بعد أكثر من 100 يوم على العدوان على غزة وكل معالم الحياة فيها، نشر رئيس سلطة الآثار الإسرائيلية إيلي أسكوزيدو، عبر حسابه على تطبيق إنستغرام، مقطع فيديو يظهر جنود الجيش الإسرائيلي في موقع يضم مئات القطع الأثرية الفلسطينية داخل غزة من دون توضيح مصيرها. وبعدما انتشر الفيديو واتهم جيش الاحتلال بسرقة آثار قطاع غزة، عاد أسكوزيدو للادعاء بأن الجنود كانوا بتأكدون من سلامة هذه القطع الأثرية.
غزة وآثارها تحت الانقاض
جاء ذلك بعد أسابيع من طرح باحثين فلسطينيين أسئلة حول تعرض موقع تل أم عامر (دير القديس هيلاريون) في غزة لعمليات سرقة ممنهجة من جيش الاحتلال، طاولت كل القطع الأثرية التي كان من الممكن نقلها من أقدم الأديرة الفلسطينية.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد عمد إلى تدمير عشرات المواقع الأثرية في قطاع غزة منذ بدء عدوانه في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. على سبيل المثال دمّر في الأشهر الثلاثة الأولى للعدوان ثمانية متاحف، بما في ذلك في رفح وخانيونس. ودمّر كلياً او جزئياً عشرات المساجد والكنائس ومواقع التراث الثقافي في مدينة غزة، كما استهدف 21 مركزًا ثقافيًا.
من جهتها، أجرت منظمة تراث من أجل السلام Heritage For Peace، (مقرها إسبانيا)، مسحاً أولياً للمواقع الأثرية التراثية بعد شهر واحد من العدوان، لتكشف أن 104 مواقع تراثية وأثرية دمّرها القصف الإسرائيلي، سواء بشكل كلي أو جزئي، أو طاولتها أضرار جانبية، تتطلّب تدخلاً لإعادة ترميمها، من أصل 325 موقعاً موجوداً في القطاع.
انتهاك القانون الدولي
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقال إن إسرائيل "تنتهك على نطاق واسع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقيات جنيف ومعاهدة لاهاي الدولية المتعلقة بحماية الإرث الثقافي، من خلال شنها هجمات عسكرية منهجية ضد الأماكن والآثار التاريخية أثناء عدوانها المتواصل منذ السابع من أكتوبر على قطاع غزة".
وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن قلقه البالغ إزاء التقارير الواردة عن احتمال استيلاء الجيش الإسرائيلي على آلاف القطع الأثرية النادرة من قطاع غزة بما قد يرتقي إلى جريمة حرب بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
واستعاد المرصد تفاصيل الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال الإسرائيلي في 17 يناير/ كانون الثاني، ووثق فيه تفجير ونسف حرم جامعة الإسراء الرئيسي، جنوب مدينة غزة، بعد أكثر من شهرين من احتلال حرم الجامعة واستخدامه كقاعدة عسكرية لآلياته ومركزا لقنص المدنيين ومعتقل مؤقت للتحقيق.
وذكر الأورومتوسطي أن عملية التدمير المذكورة طاولت مقر "المتحف الوطني" الذي أسسته جامعة الإسراء منذ سنوات، ويعد الأول من نوعه على مستوى الأراضي الفلسطينية، وقد ضم بين جنباته أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية نادرة، قالت الجامعة في بيان صادر عنها إن قوات الاحتلال نهبت تلك القطع قبل نسف مبنى المتحف.
ويشار إلى أن سرقة الآثار تعد من جرائم الحرب وفقًا للقانون الدولي، إذ تحظر الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح (المادة 4)، والبروتوكول الأول الملحق بها، الاستيلاء على الآثار خلال النزاعات. كما يُعتبر الاتجار غير المشروع بالأملاك الثقافية، بما في ذلك الآثار، جريمة بموجب اتفاقية "يونيسكو" لعام 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لمنع استيراد وتصدير ونقل الملكية غير المشروع للممتلكات الثقافية.