اختارت الفنانتان الفلسطينيتان دينا زعرب ومرح حرز، من مدينة غزة، إتمام رسم لوحاتهما الفنية بين الأشجار وأشتال الورود، في محاولة منهما لعكس أفكارهما والتعبير بحرية عما يجول في خاطرهما.
وتجمّع، إلى جانب الفنانتين، نحو 70 فناناً وفنانة فلسطينية داخل مزرعة حمدونة السياحية في مدينة بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، ضمن الفعالية الفنية التي نفذتها مؤسسة رواسي فلسطين للثقافة والفنون والإعلام، اليوم الخميس، بمناسبة أسبوع الشباب العالمي.
وتناقض المشهد الطبيعي الذي تجلس فيه الفتاتان مع المواضيع التي ناقشتها لوحاتهما الفنية التي رُسِمت بألوان داكِنة. تقول الفنانة دينا زعرب، التي رسمت طفلاً يصرخ وقد سال الدمع من عينيه، إنها حاولت التعبير عن واقع الطفل الفلسطيني الصعب، فيما تأمل أن تُساهم اللوحات الفنية في تحسين هذا الواقع.
أما زميلتها مرح حرز، فقد ناقشت أيضاً في لوحتها الفنية، التي استخدمت فيها اللونين الأبيض والأسود، واقع الأطفال، عبر رسمة طفلة تحمل ملامح حزينة وهي متشحة بالكوفية الفلسطينية. وتبين لـ"العربي الجديد" أن الرسم في أحضان الطبيعة يزيد من إمكانية التعبير عن أي فكرة، وتؤكد أهمية الفن في التعبير عن أهواء الشعوب عامة، والشعب الفلسطيني المُحتل تحديداً.
وتنوعت المواضيع التي تطرق إليها الفنانون والفنانات في الفعالية الفنية التي حملت شعار "من وحي الأرض"، إذ قدّم البعض لوحات تحدثت عن الأرض والهوية الفلسطينية، فيما اتجه آخرون لمُناقشة قضايا المرأة والشباب، وعبّر البقية في لوحاتهم عن مختلف الأفكار، بمساحات فنية واسعة ومتنوعة.
وتميز المعرض الفني باتخاذه شكلاً أكثر حرية من المعارض التقليدية التي يتقيد فيها الفنان بلوحات جاهزة ومصفوفة على الجدران، إذ علقت اللوحات على جذوع الشجر وبين أوراقها، وبين شجر النخيل والورود والأزهار بمختلف ألوانها، فيما أتمّ الفنانون لوحاتهم في الطبيعة، لإعطائهم مساحات أوسع للإبداع وعكس أفكارهم بحرية أكبر.
وسلطت اللوحات الضوء على قضايا ومواضيع تخص الشأن الفلسطيني، مثل واقع مدينة القدس والمسجد الأقصى، ومعاناة المرأة الفلسطينية المتواصلة، ومعاناة الأطفال وهلعهم خلال الحرب.
ولم تقتصر اللوحات المُشارِكة على المعاناة فقط، وإنما حمل بعضها تفاصيل الأمل بالحياة، عبر تصوير البحر والأشجار والزهور والطيور والمشاهد الطبيعية، علاوة على تصوير الحياة الطبيعية بألوان زاهية، ولوحات أخرى تعكس أمنيات الشعب الفلسطيني بالحرية والانعتاق والحياة الكريمة والآمِنة.
أما الفنان التشكيلي محمود أبو سعدة، فانشغل في رسم لوحة عن القدس وأسوارها وسكانها من نساء وشيوخ وأطفال، ويوضح أنه حاول عبر لوحته عكس ملامح مختلف شرائح الشعب الفلسطيني، بشيوخه الذين عايشوا كل أشكال المعاناة، والمرأة التي تعرضت للظلم، فيما صَوّر طفلًا بملامح ناعمة يعيش في واقع صعب. ويشير إلى أنه يسعى من خلال لوحاته لعكس الواقع، أملاً في مستقبل مشرق.
من جانبه، يوضح المدير العام لمؤسسة رواسي فلسطين، الفنان التشكيلي فايز الحسني، لـ"العربي الجديد"، أن المعرض يأتي ضمن المُبادرة الفنية التي تنفذها المؤسسة تحت رعاية الهيئة العامة للشباب والثقافة، وبتمويل من المركز الثقافي الماليزي، بمناسبة يوم الشباب العالمي.
وتهدف المُبادرة، وفق الحسني، إلى خلق مساحات حرة تٌساعد الفنانين على التعبير عن مشاعرهم وتوجهاتهم وأفكارهم وآمالهم وطموحاتهم، باستخدام الريشة والألوان، إلى جانب التأكيد على ضرورة استثمار طاقات الشباب في مجال الفنون، لتوظيفها بشكل سليم يخدم تطلعات المجتمع الفلسطيني.
ويبين الحسني أنه جرى اختيار 70 فنان وفنانة، من أصل 120 تقدموا للمشاركة في المبادرة، وذلك وفقاً لمعايير فنية. وعقدت ورشة تحضيرية لاختيار العناوين والمواضيع، وورشة أخرى للبدء بالرسم، ومن ثم الانطلاق إلى اليوم النهائي وعرض المُنتجات الفنية، بعد إتمام رسمها بين أحضان الطبيعة.