ليلى أبو سيف مخرجة مسرحية كبيرة مع وقف التنفيذ

14 يونيو 2022
تعرّضت المخرجة الراحلة للتضييق من السلطة بسبب مسرحها السياسي (تويتر)
+ الخط -

من خلال خبرٍ صغيرٍ ومتواضع جداً علمنا برحيل الدكتورة ليلى نسيم أبو سيف، ولعل اسمها غير معروف للعامة، لكنّه ولأهميّته العلمية والثقافية والفنية معروفٌ لدى النخبة.

فالدكتورة ليلى أبو سيف حاصلة على الدكتوراه في فلسفة الفنون من الولايات المتّحدة، وكان موضوع بحثها حياة وأعمال الفنان الراحل نجيب الريحاني، أحد أهمّ رجالات الفن التمثيلي في مصر خاصة والعالم العربي عامة.

وتناولت رسالتها البحثيّة حياته وفنه بشكل تفصيلي دقيق وعلمي في آن، منذ ظهوره وصولاً إلى صعوده قمة هرم الفن المصري بموهبته الكبيرة التي سبقت عصره، وذلك عبر قراءة سياسية واجتماعية للمجتمع الذي ظهر فيه.

ولعلّ جرأة وطموح أبو سيف قد جلبا لها المتاعب لأنّها لم تكن تقنع بالحلول الوسطية، فقد كانت أستاذة لمادتي التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكم كانت دقيقة في تدريس المناهج للطلاب، وكانت ترفض المساومة في اختبارات القبول في المعهد، فالمتقدم الموهوب يقبل فوراً والمتقدم غير الموهوب لا يقبل نهائياً.

ممّا لا شك فيه أنّ هذا الضمير المهني الحي قادها في أحيان كثيرة إلى صدامات كبرى، واتّسعت الهوة مع هذه القامة والقيمة العلمية الهامة في حياتنا الثقافية والفنية، خاصة عندما قدمت مسرحيات ذات صبغة سياسية أدخلتها في مواجهة أكبر وأعنف مع السلطة. آنذاك استخدمت السلطة كلّ السبل لتعطيل وعرقلة مشروعاتها المسرحية السياسية التي لا شك أنّها تسبّبت لها بالصداع.

موقف
التحديثات الحية

كانت ليلى أبوسيف طموحة في إرساء قواعد مسرح مختلف عن المسرح الاستهلاكي التجاري المخدّر للوعي، فقدّمت المسرح الملحمي وهو مسرح إعمال العقل وإيقاظ الوعي، وقد كان هذا عكس المطلوب وقتها.

ومع ذلك قدّمت رائعة بريخت "الأم شجاعة"، تبعتها بمسرحية "أوكازيون" على مسرح قصر ثقافة الغوري، وقام الفنان الراحل نجيب سرور بتجسيد دور صغير في المسرحية الأخيرة، ونتيجة لذلك نجحت السلطات في إيقاف مسرحياتها، بل والتعتيم عليها وإقصائها وتهميشها.

حدث ذلك بخطة ممنهجة ركّزت على محاصرتها والتضييق عليها، فتركت كرسي التدريس في المعهد وهاجرت من مصر بعدما ضاقت بها الدنيا.

لم نسمع عنها بعد ذلك لفترة طويلة حتّى طالعنا هذا الخبر الصغير الحزين الذي يعلن رحيلها من دون تعريف أو احتفاء أو حتّى مجرد التذكير بمنجزها العلمي والفني وبموهبتها في الإخراج المسرحي التي دفنت قبل أن تتألق.

سلامٌ إلى روحك دكتورة ليلى أبو سيف أستاذة أكاديمية كبيرة، ومخرجة مسرحية كبيرة مع وقف التنفيذ.

المساهمون