دانت هيئات مهنية مغربية، اليوم الإثنين، ما دعته "استفزازات ومضايقات" تضمّنت "مصادرة للمعدات وتحقيقات أمنية"، تعرّض لها الوفد الإعلامي الرسمي المكلّف بتغطية فعاليات القمة العربية المنتظر انطلاقها يوم غد الثلاثاء في العاصمة الجزائرية، في صورة أخرى من صور التوتر التي تشهدها العلاقات بين البلدين الجارين.
وأعلن اليوم عن عودة الفريق الصحافي للقناة المغربية الأولى الحكومية من الجزائر، بعد "منعه من تغطية أشغال القمة العربية في الجزائر وحجز معداته في مطار الهواري بومدين".
وكشفت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين المستقلة، أنّ السلطات الجزائرية رفضت دخول الوفد الإعلامي المغربي الرسمي عبر خط جوي مباشر، إذ "اضطر الزملاء الإعلاميون إلى السفر عبر طائرة إلى باريس، ومنها إلى العاصمة الجزائر لأداء واجبهم المهني، قبل أن يتعرّضوا إلى ما يشبه الاعتقال التعسفي، الذي انتهى بتجريدهم من صفتهم الصحافية، ونزع معداتهم وكاميراتهم، والسماح لهم بالدخول إلى التراب الجزائري، كمواطنين فقط".
وقالت الجمعية، في بيان لها، إنّها تلقت "شهادات وتصريحات من إعلاميين كانوا ضمن البعثة الرسمية المغربية، سردوا فيها معاناة دامت أكثر من ست ساعات، وتعرضوا خلالها إلى أبشع أنواع المعاملة من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية بمختلف أنواعها، رغم أنّ الإعلاميين أدلوا بجميع الوثائق والبيانات والبطائق التي تدل على هوياتهم".
من جهتها، قالت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إنّ السلطات الجزائرية "تستمر في نهج أساليبها العدوانية تجاه الصحافة المغربية، والتي أضحت بمثابة تقليد يتكرر حين احتضان الجزائر لأي ملتقى ذي صبغة دولية أو إقليمية أو قارية، مما يبين عداءها لحرية الرأي والتعبير، ولحق المواطنين وشعوب المنطقة في المعلومة، وإمعانها في الوقوف ضد كل ما من شأنه تجسير الهوة بين الدول والشعوب المغاربية أساسا".
وأوضحت النقابة، في بيان لها، أنّه "في إطار هذه الأعراف الجزائرية الممعنة في الاستفزاز، وخلق المعارك الوهمية، تعرض الزملاء الصحافيون العاملون بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية لاستفزازات ممنهجة بمطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية، بحيث تم احتجازهم لمدة تجاوزت الست ساعات، فور وصولهم. وترافق هذا الاحتجاز المدان مع التحقيق الأمني، قبل السماح لهم بدخول التراب الجزائري، باعتبارهم أفرادا عاديين فقط، مجردين من هويتهم المهنية التي على أساسها ذهبوا إلى الجزائر، من أجل تغطية أشغال القمة العربية".
وتابعت: "وعلى هذا الأساس الواهي المفتقر لأي سند قانوني أو حقوقي أو أخلاقي قررت السلطات الأمنية الجزائرية تجريدهم من المعدات والتجهيزات التقنية الخاصة بعملهم الصحافي ومصادرتها، ليتبين لاحقاً أن الوفد الاعلامي المغربي برمته ممنوع من تغطية أشغال القمة العربية، بعد حرمانهم من الاعتماد الرسمي الخاص بها، دونا عن باقي الوفود الإعلامية العربية والدولية".
واعتبرت أنّ ذلك "يظهر البعد الانتقامي لهذا الفعل المستهجن المتعامل مع الصحافة المغربية بعقلية انتقامية متقادمة، لا تنظر للإعلام إلا من زاوية سياسوية محدودة الأفق ومرتهنة للأمني في وجهه القمعي، الذي يحصي الأنفاس عوض خدمة مصالح الشعوب وحقها في الحرية والكرامة".
وكانت السلطات الجزائرية قد رفضت السماح لتسعة صحافيين مغاربة بالدخول ضمن البعثة الرياضية المغربية المشاركة في ألعاب البحر المتوسط في يونيو/ حزيران الماضي، ممّا أثار غضباً في صفوف هيئات مهنية مغربية ودولية، من بينها "مراسلون بلا حدود".
إلى ذلك، دعت النقابة المسؤولين في جامعة الدول العربية إلى تحمل مسؤوليتهم الكاملة تجاه ما تعرّض له الوفد الصحافي المغربي، ولفتت إلى أنّ الجزائر مجرد محتضنة لأعمال القمّة، ولا حق لها في منع وفد صحافي من القيام بواجبه المهني، خصوصاً إذا كان الوفد ينتمي إلى دولة مشاركة في الفعاليات من خلال وفد رسمي.
وقالت إنّ "هذا الفعل المشين يحرم المغاربة من حقهم في الحصول على معلومات تخصّ القمة والمشاركة المغربية، ولذلك فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعتبر أن السلطات الجزائرية لم تعد مخاطبا جديرا بالثقة، وبالتالي فإنها تحمل المسؤولية لهذه السلطات عن أي شكل من أشكال الاعتداء يمكن أن يتعرض له أي صحافي مغربي". كذلك، اعتبرت النقابة أنّ هناك مسؤولية على الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في "حرمان الوفد الإعلامي المغربي من تغطية أشغال القمة العربية في ظروف لائقة وآمنة".