"عمارة هند"... وجه الطفلة الفلسطينية يستقبل الزائرين

30 نوفمبر 2024
خلال الاحتجاجات الطلابية في جامعة كولومبيا، 30 إبريل 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلق طلاب جامعة كولومبيا اسم "عمارة هند" على المبنى الرئيسي تكريماً للطفلة الفلسطينية هند رجب، وتهدف المجموعة لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية ووقف تمويل النظام الإسرائيلي.
- افتتحت الناشطة نيردين كسواني معرضاً فنياً يضم أعمالاً من الاعتصام وفنانين عالميين، منها رسوم يومية وأعمال تجهيز وصوت وفيديو تعرض مشاهد من الاحتجاجات والقصف على غزة.
- تضمن المعرض أعمالاً تعبر عن القمع ضد المحتجين المناصرين لفلسطين، وأكدت كسواني أن الرسالة وصلت إلى والدة هند، مما يثير التساؤلات حول القصص المشابهة.

خلال الاعتصامات التي شهدتها جامعة كولومبيا قبل ثمانية أشهر، احتل الطلبة المعتصمون المبنى الرئيسي في الجامعة وأطلقوا عليه اسم "عمارة هند"، تكريماً للطفلة الفلسطينية هند رجب. كانت هند رجب البالغة من العمر خمس سنوات مُحاصرة في سيارة في غزة مع جثث عمها وخالتها وثلاثة من أبناء عمومتها، بعد أن استهدفتهم دبابة لجيش الاحتلال الإسرائيلي. قُتلت الطفلة هند في النهاية، كما قُتل اثنان من المسعفين الذين استجابوا لدعواتها المحمومة للمساعدة.

من وحي هذه الجريمة المروعة، تشكلت مجموعة "عمارة هند" (Hind's House) التي تهدف إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية والتعريف بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال ووقف التمويل للنظام العنصري الإسرائيلي. في بداية هذا الشهر، أعلنت المجموعة عن تنظيم أول نشاط يحمل اسمها، وهو عبارة عن معرض للأعمال الفنية في مبنى جمعية ألفا دلتا المُلاصق لجامعة كولومبيا. ضم المعرض مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية التي نُفّذت خلال أيام الاعتصام، إلى جانب عشرات المُساهمات الأخرى لفنانين من مختلف أنحاء العالم، إضافةً إلى عدد من الأعمال المطبوعة من مجموعة متحف بيرزيت في الضفة الغربية.

افتتحت المعرض الناشطة الأميركية الفلسطينية، نيردين كسواني، مؤسسة ورئيسة مجموعة "متحدون من أجل فلسطين" التي تنشط في نيويورك. وكانت المجموعة التي ترأسها كسواني واحدة من المنظمين الرئيسيين للاحتجاجات المستمرة في المدينة ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

تشكلت مجموعة "عمارة هند" بعد أن أصدرت رئيسة جامعة كولومبيا المؤقتة، كاترينا أرمسترونغ، اعتذاراً عن الفض العنيف لاعتصامات الطلبة في الفصل الدراسي الماضي. غير أن طلبة الجامعة قد اعتبروا هذا الاعتذار هزلياً، بسبب القيود التي ما زالت سارية على حرية التجمع والاحتجاج داخل الجامعة حتى اليوم. رداً على بيان الاعتذار، أعلنت المجموعة عن تنظيم هذا المعرض في بداية هذا الشهر. جاء في بيان المجموعة الذي نُشر على "إنستغرام" أنه رغم "كل هذه الأرقام والإحصائيات التي تشير إلى الجرائم الإسرائيلية في حق الفلسطينيين، إلا أن الإبادة لم تتوقف. ما زلنا نشهد استمرار الإبادة التي تدعمها حكومتنا بأموالنا الخاصة، بينما تستمر جامعتنا في قمع المعارضة الطلابية، وفي تشجيع الفصل العنصري، عبر الشراكة مع مؤسسات صهيونية". وأضاف بيان المجموعة أنه "خلال أيام الاعتصام، كان الفن يمثل منفذاً حيوياً للمشاركين ووسيلة مكنتهم من الاجتماع معاً، والوقوف ضد الإبادة الجماعية. يمثّل هذا المعرض وسيلة أخرى يمكننا من خلالها بناء تحالف أعمق وأكثر تأثيراً، فالفن ليس مجرد محتوى بصري، بل هو سلاحنا الذي نرفعه لوقف هذه المذابح التي يتعرض لها الفلسطينيون".

