يعرض مسلسل "الثمن" (بطولة باسل خياط)، حالياً، على منصة "شاهد" وفضائية MBC. عمل مأخوذ عن مسلسل تركي، يحمل عنوان "ويبقى الحب"، تولّت تعريبه الكاتبة السورية يم مشهدي. والواضح أن الأخيرة لجأت إلى سيناريو مختلف نوعاً ما عن قصة المسلسل الأصلي، واستطاعت أن تغير كثيراً من النسخة التركية لنقلها إلى العربية، فكان لها ما أرادت في إعادة كتابة النسخة العربية بطريقة تتماشى مع التغيرات الوقتية التي طرأت منذ عرض النسخة التركية (2006).
لم تخرج يمّ مشهدي من صفحات مسلسلاتها التي عرضت لسنوات، وجعلتها كاتبة تتقدم بخطى ثابتة، خصوصاً من خلال أعمال مثل "قلم حمرا" (إنتاج 2014)، الذي خرج عن المألوف في الدراما السورية، وقدم مزيداً من القضايا المجتمعية والواقعية بطريقة مبسطة، بسيناريو متفوق، وكان موازياً لرؤية المخرج السوري الراحل حاتم علي، والتي جعلت من هذا التعاون بينه وبين مشهدي معياراً فنياً لِما كان يمكن أن تكون عليه الدراما السورية، لولا الأزمات الأخيرة.
وتزامن بدء عرض "الثمن"، مع عرض مسلسل "أقل من عادي" ليم مشهدي أيضاً، في قصة بدت مختلفة عن حكايات الدراما السورية. ورغم المعالجة والأحداث التي وضعتها الكاتبة في "أقل من عادي"، جاء الإنتاج المتمثل في شركة هلال أرناؤوط والتعاون بينه وبين منصة "شاهد"، ليحدّ من قدرة العمل وسعيه إلى النجاح. منح المنتج أرناؤوط ابنته نور إخراج المسلسل، ليظهر لاحقاً مدى ضعف المخرجة أمام حكايات مقحمة من دون معنى، لا يمكن أن نجدها في الواقع اليومي.
محاولة للحد من النصوص الجيدة، باتت أمراً يومياً يعيشه الكاتب السوري، نظراً إلى رؤية المخرج أو فريق الإنتاج. تضعنا هذه التدخلات أمام مزيد من علامات الاستفهام حول حقوق الكاتب في إعادة بلورة القصة، وتهميش الكتاب والتغيير في نصوصهم، ما يؤدي إلى ظهور عمل مختلف عمّا كان يطمح إليه المؤلّف.
لم تفلح نور أرناؤوط في معالجة نص يم مشهدي، بعدما خُفض عدد حلقات المسلسل من ثلاثين إلى 15 حلقة، ودخل العنصر اللبناني على الخط من ممثلين وممثلات، مثل كارمن لبس، فكان المسلسل اسم على مسمى، ومر "أقل من عادي" بعد نهاية اعتبرها المشاهد مفتوحة نحو جزء ثان.
هذه الجدلية باتت تحكم معظم الإنتاجات العربية، وتجبر الكاتب على الرضوخ لشركات الإنتاج وطلبات المخرج في ما يتعلق بالرؤية. كذلك، قد يتواطأ الممثل صاحب البطولة مع المخرج لنسف الورق وإعادة هيكلته بطريقة تمنحه مساحة أكثر مما وضعه الكاتب الأصلي للحكاية، من عدد المشاهد، وتقسيم الأحداث، وهو أمر أصبح يُشكل معضلة حقيقية للكتّاب في السنوات الأخيرة.
يبدو أن التغيير في الدراما السورية التي خرجت إلى فضاء العالم العربي، يعمل ضد صنّاع هذه الدراما، وتحديداً الكتّاب الذين لم يدفعوا الثمن في سورية قبيل فترة الحرب، لكنهم يدفعونه مضاعفاً بعد أن هاجر بعضهم، وتحول آخرون إلى آلة كاتبة، تعمل على تحرير النصوص المستنسخة إلى نصوص تتماشى مع رؤية المنتج العربي وطلبات المخرج، طمعاً في المدخول المادي الذي تضاعفه شركات الإنتاج مقارنة مع الأجر في سورية.