فنانو أوكرانيا بعد الغزو الروسي: الأخ لا يأتيك شاهراً مسدسه
بينما تمضي روسيا قدماً في غزوها لأوكرانيا بشن غارات جوية على مدن وقواعد عسكرية وإرسال قوات ودبابات من عدة جهات، في هجوم يرقى إلى أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، اندفع المشاهير من البلدين ومن حول العالم إلى استنكار ما يحصل ومساندة أوكرانيا وشعبها.
الفنانون في أوكرانيا، من عالم السينما والموسيقى والتلفزيون والرياضة والأدب، كانوا مباشرين وواضحين في تصريحاتهم التي أعقبت غزو بلدهم. سمّوا المعتدي بالاسم: فلاديمير بوتين. وهزأوا من عودة "الشقيق" غازياً: "الأخ الحقيقي لا يأتيك شاهراً مسدسه". وسألوا عن أصوات الفنانين والأدباء في أوروبا والولايات المتحدة، ولو أنهم أقرّوا بأن "الكلمة المكتوبة والمنطوقة فقدت وزنها".
قائدة الأوركسترا أوكسانا لينيف قالت إن "العالم شاهد وجه بوتين الحقيقي". وأضافت في مقابلة مع شبكة "دويتشه فيله" الخميس: "أخيراً، ظهرت نيات بوتين واضحة وصريحة؛ يريد تدمير دولة مستقلة، أمة لها ثقافتها الخاصة، وأبجديتها الخاصة، ولغتها وتاريخها، وفنانوها، وهويتها الخاصة. تطوُرُنا كدولة أوروبية، الذي عملنا من أجله طوال 30 عاماً منذ الاستقلال، في خطر شديد". وواصلت حديثها عن الرئيس الروسي قائلة "في عقود حكمه، بنى الديكتاتور دولة بوليسية في روسيا. لكن في أوكرانيا، لن ينجح هذا الأمر، والأوكرانيون يرفضون بشدة الإفلات من العقاب".
وأكدت لينيف: "كل أولئك الذين ما زالوا يهدئون أنفسهم بذكريات ما بعد الاتحاد السوفييتي ويهتاجون عند الحديث عن (الأمة الشقيقة) تلقوا الآن تنبيهاً حاسماً. الأخ الحقيقي لا يأتيك شاهراً مسدسه ومنتظراً على بابك؛ القاتل فقط من يفعل ذلك. الآن الوقت المناسب للعالم كله ليثبت ما الدروس المستفادة من حربين عالميتين من أجل منع معركة دامية وسط أوروبا".
في المقابلة نفسها مع "دويتشه فيله"، تحدث المخرج السينمائي سيرغي لوزنيتسا متأسفاً لأن "التاريخ يعيد نفسه". وقال لوزنيتسا: "لثماني سنوات، شن الاتحاد الروسي حرباً ضد أوكرانيا. لثماني سنوات، حاولت أوروبا الغربية تجاهل هذه الحرب، وواصلت التعاون مع المعتدي ودعمه. والآن، جميعنا نحصد ثمار هذا". وحذّر "إذا لم يكن هناك رد فعل صارم من الاتحاد الأوروبي ودول حلف شمال الأطلسي الآن، فسينتهي الأمر على نحو سيئ. للأسف، التاريخ يعيد نفسه. ولسوء الحظ، لا أحد يتعلم منه".
الروائي أندريه كوركوف سأل مستنكراً: "أين أصوات الفنانين من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة؟". وأضاف "لسوء الحظ، ككتّاب وفنانين بشكل عام، لدينا تأثير أقل على الموقف مما كان لدى زملائنا خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. فقدت الكلمة المكتوبة والمنطوقة وزنها. ومع ذلك، هذا لا يعني أن على المرء أن يبقى صامتاً. من المهم بالفعل بالنسبة لنا في أوكرانيا أن يكون هناك خطاب مفتوح لفنانين روس أو بيان من مركز القلم الروسي. أين أصوات الفنانين من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة؟ الأمر متروك للفنانين ليهزوا حكوماتهم. لأنه من الواضح أن السياسيين لم يفهموا بعد مدى خطورة ما يحدث الآن بالنسبة لنا كلنا".
ورأت الروائية كاتيا بتروفسكايا أن "على الغرب شدّ حزامه"، وأضافت أن "لا أحد يستطيع الانتصار في الحرب التي اندلعت للتو. فات الأوان على المحادثات. هناك حاجة إلى عقوبات شاملة وفعالة. على الغرب شدّ حزامه والتخلي عن النفط والغاز الروسيين. نحن نتعامل مع طاغية يكسب من الحرب. هذا هو مصدر ماله، ويجب أن يتوقف".
المشاهير الروس لم يتجاهلوا تماماً اجتياح أوكرانيا، وإن لم يسموه في منشوراتهم المنددة بالحرب على مواقع التواصل الاجتماعي. نشر مقدم البرامج التلفزيونية المحبوب إيفان أورغانت صورة مربع أسود عبر حسابه في "إنستغرام"، وكتب "لا للحرب". وكذلك فعل الممثل الكوميدي والموسيقي ماكسيم غالكين، زوج النجمة الروسية آلّا بوغاتشوفا. ودعا المغني وكاتب الأغنيات إيفان دورن إلى رفع الصوت ومساندة أوكرانيا. وأصدر مغنو راب بياناً مشتركاً أكدوا فيه أنهم لا يدعمون الحرب على أوكرانيا، عكس ما تروج سلطات بلادهم.
