يمكن أن يؤدي التمييز بين الذكور والإناث خلال السنوات الأولى لتكوين الفرد إلى جعل أجزاء من دماغ الأنثى أرق من دماغ الذكر.
في دراسة جديدة نُشرت يوم 8 مايو/ أيار الحالي في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences، حلّل فريق بحثي دولي من علماء الأعصاب وعلماء النفس والمتخصصين في الصحة العقلية مجموعة بيانات من 29 دولة، بحثاً عن التأثيرات المحتملة للتمييز بين الجنسين خلال مرحلة الطفولة على أدمغة النساء.
سمك القشرة
أظهرت الدراسة أنه في البلدان التي كان فيها قدر أكبر من عدم المساواة بين الجنسين، كان سمك القشرة في النصف الأيمن من أدمغة الإناث أرق من أدمغة الذكور. أما في البلدان الأكثر مساواة بين النوعين، فلم يكن هناك فرق كبير. وكانت مناطق الدماغ المصابة هي تلك المرتبطة بشكل خاص بالتوتر والعواطف.
في الدراسات السابقة، أشار باحثون إلى احتمال أن يكون للتمييز بين النوعين تأثير على وظائف المخ مثل مشكلات الصحة العقلية وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي. لكن في الدراسة الجديدة أراد المؤلفون معرفة ما إذا كان التمييز يؤدي إلى علامات جسدية على الضعف.
نتائج الدراسة
فحص المؤلفون بيانات 7876 مريضاً خضعوا لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي. أجريت الدراسة على 4078 امرأة و3798 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً من 29 دولة بما في ذلك المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، والصين، وأميركا اللاتينية، والهند، وجنوب أفريقيا. شملت البيانات معلومات مثل الوضع الاجتماعي للمرضى، وسجلاتهم الأكاديمية.
كجزء من التحليل، قام الفريق أيضاً بتضمين مؤشرات عدم المساواة لوصف درجة التمييز بين الجنسين في بلد معين. "يظهر أن الاختلاف في أدمغة الرجال والنساء في جوانب معينة من الدماغ، ولا سيما سمك القشرة في نصف الجمجمة الأيمن، يرتبط بمستوى عدم المساواة بين الجنسين في البلد. أي أنه لا توجد فروق في البلدان المتساوية بين الجنسين في هذه الخاصية بين الرجل والمرأة، وتظهر فقط كلما زاد عدم المساواة بين الذكور والإناث في البلد الواحد"، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة أستاذ الطب النفسي في جامعة أكسفورد نيكولاس أندريس.
وتملك النساء من البلدان ذات مؤشر عدم المساواة المرتفع ثلاث مناطق دماغية أرق من النساء في البلدان التي يوجد فيها قدر ضئيل من عدم المساواة بين الجنسين.
النصف المخي الأيمن
يضيف أندريس في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تحليلات أخرى أجراها هو وفريقه كشفت أن التمييز يؤثر بشكل خاص على مناطق في النصف المخي الأيمن المنوطة بالعواطف، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة في المناطق الأمامية من الدماغ، "يجعلنا هذا نعتقد أننا نشهد تأثيراً للضغط المستمر على النساء اللواتي يعشن في بلدان غير متكافئة لناحية المساواة والعدالة بين الجنسين".
يؤثر الإجهاد على اتصالات الخلايا العصبية، التي ستظهر بعد ذلك على أنها ترقق من قشرة المادة الرمادية في دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي. ويمكن أيضاً إشراك عوامل أخرى، مثل تأثير الفرص المحدودة بما في ذلك التعليم في أدمغة النساء، مما يؤدي إلى انخفاض تنمية الروابط بين هذه الخلايا.
دور قادة الدول
يعتقد الباحثون أنه إذا كان قادة الدول يعتقدون أن النساء أقل ذكاء من الرجال، فقد تؤدي القوانين والممارسات الاجتماعية إلى التمييز بين النوعين الاجتماعيين (الذكر والأنثى)، وهو ما يضر بأدمغة الإناث أثناء نموهن، وربما يؤثر ذلك على الذكاء في هذه العملية، وهو ما يوصف بأنه "نبوءة أو فرضية تحقق نفسها على أرض الواقع". ويقترحون أن السبيل لمنع ذلك هو أن يرفض القادة الصور النمطية ويكسروا مثل هذه الحلقات.
يشدد المؤلف الرئيسي للدراسة على أن النتيجة التي حصلوا عليها لا تجيب عن كل الأسئلة المتعلقة بهذه القضية، وإنما هناك العديد من الأسئلة حول آليات حدوث التأثيرات السلبية، وتوقيت هذه التغييرات (في وقت مبكر من الحياة أو لاحقاً)، وهي النقاط التي يعمل عليها المؤلفون حالياً.