تجسّد الفلسطينية فاطمة نصار وزميلاتها الحنين إلى بلدة بئر السبع المُحتلة في المعرض الذي أطلقنه اليوم الثلاثاء في مدينة غزّة، من خلال عرض مشغولاتهن اليدوية وتطريزهن للثوب الفلسطيني.
ونظّم برنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية، ممثلاً بمركز "سلافة" للتطوير، التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، معرض "مطرزات من صنع أيدي اللاجئات"، وسط مدينة غزّة.
وترجمت الفلسطينيات شوقهن إلى بلداتهن، التي حُرمن من رؤيتها في الواقع، على الأثواب التي تحمل بألوانها التراثية والفلكلورية الفلسطينية عبق الماضي، إذ يرجع كل زيّ إلى مدينة من المدن المُحتلة، حيث كانت الأنماط المستخدمة في التطريز متباينة، وفقاً للمدينة أو المنطقة الجغرافية، ويمكن للشخص التعرف إلى بلدة صاحبة الزيّ والمنطقة التي تنتمي إليها.
ويقدّم المعرض، والذي تم تنظيمه في مبنى رئاسة "الأونروا"، أعمال نساء فلسطينيات مختلفات في التطريز على الثياب والملابس وغيرها من الأقمشة، في مُحاولة لإبقاء الذاكرة مُنشغلة بتفاصيل التراث الفلسطيني الأصيل.
وتقول الفلسطينية فاطمة نصار، التي تعمل في مركز "سلافة" للتطوير منذ 38 عاماً، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّها تعشق مهنة التطريز، التي تُحاوِل من خلالها التعبير عن شوقها للمُدن الفلسطينية المُحتلة، إذ يُمثل التطريز حالة فنية وفلكلورية تعبر عن أصالة الشعب الفلسطيني وحضارته.
وتتشارك نصار في التطريز مع ابنتها وزوجة ابنها، وتحاول نقل خبرتها إلى الأجيال القادمة، حيث ترى أنّ الشعب الفلسطيني يعتز بالتطريز وبالأثواب التي تذكره بأيام الجدات اللواتي كن يحرصن على ارتدائها في مختلف المناسبات.
أمّا المشرفة على الإنتاج في مركز "سلافة" سُمية أبو عودة، فتوضح أن التطريز جزءٌ من هوية الشعب الفلسطيني، أورثته الأمهات والجدات للأجيال الجديدة، وتُحاول الفلسطينيات الحفاظ على أساسيات التطريز الأصيلة، مع إضافة لمسات تواكب العصر.
ويتّخذ التطريز الفلسطيني ملامحه وتفاصيله ورسوماته من الطبيعة والأشكال الهندسية، إلى جانب الحالة النفسية للسيدة مُرتدية الثوب، وفق أبو عودة، إذ ترتدي الأرملة في حالة الحزن الثوب الأزرق، فيما يتميز ثوب الفرح باللون الأحمر والبرتقالي. وتختلف ألوان التطريز من منطقة إلى أخرى، حيث يغلب على ثوب رام الله اللون الأحمر النبيذي، فيما يتميّز ثوب بئر السبع باللون البرتقالي.
وتشير أبو عودة إلى كلّ مدينة أو قرية تميّز أثوابها بزخرفة معيّنة، تعود إلى الموروث الديني والثقافي والاجتماعي والتاريخي عند المرأة الفلسطينية. وتضم زخرفات أثواب الخليل مثلاً: الفراشات، وأشجار السرو، التي كانت تحيط بحدائق البرتقال، والتي اختلفت طريقة رسمها من بلدة إلى أخرى.
وتشتمل غرز تطريز أثواب البلدات الفلسطينية على الحجابات، والنفانيف، والريش، والنفوش والزخارف والتشريم، وصليب القدس، والنجوم الثُمانية، وعين الشمس، والكاسات، والمشربيات، فيما ترمز بعض الأثواب إلى الطبيعة الجغرافية، مثل تصوير الجِبال وبعض النباتات والورود، مثل زهر الزنبق، وشقائق النعمان والقرنفل.
ويعتبر فن التطريز الفلسطيني، والذي ترجع أصوله إلى العهد الكنعاني، مكوّناً مهماً في حياة المرأة الفلسطينية، وجزءاً أساسياً من الفلكلور الفلسطيني، وقد استعملته النساء في زينة الأثواب، إلى جانب تطعيم باقي مرافق البيت به، مثل الفرش والإكسسوارات وغيرها.