عودة إلى "الديكتاتور العظيم"

29 أكتوبر 2020
تشارلي تشابلن في "الديكتاتور العظيم" (Getty)
+ الخط -

فيلم "الديكتاتور العظيم" سيظل عملاً مبهجاً يدخل إلى قلوبنا السعادة، ولكنه يكشف الغباء ومرض الاستبداد في هذا العالم، سواء في عصرنا أم في زمن إنتاجه وعرضه عام 1940. 

والمشهد الأخير من الفيلم، الناطق الأول لتشارلي تشابلن، سيظل "مانيفستو" البشرية لغد أفضل وأجمل، بعيداً عن الحروب والجشع والطمع والاستعمار والاستغلال والعنصرية وقهر وقمع الشعوب تحت مسمى المصلحة العامة.

هذا المونولوغ تحديداً الذي أدّاه تشابلن أثار الكثير من الإعجاب والكثير من الجدل، ولا يزال يثير حفيظة البعض من اليمينيين والنازيين الجدد، أولئك الذين لا يؤمنون إلا بمنطق القوة وبتفوقهم على باقي الأجناس والأعراق.

ولعل ما تعرض له تشابلن لاحقاً من المطاردة المكارثية والتحقيقات الأميركية التي طرد على أثرها خارج الولايات المتحدة، بدعوى التعاطف مع الشيوعية والشيوعيين، لهو نتيجة غير مباشرة لمعاقتبه على أفكاره التي تؤمن بالإنسان وتقدسه، أياً كان جنسه أو لونه وعرقه ودينه وطبقته الاجتماعية.

ومن الطبيعي أن تقف المكارثية ضد هذه الأفكار، لأنها تحمل في طابعها غير المعلن فاشية وعنصرية مبطنة بشعار حماية أميركا من "أعداء الوطن". تحت هذا الشعار قمعوا وطردوا وشردوا وضيقوا الحصار على كل فرد تثبت عليه هذه التهمة، أو يشتبه به، وخاصة الأدباء والفنانين والمفكرين والكتّاب وغيرهم من رموز الإبداع والفكر.

إن سخرية تشابلن من الديكتاتور ونظامه كانت بسيطة وعبقرية وشديدة العمق والتأثير، لدرجة أن الزعيم النازي آدولف هتلر لم يكتف بمنع الفيلم في ألمانيا، بل قرر منع تشابلن نفسه من دخول الأراضي الألمانية.

ولا يخفى على أحد أن تشابلن كان يقلد هتلر في خطابه الشهير، حين أراد أن يقدم مثالاً صارخاً للعالم على تفاهة وغباء هذا النظام. فلا أحد ينسى مشهد الكرة الأرضية وهي بالون يلعب به الديكتاتور منتشياً، عاكساً حلمه بالسيطرة على العالم.

المساهمون