فيلمان عربيان في "لا موسترا الـ80": ذاكرة وراهن

07 اغسطس 2023
"باي باي طبرية" للينا سوالم: حكاية 4 أجيال من نساء فلسطينيات (الملف الصحافي)
+ الخط -

 

في جديدها "باي باي طبرية"، تروي لينا سوالم الحكاية التالية: عند بلوغها أوائل العشرينيات من عمرها، تغادر هيام عباس قريتها الفلسطينية، لتحقيق حلمها بأنْ تصبح ممثلة في أوروبا. تترك والدتها وجدّتها وشقيقاتها السبع. بعد 30 عاماً، تعود رفقة ابنتها المخرجة لينا إلى القرية، التي ترغب في معاينة خيارات والدتها، واختبار المنفى، وطريقة تأثير الغياب والرحيل على النساء في عائلتها، وعلى حيواتهنّ. بين الماضي والحاضر، يجمع "باي باي طبرية" صوراً ولقطات عائلية من تسعينيات القرن الـ20، وأرشيفات تاريخية، لتصوير 4 أجيال من النساء الفلسطينيات "اللواتي يحافظن على قصصهنّ وإرثهنّ، بفضل روابط تجمعهنّ وقوّتها، رغم المنفى والهروب والحسرة".

سوالم ممثلة ومخرجة جزائرية فلسطينية فرنسية. قبل الإخراج، تدرس التاريخ والعلوم السياسية في "جامعة سوربون"، وتعمل بعد التخرّج مبرمجة في "المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان" في بوينس آيرس (الأرجنتين). "جزائرهم" (2020) أول وثائقي طويل لها، يندرج أيضاً في إطار عائلي، إذْ ترافق المخرجة الشابة جدّيها لوالدها، الممثل الفرنسي الجزائري، اللذين ينفصل أحدهما عن الآخر، في رحلة بصرية في ذاكرةٍ وحكايات ووقائع عيش وعلاقات، في المهجر الفرنسي. كأنّ أول وثائقي لها تقديمٌ لجديدها "باي باي طبرية"، في توثيقها السينمائي حكاية أهل وأجداد أيضاً.

"جزائرهم" عُرض للمرة الأولى عالمياً في الدورة الـ51 (17 أبريل/نيسان ـ 2 مايو/أيار 2020) لـ"مهرجان رؤى الواقع". أمّا "باي باي طبرية"، فيُعرض، للمرة الأولى عالمياً أيضاً، في الدورة الـ80 (30 أغسطس/آب ـ 9 سبتمبر/أيلول 2023) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي (لا موسترا)". الذي سيُعرض فيه أيضاً، لكنْ في برنامج "آفاق ـ فينيسيا" (اختيار رسمي)، "إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" (2023، 20 د.)، للّبناني وسام شرف، تمثيل رائد ياسين ورودريغ سليمان وهالا دبجي وسعيد سرحان: على رائد، الحارس الأمني، أنْ يمنع المشاة من الوصول إلى الواجهة البحرية، في موقع لبناني مُطلّ على البحر. بينما ينسدّ الأفق، أكثر فأكثر، في كلّ يوم، بسبب موقع البناء، يقوم رائد بلقاءات فريدة من نوعها. لكنْ، أتكون هذه كلّها مجرّد أحلام، أم أنّها تجسيد لرغباته المخبّأة في أعماق ذاته؟

لوسام شرف ("العربي الجديد"، 6 ديسمبر/كانون الأول 2022) فيلمان روائيان طويلان: "من السماء" (2016، 70 دقيقة) و"حديد، نحاس، بطاريات" (2022، 83 دقيقة). المنحى الدرامي في الأول يستدعي بناء عالم الحرب مجدّداً، من خلال عودة مقاتل (رودريغ سليمان) إلى "الحياة"، بعد 20 عاماً على اختفائه الملتبس، ما يدفع أهله وأصدقاءه، حينها، إلى اعتباره ميتاً. لكنّ العودة مفتاحٌ لولوج مناخ الحرب، في راهن ممتدٍّ فيها بأشكال أخرى. عودة تضع الشقيق الأصغر (رائد ياسين) للعائد أمام أسئلة حرجة.

أما الثاني، فغير معنيّ فقط بمعاينةِ تفكيرٍ وسلوك لبنانيَّين، ينضويان في مسألة العلاقة بهذا الآخر، والآخر يكون عربياً (السوري والفلسطيني تحديداً) وغير عربيّ (العاملات المنزليات القادمات من الفيليبين وبنغلادش وسريلانكا وإثيوبيا، مثلاً). فـ"حديد، نحاس، بطاريّات" ("العربي الجديد"، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022) يتجوّل في مدينةٍ وذاتٍ ومشاعر، وبعض هذا مُحمَّل بهذين التفكير والسلوك. النواة الدرامية معقودة على حبٍّ بين فردين غير لبنانيين، يُقيمان ـ كلّ واحد منهما لسببٍ يختلف عن الآخر ـ في مدينة مكسورة وممزّقة، وبعض انكسارها وتمزّقاتها نابعٌ من تربية وثقافة وموروثات.

المساهمون