ضعف الكوميديا الأردنية

09 مايو 2023
من "مشوح وملوح" (التلفزيون الأردني)
+ الخط -

يُجمِع كتاب وصحافيون أردنيون على أن معاناة الدراما الأردنية بكافة أنواعها، جراء غياب مظلة ترعى الإبداع الفني، أوقعتها في حضيض الاستهلاك والاستسهال، ما أنتج عنها أعمالاً هزيلة. وقالوا لـ"العربي الجديد"، إن الأعمال التي مثلت الكوميديا الأردنية في موسم رمضان الماضي، نتجت عن سوء تخطيط لما سيقدم للجمهور الذي تعوّد في سنوات سابقة على وجبات ساخرة وناقدة، قدمها نجوم كبار ابتعدوا، إما بسبب المرض أو ندرة الإنتاج، أو لتصدر مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي المشهد الكوميدي.
ولعل الأزمة التي نشأت بين الجمهور الأردني وطاقم مسلسل "مشوح وملوح" الذي قدمه في رمضان اثنان من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، بلال العجارمة وعمر الطراونة، توضح الحال الذي تعيشه الكوميديا الأردنية، إذ لاقى العمل انتقادات كبيرة من جهة النص والفكرة والإخراج والتمثيل، أدت بالطراونة لتقديم اعتذار علني من الجمهور وقراره بالابتعاد عن التمثيل مستقبلاً.
وتجاه ما تم عرضه من أعمال كوميدية في الموسم الرمضاني، وهي مسلسلات: "جلطة"، و"عيلة طابقين" و"مصنع السعادة" و"وطن على وتر" و"مشوح وملوح"، رأى الكاتب الصحافي طلعت شناعة، أن معظم ما تم تقديمه من أعمال يقع في دائرة النكت والأفشات والارتجالات، وقال: "يمكن وصف ما رأيناه في رمضان بأنه مجرد اسكتشات لمواضيع اجتماعية تقال هنا وهناك، مع افتقاد أغلب أصحابها وأبطالها لحرفة التمثيل، ناهيك بغياب المخرج ذي النظرة الفنية لأداء الممثلين". وأضاف: "الأهم من هذا كله، كان غياب اختراع قديم يبدو أننا في الأردن نسيناه، وهو الإنتاج".
وانتقدت الكاتبة الصحافية هبة جوهر، تحول مشاهير فيديوهات "التيك توك" ومواقع التواصل الاجتماعي إلى ممثلين كوميديين، معتبرة أن "الفراغ في صناعة الفن، شغله عدد من مشاهير السوشال ميديا الذين يفتقرون إلى أساسيات صناعة العمل الكوميدي، من كتابة إلى تمثيل إلى حرفية في الإنتاج، فالمضحك على شاشة الموبايل لا يُمكن أن يكون مضحكاً في التلفزيون، والمُبالغة المستساغة في فيديو تيك توك، تصبح "سماجة" في السياق الدارمي الكوميدي على الشاشات".
وقالت: "يبدو أن صناع بعض تلك الأعمال ما زالوا يكتبون وينتجون وكأن لا منافس لهم، وكأن التلفزيون ما زال أرضياً، وأن الضحك لا يأتي إلا من تلك الأعمال أو من كتب "ألف نكتة ونكتة"، حيث لم يستطع الصناع تطوير أدواتهم في الكتابة والإخراج والإنتاج، ورغم ذلك أنتجت الأعمال من 30 حلقة، ولم يتمكنوا من إيجاد ممثلين كوميديين تحولهم تلك الأعمال لنجوم، بل اعتمدت على ما يريده "الترند" الذي لا يصنع كوميديا".
فيما وصف الكاتب عبد المجيد المجالي، الأعمال الكوميدية التي قدمت بالخالية من أي فكرة، وأوضح: "كلما كان الهدف من أي عمل الإضحاك لا أكثر ولا أقل، فإنه بالضرورة سيظهر بهذا المظهر الركيك الذي شاهدناه".
وقال: "غياب المختصين بالكتابة والتمثيل كان السبب الأكبر بأن تظهر الأعمال بكل هذين الاستسهال والسخافة، ناهيك بعدم توظيف اللهجات بطريقة ذكية مما جعلها حملاً ثقيلاً وزائداً على الأعمال، بدلاً من أن تكون سبباً في خفة ظلها".
ورأت الكاتبة الصحافية سوسن مكحل، أن صناع الأعمال الأردنية فشلوا في تطبيق مفهوم الكوميديا بالأساس، أي تمرير رسائل ساخرة وناقدة بطريقة سلسلة وبسيطة للمتلقي. واعتبرت مكحل أن مشكلة الأعمال الأردنية بالعموم، افتقارها لورشات تدير عملية الكتابة للكوميديا أو الشخصيات بالمسلسل، وماذا تريد أن تقول، فتجدها أقرب إلى اسكتشات أو نكات غير مترابطة ولا تهدف لفكرة ما.

واعتبرت الكاتبة الصحافية، رنا حداد، أن موسم رمضان الفني أعلن رسمياً فشل الكوميديا الأردنية مجدداً، وأن الجديد الذي ظنه صناع تلك الأعمال في تقديم مشاهير مواقع التواصل نجوماً كوميديين، ظهر ركيكاً واقعاً في فخ الاستسهال.
وقالت: "ينقصنا الابتكار والتجديد الفني، فهما اللذان يجعلان الجمهور دائماً في حالة انتظار وتشويق لما سيراه، وأجد أن أهم أسباب فشل الكوميديا الأردنية تبدأ من عدم دراسة ما يريده الجمهور وما يعبر عنه". وأضافت: "نجاح أي عمل فني يعتمد على عدم إحساس المشاهد بالملل، وفي ما يخص جمهور الكوميديا، فهم يعرفون أن خفة الدم والضحك هما المقصد، وهذا ما تقوم عليه فنون الكوميديا".

من جهتها، ألقت الكاتبة الصحافية آيه قمق، باللوم على جهات الإنتاج التي صارت تستسهل إشراك عديمي الموهبة للاستفادة من متابعيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحقيق أرباح إنتاجية من ورائهم. وقالت: "عندما يُغيّب الإنتاج كبار الفنانين المشهود لهم بالبراعة، مثل: موسى حجازين، ونبيل صوالحة، عدا عن إلزام فنانين مشهود لهم بالكفاءة مثل: نادرة عمران، وأمل الدباس، وزهير النوباني، بحدود مصطنعة تمنعهم من إبراز طاقاتهم الفنية، سيكون لزاماً على هذه الأعمال أن تظهر بمستوى ركيك لا يصلح أن يُطلق عليه عمل كوميدي".

المساهمون