تسعى فتيات فلسطينيات للتغلب على الواقع الصعب الذي يعانين منه في قطاع غزة المحاصر عبر تسيير الرحلات الترفيهية، التي تُزار من خلالها الأماكن الترفيهية والسياحية والتاريخية، بهدف الترفيه عن النفس وكسر حالة الجمود.
وتُحاول المُشاركات في الرحلات القفز عن تداعيات الحصار الإسرائيلي، وانعدام وجود الكثير من المرافق العامة التي يمكن زيارتها، عبر التعرف إلى الأماكن المتوافرة، وزيارتها، بهدف خلق حالة من الإيجابية.
وتبدأ عملية التسجيل في الرحلات بعد نشر تفاصيل الرحلة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، التي يُحدَّد فيها الموعد النهائي للانطلاق، إلى جانب تحديد موعد ونقطة التجمع، علاوة على نشر محطات تحرك باصات الرحلة، فيما تُرفَق كذلك المحطات والأماكن التي ستُزار، والتي تتركز عادة في الأماكن المشهورة والتاريخية والأثرية، فيما أُضيفت المدن السياحية والأماكن الترفيهية، بهدف إضفاء رونق إيجابي جميل.
وتوضح المصورة الفلسطينية، شروق جبر، التي تسيّر إحدى الرحلات التي ضمت نحو 250 فتاة من مختلف محافظات قطاع غزة، أنها دعت إلى الرحلة عبر منصاتها الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، وتحمل هدفاً أساسياً، هو الترفيه عن النفس، فيما شارك فيها مختلف المراحل العمرية، من 10 – 50 عاماً، وقد ضمّت طالبات جامعة، وطالبات مدرسة، وأطفالاً، ومُربيات، وربات بيوت.
وتبين جبر لـ"العربي الجديد" أن الرحلة تضمنت زيارة مزيج بين الأماكن الأثرية والتاريخية مثل تل المنطار ومقبرة الإنكليز، مع الأماكن الترفيهية التي تحتوي على الألعاب والمسابح والشاليهات والجلسات ذات الإطلالة البحرية الجميلة، إلى جانب زيارة مجسم للقدس في أحد تلك المرافق، على أمل رؤيته على أرض الواقع ذات يوم.
وكرّرت جبر تنظيم الرحلة، بعد ثلاث سنوات من تسيير الرحلة الأولى، وذلك بسبب الإقبال والاستجابة الكبيرة، وحاجة الناس إلى الترفيه، حيث أُعلن مجدداً انطلاق الرحلة عبر "فيسبوك" و"إنستغرام".
وانتشرت خلال الفترة الماضية ظاهرة جديدة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يدعو خلالها بعض النشطاء والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى المشاركة في رحلة ترفيهية، ضمن آلية تسجيل معينة بهدف كسر حالة الجمود.
وعبّرت الناشطة انتصار البطش عن سعادتها بالمشاركة في الرحلة الترفيهية التي تضمنت مقابلة عدد من أصدقاء منصات مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعيها من مناطق قطاع غزة كافة، الذين يجري التعامل معهم دائماً بشكل إلكتروني، وقد جاءت الرحلة لنتعرف إليهم على أرض الواقع.
وتوضح البطش لـ "العربي الجديد"، قائلة إن الرحلة تحمل قيمة إضافية، حيث تجمع الفتيات من مختلف محافظات قطاع غزة، من رفح جنوباً، حتى بيت حانون شمالاً، جمعاً جيداً يدل على التكاتف وترابط العلاقات الاجتماعية، ملمحة إلى أن استهداف المناطق السياحية والترفيهية يأتي في إطار "تغيير نفسية الفتيات والسيدات اللواتي خضن مرحلة صعبة في مساعدة أبنائهم وبناتهم في الامتحانات المدرسية، وتفريغ للطاقة السلبية، وشحن الطاقة الإيجابية".
وتأتي محاولات الفتيات في تسيير الرحلات أو المشاركة بها، في ظل الأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها سُكان قطاع غزة بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي منذ ستة عشر عاماً، الذي أفرز ظروفاً صعبة في مختلف المجالات، التي أثرت بالمجمل في وجود الأماكن الترفيهية العامة.
وتُرجِع تلك الرحلات الفتيات إلى الذكريات القديمة، حيث تحمل الطابع الاجتماعي ذاته، الذي يجري فيه التنقل بين المحطات المستهدفة للزيارة عبر باص كبير يتسع لـ 50 شخصاً، وتغمر المشاركات فيه أجواء من البهجة والفرحة.
أما المُشارِكة لينا شملخ (26 عاماً)، التي بدت منسجمة في أنشطة وفعاليات الرحلة الترفيهية، والأماكن التي جرت زيارتها، فتقول إن "الرحلة جميلة واستمتعنا بها"، متمنيةً تكرار هذا النوع من الرحلات، خاصة في ظل ما يعانيه الفلسطينيون من حصار واحتلال إسرائيلي.
وتتابع شملخ حديثها مع "العربي الجديد"، قائلة: "الرحلة ساعدتنا في التخلص من الطاقة السلبية، التي اكتنزت بداخلنا بفعل ما مررنا به من حروب وظروف قاسية، من خلال الأجواء الجميلة التي سادت خلال فقرات الرحلة".