وشارك أحد أعظم لاعبي الشطرنج في التاريخ، الروسي غاري كاسباروف، الذي تحول إلى ناقد لبوتين، إذ دان الخطوة الروسية عبر شبكة الإنترنت، ودعا الحلفاء إلى "دعم أوكرانيا" و"إفلاس آلة بوتين الحربية". ولم يوفر كاسباروف المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر الذي يعمل في شركة النفط الروسية العملاقة "غازبروم"، قائلاً إنه يجب توجيه التهم إليه.
أما مديرة "مركز ميرهولد المسرحي" في موسكو ييلينا كوفالسكايا، فأعلنت استقالتها الخميس، وقالت "يستحيل أن أعمل لقاتل وأحصل على راتب منه".
في المقابل، وجه مدير دار أوبرا "لا سكالا" الإيطالية دومينيك ماير رسالة مشتركة مع رئيس بلدية ميلانو جوزيبي سالا إلى المايسترو الروسي الشهير المقرب من بوتين فاليري غيرغييف، طالباه فيها بالدعوة علناً إلى "حل سلمي" للنزاع الروسي الأوكراني. وفي حالة الرفض، فقد يُمنع غيرغييف من حضور العروض المقبلة لمسرحية "ملكة البستوني" لتشايكوفسكي المقررة بين 5 و13 مارس/آذار المقبل، علماً أنه أخرج العرض الأول الذي عرض الأربعاء في الدار الإيطالية العريقة.
وأعلنت دار "كارنيغي هول" في مدينة نيويورك الأميركية أن غيرغييف لن يقود أوركسترا فيينا الفيلهارمونية في جولة من خمس حفلات موسيقية في الولايات المتحدة تنطلق مساء اليوم، على خلفية "الأحداث العالمية الأخيرة".
وبعيداً من روسيا وأوكرانيا، ندّد مشاهير هوليوود بالغزو الروسي لأوكرانيا، وعلى رأسهم الروائي ستيفن كينغ ومغنية الراب كاردي بي وباريس هيلتون وذا ويكند... واستعادت المغنية وكاتبة الأغاني مايلي سايرس تجربتها في العاصمة الأوكرانية كييف في أثناء تصوير أغنية Nothing Breaks Like A Heart التي صدرت عام 2018. الممثلة والناشطة باربرا سترايسند كتبت: "هاجر أجدادي لجهة والدي من أوكرانيا، وينفطر قلبي على الشعب الشجاع هناك الذي يحارب هذا الغزو الروسي. إن دعاية بوتين حول (نزع النازية) واحدة من أعظم أكاذيب هذا القرن". وأضافت أن "مدح ترامب (دونالد)، وهو رئيس أميركي سابق، لبوتين، مثير للاشمئزاز"
أما الممثل الإسباني خافيير بارديم فشارك في احتجاج خارج السفارة الروسية في مدريد الخميس، لدعم الشعب الأوكراني.
وأعلنت الرئاسة الأوكرانية، الخميس، أن الممثل والمخرج الأميركي شون بن في كييف، حيث يصور وثائقياً عن الاجتياح. وأضافت "شون بن اليوم هو من بين داعمي أوكرانيا وموجود في أوكرانيا. بلدنا ممتن له على بادرة الشجاعة والصدق هذه".
مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" أكدت أنها لن تستبعد روسيا من قائمة المتسابقين في دورتها للعام الحالي. وقال القائمون عليها، الخميس، إنها "حدث ثقافي غير سياسي"، لكنهم عبروا عن قلقهم إزاء "الأحداث الراهنة" في أوكرانيا، وأكدوا أنهم "يراقبون الوضع عن كثب". كانت أوكرانيا قدمت التماساً إلى "اتحاد البث الأوروبي" لمنع روسيا من المشاركة في المسابقة.
من عالم الرياضة، أكد بطلا "فورمولا 1" سيباستيان فيتيل وماكس فيرستابن، الخميس، أنهما لن يشاركا في سباق جائزة روسيا الكبرى في سبتمبر/أيلول المقبل، إذا أقيم في ظل الظروف الحالية. واليوم الجمعة، أعلنت بطولة العالم لسباقات "فورمولا 1" للسيارات أنها قررت إلغاء السباق، وأكدت "استحالة" إقامته في ظل "الأوضاع الحالية".
اليوم أيضاً، جرّد "الاتحاد الأوروبي لكرة القدم" مدينة سان بطرسبورغ من استضافة نهائي دوري الأبطال، ومنحها للعاصمة الفرنسية باريس، كما قرّر إقامة المباريات القارية لروسيا وأوكرانيا على أرض محايدة.
وأعلن نادي "شالكه" الألماني العريق، الخميس، أنه سيسحب اسم وشعار راعيه الرئيسي "غازبروم" عن قمصانه. وقال أسطورة الملاكمة فيتالي كليتشكو إنه سيحمل السلاح مع شقيقه فلاديمير للقتال في "الحرب الدموية"، بعد الاجتياح الروسي لبلدهما.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
