن نعرف حقّ معرفة تصاميمها والمبادئ التي استرشدت بها خلال عملها".
وتقرّ بأنها اتّخذت قراراً "راديكالياً" لحصر المعرض بـ"عمل" هذه الشخصية المثيرة للجدل التي كتبت "نحو مائة سيرة" عن حياتها سبرت أغوار نجاحها وتطرّقت إلى شركائها، ومن بينهم عشيق نازي، فضلاً عن شراكة مزعومة.
وهل هو السبب في حرمانها من معرض يليق بموهبتها؟ تستبعد ميرين أرزالوز هذه الفرضية، قائلة إنّ "أسلوبها عابر للأزمنة وحاضر في حياتنا لدرجة" كان يُخيّل لنا أننا نعرفها خير معرفة.
ومن الأفكار الشائعة الأخرى التي يحاول المعرض دحضها أن شانيل "اكتشفت كلّ شيء بفضل الرجال"، فالحقيقة هي أنها "لم تكن بحاجة إلى الرجال للتحكّم بالقماش" أو مواكبة عصرها.
ويسلّط المعرض الضوء أيضا على نقاوة التصميم والتفنّن في تبسيطه والتناغم الجمالي بين الملابس والمجوهرات والعطور. فعطر "نوميرو 5" الذي استحدث عام 1921 لا يزال من بين الأكثر مبيعاً في العالم، وهو خلافاً للعطور السائدة في تلك الفترة لا يرتكز على أيّ رائحة معيّنة. فالعطر ابتكاري بتركيبته وشكله. ويتميّز هذا المعرض الذي يقدّم أكثر من 350 قطعة مأخوذة من محفوظات "دار شانيل" و"متحف فيكتوريا وألبرت" في لندن بطابعه العصري.
سبحت غابرييل شانيل منذ بداياتها عكس التيّار، مركزة على الشعور بالراحة خلال ارتداء الملابس، خلافاً للمصممين الذين كانوا يأتون وقتها بتصاميم مبالغ بأنوثتها. وتشير أرزالوز إلى أن "الراحة والطابع الطبيعي وحريّة التحرك لم تكن مفاهيم واردة في قاموس الأزياء الراقية قبل" شانيل.
واستلهمت شانيل تصاميمها التي كانت ترتديها بنفسها من الملابس الرياضية وأسلوب الرجال الأنيقين. وسخّرت مواد واسعة الانتشار، مثل النسيج المحبوك والتويد في خدمة ملابس أنيقة تتّسم بليونتها.
وضربت غابرييل شانيل مجدداً مفاهيم الأنوثة السائدة في عصرها عرض الحائط مع بزّتها التي انتقدت بداية لبساطتها قبل أن تصبح من أشهر القطع النسائية. وهذه البزّة مع تنورة التي تبرز ملامح المرأة من دون أن تقيّد حركاتها "قابلة للتحديث" بفضل معايير "لا تبطل موضتها"، بحسب ما تقول القيّمة على المعرض، فيرونيك بيلوار.
وتؤكد بيلوار أن مبادئ شانيل في التصميم "التي تنصهر فيها التناقضات ويتزاوج فيها البسيط بالأنيق والحلى الرخيصة بالمجوهرات الثمينة والرجولة بالأنوثة" لا تزال تلقى صدى حتّى يومنا هذا.
ولا داعي اليوم إلى ارتداء بزّة من التويد مع عقد من اللؤلؤ، فإن الفستان الواسع مع حذاء رياضي أو القميص الرجّالي بلمسة أنثوية هما من الأزياء المستوحاة من روحية شانيل، على حدّ قول الخبيرة.
(فرانس برس)