يشكو مخرجو الأفلام القصيرة من أنّ أفلامهم تظلم من حيث المشاهدة، فهي ملحقةٌ دوماً بالأفلام الطويلة ولا تعرض وحدها في دور السينما، بمعنى أن الفيلم ليس مقصوداً لمشاهدته، وإنما تأتي مشاهدته عرضاً. كذلك، يعتبر الكثير من المشتغلين بصناعة الأفلام القصيرة أنّها بوابة عبورهم لصناعة الأفلام الطويلة، وأنّ مجد المخرج أو المؤلف أو الممثل يكتمل بالاعتراف به في فيلم روائي طويل.
إن كانت هذه هي الحالة في الأوضاع العادية، فكيف ستكون على هامش مونديال كأس العالم، حين دعت مؤسسة الدوحة للأفلام لحضور مجموعة أفلام قصيرة فقط، في أمسيات وأمكنة ودور سينما مخصصة لها.
خصّصت المؤسسة 4 أمسيات لبرنامج صنع في قطر، حيث قدمت 38 فيلماً قطرياً، من بينها فيلم "ثم يحرقون البحر" (12 دقيقة) للمخرج القطري ماجد الرميحي الذي رشحته قطر لتمثليها هذا العام في المنافسة على جائزة أوسكار، ضمن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة. يروي الفيلم معاناة المخرج ووالدته عبر معايشته تطور إصابتها بمرض ألزهايمر من البداية وصولاً إلى فقدان ذاكرتها تماماً.
كذلك، تدعو المؤسسة لحضور 5 أفلام فلسطينية قصيرة، أهمها الفيلم القصير "إجرين ماردونا" للمخرج فراس خوري، حيث نتتبع قصة صبيين فلسطينيين يسعيان لاستكمال مجموعتهما من الصور الخاصة بكأس العالم 1990. وفاز الفيلم الصادر عام 2019، والذي ساهمت شركة ميتافورا بإنتاجه، بجوائز عدة.
ومن الأفلام الجديرة بالمشاهدة فيلم "الهدية" للمخرجة الأميركية الفلسطينية فرح النابلسي الذي وصل لقائمة الأفلام القصيرة المرشحة لنيل جائزة أوسكار عام 2021، ويروي معاناة أب وطفلته خلال محاولتهما مفاجأة الأم ببراد هدية، ونقله عبر بوابات وحواجز الجيش الإسرائيلي.
وخصّصت أمسية للأفلام القصيرة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، فعرضت 7 أفلام من تونس ونيبال وتركيا والجزائر ومصر ولبنان والهند، فيما احتضنت أمسية أخرى تجارب من مختلف أنحاء العالم، حيث شاهدنا الفيلم الفيليبيني "ابنة صائدة الجوائز"، الحائز على جائزة مهرجان صندانس، والذي يروي قصة فتاة ريفية تعزف الموسيقى الشعبية التقليدية، وتؤلف كلمات أغانيها، وترغب بالظهور على التلفزيون ليفخر والدها بإبداعها.
فيما يروي الفيلم البريطاني "أمر شخصي" معاناة شاب سُرق محتواه الرقمي على الإنترنت وحقق مشاهدات ضخمة، ممّا يدفعه إلى ملاحقة سارق الفيديو، وينتهي الأمر بمقابلة الفتاة التي نشرت الفيديو الخاص به، ويضحكان معاً، ويصل إلى قناعة بأنّ "استعارة المحتوى أمر عادي وشائع ولا يوجب الحزن".
أما فيلم "مقَوْدَة " للجزائرية سعاد الدويبي، فهو يعتمد على قياس نبض الشارع الجزائري من قبل طبيبة تراقب الحياة في شوارع العاصمة وأزقتها.
كذلك عرضت 3 أفلام رسوم متحركة هي: "تجار الجليد" من البرتغال الذي يتحدث عن نضال أب وابنه للنجاة من التغير المناخي، و"كناري" من كندا الذي يتحدث عن صبي يعمل مع طائره في مناجم الفحم، بينما يرسم الفيلم الثالث "جميل من الداخل"، من هولندا، صورةً جديدة لطفل مهاجر وقع ضحية النظرة المسبقة لشرطي أرداه قتيلاً.
نعم، لا تحظى الأفلام القصيرة بشعبية كبيرة، ولكنّي أظن أن تطور منصات الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، سيجعل هذا الفن منتشراً ومطلوباً أكثر من ذي قبل.