ليلة في 68

19 ابريل 2021
انتقد فيلم القليوبي المؤسسة العسكرية وهذا من التابوهات في مصر (يوتيوب)
+ الخط -

هذا سيناريو فيلم للمبدع الراحل محمد كامل القليوبي، وكنا ننوي التعاون لتقديمه وإخراجه. تدور أحداثه حول المظاهرات الطلابية التي أعقبت ما سمي بـ"أحكام الطيران"، عام 1968.

انطلقوا شباباً ثائرين ومعهم بطل الفيلم الحديث القبول بالجامعة، ليطلقوا الشعارات الغاضبة "لا تقوللي صدقي ولا الغول، عبد الناصر هو المسؤول".

هكذا كانت شعارات الشباب الغاضبين وقتها، معبرة عن اعتراضهم على أحكام كرتونية ضد قادة عسكريين، كان النظام قد قدمهم قرباناً لامتصاص الغضب الشعبي وقت هزيمة 67.

بالطبع تصدت السلطة لهذه المظاهرات الشبابية لقمعها، وهرب الشاب البطل، ليقضي ليلة كاملة محاولاً الهروب إلى أجواء مختلفة.

يتم القبض عليه في الصباح الباكر. في تلك الرحلة، أو في هذه الليلة الهروبية، يتعرف بطلنا، إلى العوالم التي كان يجهلها، بل وأكثر، فقد ساعدته هذه الأجواء واللحظات الإجبارية على التعرف إلى ذاته واكتشافها أكثر وأكثر. هي رحلة اكتشاف للذات والعالم في آن واحد.

يحدث ذلك الكشف بحلة سينمائية مغلفة بنقد ساخرٍ للأوضاع الاجتماعية والسياسية وقتذاك. كان فيلم "ليلة في 68" مدهشاً لثلاثة أسباب:

السبب الأول: طريقة السرد السينمائي المدهشة درامياً واحتواء الكثير من المشاهد على عنصر المفارقة والتكشف.

السبب الثاني: تسليط الضوء على الحركة الطلابية المصرية، التي واكبت الحركات الطلابية في العالم، مع اختلاف الأسباب.

بينما قامت الحركة الطلابية المصرية على الاحتجاج والتظاهر ضد أحكام الطيران المصرية، قامت الحركات الطلابية العالمية، في باريس ولندن وألمانيا واليابان وغيرها من البلدان، على مطالبتهم بالسلام العالمي احتجاجاً على حرب أميركا على فيتنام.

الشباب الغاضبون في تلك الدول، بشكل عام، حددوا مطالب كثيرة لا يتسع المقال لذكرها، ولكن نستطيع أن نوجزها في رغبتهم بتغيير العالم سياسياً واجتماعياً وثقافياً.

اللافت أن جميع المظاهرات الطلابية في العالم، بما فيها الحركة الطلابية المصرية، انطلقت دونما اتفاق أو تنسيق، وفي فترة زمنية متقاربة.

نطمح إلى زيادة مساحة الحرية، للأعمال الفنية، ليستطيع المبدع تقديم فنه وفكره بلا قيود. إن حرية الفن إحدى الدعائم الأساسية لتقدم المجتمعات

السبب الثالث: جرأة الفيلم في انتقاد المؤسسة العسكرية وقتذاك. وقد كان هذا ولا يزال على حد علمي من التابوهات.

وبصراحة، أتمنى أن نحذو حذو البلاد المتقدمة. فعلى سبيل المثال، لا تجد أميركا غضاضة في الأعمال الفنية التي توجه النقد الساخر للمؤسسة العسكرية، كما في فيلم "هير" للمخرج موليش فورمان، وفيلم "ماش" للمخرج روبرت أولدمان.

كذلك فيلم "القيامة الآن" للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، وغيرها من الأعمال التي لم تثر أي حساسية لدى المؤسسة العسكرية الأميركية.

بالمقابل، أذكر أزمة الفيلم المصري "البريء"، الذي انتهى بثورة المجند "سبع الليل" على قادته في المعسكر وتصفيتهم في مشهد دام، ولكن هذه العملية ومشاهد أخرى لم ترُق للقيادة العسكرية وقتذاك، التي كان على رأسها المشير عبد الحليم أبو غزالة، وقد شاهد الفيلم وأبدى ملاحظات بضرورة تغيير مشهد النهاية، وكذلك بعض المشاهد الأخرى.

اضطر المخرج للاستجابة للمنتج صفوت غطاس، وبالفعل نفذ المطلوب من دون علم أو موافقة مخرج الفيلم عاطف الطيب، الذي يُقال إنه فوجئ بالتغيير، ودخل على أثره المستشفى.

على أية حال، نطمح إلى زيادة مساحة الحرية للأعمال الفنية، ليستطيع المبدع تقديم فنه وفكره بلا قيود. إن حرية الفن إحدى الدعائم الأساسية لتقدم المجتمعات.

المساهمون