توزعت الأعمال المشاركة في المعرض على طابقين من المبنى، وكان بينها صورة مرسومة لوجه الطفلة هند تستقبل الزائرين عند الدخول. ضم الطابق الأول عرضاً مؤثّراً للفنانة ومصممة الأزياء الأميركية، ميريل لين رانزر. عمل رانزر عبارة عن صفوف من رسوم ذات وسائط مختلفة بلغ عددها 365 رسماً على مساحات موحدة من الورق. منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت الفنانة ترسم يومياً رسمة مختلفة، والأعمال التي تعرضها هنا هي حصيلة عام، كما تقول. حمل العديد من هذه الرسوم ذات الطبيعة التجريدية بعضاً من الشعارات التي رفعها طلبة جامعة كولومبيا أثناء اعتصامهم، وقد كتبت الفنانة تحت كل رسم تاريخ تنفيذه.

ضم المعرض العمل الجماعي المكون من مئات الرسوم المنفذة على قطع مربعة وصغيرة من القماش، وقد عُرض على درجات متحف متروبوليتان في مارس/آذار الماضي. شارك في تنفيذ العمل عشرات الفنانين من أنحاء العالم، وقد طرزت رسومهم إلى جوار بعضها بعضاً، واستخدمت خلال الاحتجاج أمام المتحف.

هذا المشروع الذي تقوده مجموعة من الفنانين والناشطين، ما يزال في طور النمو؛ إذ يضاف إليه المزيد من الرسوم حتى اليوم. حمل العديد من هذه الرسوم ألوان العلم الفلسطيني ورموزه التقليدية التي يرفعها المحتجون في كل مكان، مثل الكوفية وثمار البطيخ ومفاتيح البيوت القديمة، وغيرها من الرموز الأخرى المرتبطة بالنضال الفلسطيني. لا يقتصر المعرض على الرسوم واللوحات فقط، بل يمتد كذلك إلى أعمال التجهيز والصوت والفيديو. ضم أحد هذه الأعمال عدداً من الأدوات والمتعلقات الشخصية للطلبة المعتصمين في جامعة كولومبيا، التي جمعها صاحب العمل أثناء فض الاعتصام. وهناك عمل تجهيزي آخر مكون من أجهزة تلفزيون قديمة مرصوصة فوق بعضها بعضاً، وتعرض لقطات من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين حول العالم يتخللها مشاهد من القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

في عمل آخر تحت عنوان "الذنب الألماني"، عرض أحد الفنانين لوحتين عبّر فيهما عن القمع الذي تمارسه الحكومة الألمانية في حق المحتجين المناصرين لفلسطين. تصور اللوحة الأولى كلباً يحمل علامة الشرطة الألمانية يهاجم متظاهراً، بينما تصور اللوحة الثانية كلباً بقرون شيطان وربطة عنق حمراء وطفل في فمه. أنشأ الفنان هذا العمل رداً على تعامل الشرطة الألمانية مع المحتجين المطالبين بوقف الحرب.

في كلمتها التي أدلت بها خلال الافتتاح، أعربت نيردين كسواني عن سعادتها الغامرة بالعرض، خاصة بعد أن أبلغتها جامعة كولومبيا أنها شخصية غير مرغوب فيها وستعتقلها إذا وطئت قدمها الحرم الجامعي. أعربت كسواني عن تقديرها لهذا المجهود الذي بذله طلبة جامعة كولومبيا، على الرغم من احتمال تعرضهم للمضايقات.

هذه الرسالة الطلابية المناهضة للإبادة الجماعية قد وصلت إلى والدة هند، كما قالت الناشطة الفلسطينية في كلمتها. لكن هذا يطرح السؤال: كم عدد القصص المشابهة لقصة هند التي لا نعرف عنها شيئاً؟

المساهمون