مسرحية "دمى فارسية"... أحلام الحرية بين إيران وفرنسا

10 أكتوبر 2022
كتبت عائدة أصغر زاده المسرحية عام 2018 (إيمانويل دونان/فرانس برس)
+ الخط -

عندما كتبت عائدة أصغر زاده عام 2018 مسرحية "دمى فارسية"، المستوحاة من قصة والديها المنفيين في فرنسا بسبب الثورة الإيرانية، لم تكن تتخيل أن هذا العمل سيكون له صدى خاص بعد 4 سنوات.

منذ اندلاع الاحتجاجات إثر وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر/ أيلول، أثناء اعتقالها لدى الشرطة الإيرانية بتهمة مخالفة قواعد اللباس الصارمة في البلاد، لم تعد المخرجة والمؤلفة الفرنسية الإيرانية، البالغة من العمر 35 عاماً، تنظر بالطريقة نفسها إلى مسرحيتها التي حققت نجاحاً في مهرجان أوف أفينيون الفرنسي خلال الصيف الفائت، وتُعرض حالياً على خشبة تياتر دي بيلييه باريزيان في باريس.

تحمل مسرحية "دمى فارسية" توقيع المخرج ريجيس فاليه، وهي مستوحاة من قصة والدي عائدة أصغر زاده اللذين كانا ملتزمين سياسياً ضد الشاه محمد رضا بهلوي، قبل الفرار من البلاد عقب الثورة الإسلامية. تشكل المسرحية قصة فشل، لكنها أيضاً تكريم لوالدي أصغر زاده. وتقول الكاتبة المولودة في فرنسا لوكالة فرانس برس: "أكبر مصدر أسف لهما هو أنهما أرادا شيئاً ولم ينجحا في الحصول عليه، أو حصلا على ما هو أسوأ. لقد عاشا شكلاً من أشكال العار لفترة طويلة"، وتضيف "عندما كنت صغيرة، أتذكر أنني لم أفهم سبب استمرار والديّ في القول إنهما فشلا؛ لم يشرحا لي ذلك".

في المسرحية، تتخيل أصغر زاده قصة مختلفة قليلاً، عن اثنين من الأزواج الجامعيين يتوقان إلى تغيير النظام في السبعينيات. وينتهي الأمر بزوجين من هؤلاء إلى الانفصال قسرياً، مع زج الرجل في السجن لسنوات، وهروب زوجته إلى فرنسا مع ابنتها وابنة صديقة تربيها على أنها ابنتها. تتوالى المشاهد الواحد تلو الآخر مع ذكريات من الماضي بين إيران في ذلك الوقت وفرنسا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وتقول المؤلفة: "عندما قرأ والداي النص لأول مرة شعرا بأنه بعيد منهما، شكّل ذلك صدمة لهما في مكان ما، وكانا بحاجة إلى تلقفه، ثم عندما شاهدا العمل لأول مرة على خشبة المسرح، تأثرا بشدة. لم أر والدي يوماً من قبل يبكي بهذه الطريقة، لقد غاصا مجدداً في الذكريات".

في إيران، كان والدها مطلوباً للسلطات، وكان يغير مكان سكنه باستمرار. ونجح مع والدتها في الفرار بصعوبة عبر محافظة كردستان الإيرانية، بفضل مهرّب، وتقول "لقد ترددا في اصطحاب أختي التي كانت تبلغ من العمر آنذاك أربع سنوات، وكانا مقتنعين بأنهما سيعودان بعد بضعة أسابيع"، وتوضح أنه "عندما شاهدَت والدتي المسرحية مجدداً، أخبرتني بأنها شعرت كما لو أن العمل قد نظف العار، بما يشبه التنفيس الوجداني".

تؤدي عائدة أصغر زاده نفسها شخصيتين، إحداهما قريبة من شخصية والدتها، وهي مدرّسة ظهرت في البداية مكشوفة الذراعين، قبل أن تضع الحجاب، وتقول: "يفاجَأ الجمهور على الفور بهذا الاختلاف الذي يلخص ما يحصل اليوم: تتظاهر النساء من أجل حرية اختيار ارتداء الحجاب أو عدمه من دون أي فرض"، وتبدي تأثرها وافتخارها بهذه الفئة السكانية التي "تجازف بحياتها يومياً"، وتؤكد أنها على الرغم من "الخوف من فشل جديد"، فإن لديها أملاً، لأنّ "هذه الثورة تأخذ أبعاداً أكبر من تلك التي سبقتها".

وتقول إنها كانت على علاقة "مضطربة" مع إيران خلال طفولتها، وتوضح أنه "عندما كنت في المدرسة، أردت أن أكون فرنسية، رغم أني كنت أتحدث الفارسية؛ في ما بعد، عندما أدركت ما حدث لوالدي، شعرت بالخجل من الشعور بالخجل"، وتختم قائلة "بهذه المسرحية أشعر بأني إيرانية أكثر من أي وقت مضى، كما لو أني أخت هاتيك النساء" المتظاهرات.

(فرانس برس)

المساهمون