مدوّنو تونس في مرمى الملاحقة القضائية

13 يونيو 2021
خلال احتجاج على اعتقال مدونين تونسيين عام 2014 (Getty)
+ الخط -

تعود قضية محاكمة المدونين التونسيين بسبب منشوراتهم إلى الواجهة، مما يثير قلقاً حول الحريات الفردية، خصوصاً حرية التعبير التي تُعرف بها تونس ما بعد الثورة التي قامت على أيدي مدوّنين.

فقد أعادت عملية خضوع المدون التونسي سليم الجبالي، صاحب صفحة "وزير ضغط الدم والسكري"، يوم الاثنين 31 مايو/ أيار الماضي إلى التحقيق من قبل النيابة العامة العسكرية في تونس على خلفية تدوينات نشرها في شهر فبراير/شباط الماضي اعتبرت "مسيئة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد"، مسألة التضييق على المدونين إلى الواجهة من جديد في بلد يفتخر بأنه "من الدول العربية القليلة التي يتمتع فيها الناس بحرية الرأي والتعبير"، باعتبارها واحدة من أكبر مكاسب الثورة التونسية.

العودة إلى التضييق على المدونين دفعت الحزب البرلماني الأول في تونس، "حركة النهضة"، إلى إصدار بيان مساء الثلاثاء الماضي، أكدت فيه على "تمسّكها ودفاعها المطلق عن حرية التعبير المكفولة بالدستور التونسي، ورفضها لكلّ أشكال التتبّعات والتضييقات على المدونين والإعلاميين وأصحاب الفكر والرأي، ورفضها لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ودعوتها كل الفاعلين والمؤثرين في الفضاء الافتراضي بجميع محامله إلى التعبير عن أفكارهم وآرائهم، في إطار الاحترام والموضوعية بما لا يمسّ من المؤسسات والأشخاص".

أحزاب تونسية أخرى عبّرت عن الموقف نفسه، معتبرةً أن "حرية التعبير والنشر خطان أحمران لا يمكن تجاوزهما من قبل السلطات"، داعين إلى النأي بالمؤسسة العسكرية عن مثل هذه التجاذبات التي قد تحشرها في خصومات من المفترض أن تبقى بعيدة عنها، هذا عدا عن رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين.

عملية التضييق على المدونين في تونس تتواصل بشكل متواتر منذ أكثر من سنة

وعملية التضييق على المدونين في تونس تتواصل بشكل متواتر منذ أكثر من سنة. إذ قامت السلطات الأمنية التونسية في أبريل/نيسان الماضي بإخضاع المدون وكاتب الدولة الأسبق للشباب سليم عمامو إلى تحقيق على خلفية صور نشرها في صفحته ليتم بعد ذلك إطلاق سراحه. وفي أبريل/نيسان عام 2020، ألقت الشرطة التونسية القبض على المدوِّنين أنيس المبروكي وهاجر عوادي، بعد نشرهما لتدوينات انتقدا فيهما طريقة توزيع السلطات التونسية للمساعدات العينية والنقدية المخصصة للعائلات الفقيرة بعد تفشي وباء "كوفيد-19" وتأثيره على مستوى دخل هذه العائلات، وهو ما اعتبر "إساءة للسلطة التونسية"، إذ حقق النائب العام في محافظة الكاف في الشمال الغربي التونسي مع هاجر العوادي بتهمة الاعتداء على موظف رسمي، لتقرر المحكمة سجنها لمدة 75 يومًا مع تأجيل التنفيذ. كما نع المدون أنيس المبروكي من التصوير والبث المباشر لوقفة احتجاجية، وتعرض إلى الاحتجاز لمدة تزيد عن عشرة أيام لتقوم المحكمة بعد ذلك بإطلاق سراحه. 

وقامت السلطات التونسية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بدعوة المدونة مريم بريبري، وهي ناشطة تونسية في مجال مناهضة الإفلات من العقاب، للمثول أمام القضاء التونسي، بعد أن رفعت إحدى النقابات الأمنية شكوى ضدها في محافظة صفاق،س اتهمتها فيها بالإساءة للأمنيين والمس من سمعتهم. وفي يوليو/تموز 2020 الحكم على المدونة التونسية آمنة الشرقي بالسجن لمدة ستة أشهر، بسبب منشورات على صفحتها اعتبرت مسيئة إلى الدين الإسلامي. 

هذه الحالات المتكررة أخيراً جعلت الكثيرين في تونس يتساءلون عن حرية الرأي والتعبير، خاصة بعد تعالي الأصوات الرافضة والمنددة، ومنها صوت عضوة المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ونائبة النقيب أميرة محمد التي أكدت خلال ندوة انعقدت الأسبوع الماضي فى العاصمة التونسية أن حرية الصحافة والتعبير مهددة في تونس، بسبب تزايد التضييقات من قبل السلطات التونسية على الإعلاميين والناشطين الإلكترونيين.

يذكر أن الثورة التونسية سنة 2011 لعب فيها المدونون دورًا كبيراً في نقل وقائعها إلى العالم، بعد الحصار الإعلامي الذي ضربه نظام الرئيس التونسي المخلوع الراحل زين العابدين بن علي على كل وسائل الإعلام المحلية والدولية، لتبرز أسماء مدونين مثل الراحلة لينا بن مهني وسفيان الشورابي (مختفٍ في ليبيا) وسليم عمامو ووسام التليلي، وغيرهم من المدونين الذين فكوا الحصار الإعلامي على هذه الثورة التي انتهت بإسقاط النظام يوم 14 يناير/كانون الثاني عام 2011.  

دلالات
المساهمون