ضربة شمس: عشر أغانٍ في حيفا

25 مارس 2021
تأثرت "ضربة شمس" بالشيخ إمام وزياد الرحباني وسيد درويش (فيسبوك)
+ الخط -

من كان يتصوّر أن يغدو الجيل الجديد داخل الساحة الموسيقية الفلسطينيّة الأكثر حضوراً، بحكم إبدالاته الجمالية، التي طاولت تجاربه الفنية الجديدة، مستفيدة بشكل كبير من زخم الموسيقى الإلكترونية، وما أصبحت تُقدّمه من خدمات جليلة إلى العمل الفني.

في حين فضّل البعض البقاء بعيداً عن هذا المُكوّن التقني الجاهز، من أجل تشرّب الإبداع أكثر، وجعل الجسد يدخل في علاقة حميمية مع الآلة، كما هو الشأن مع فرقة "ضربة شمس" الفلسطينيّة، التي رغم الانتماء إلى الجيل الجديد، فإنّها تعمل بجديّة ومهنية على مقارعة موضوعات، لا تخرج عن الهوية الفلسطينيّة وتاريخها، تعيد صياغتها عبر توليفات موسيقية، ترتكز كثيراً على الطبل، ولا تعالج فقط قضايا سياسية واجتماعية، وإنّما تُحاكيها وتُقدّمها بطريقة ساخرة ومرحة، ويُغذيها صوت الفنانة حنان واكيم، وترافقها أصوات ممزوجة بزخم الآلة وفتنة الواقع، كما الأمر في عدد من الأغاني، مثل: "دب الصوت" و"عذراً نيتشه" و"علمية علمية" و"شارع مسادة" وغيرها.

بمُناسبة إحياء ذكرى يوم الأرض، كانت لـ"العربي الجديد" هذه المقابلة مع فرقة "ضربة شمس".

- حنان واكيم، بداية، متى وأين وكيف تأسست فرقتكم الموسيقية "ضربة شمس"؟

* "ضربة شمس"، كفكرة، بدأت في التبلور في أواخر عام 2017، من قبل سامر عساقلة، وهو ملحن وعازف عود وكاتب الأغاني للفرقة، حيث التقت مسيرتنا في مدينة حيفا. ومع مرور الوقت، انضم إلينا عازف البزق ورد بكري، وعازف الإيقاع أيال سمارة، وانطلقت الفرقة بشكل رسمي بتركيبة متكاملة في يونيو/ حزيران 2018، في عرض مكوّن من 10 أغان في مدينة حيفا. خلال عملنا رافقنا بالمسيرة عازفون وفنانون أثروا عمل الفرقة، مثل عازف الباص وائل أبو جبل، وثائر بشير بالغناء، وعازف الإيقاع فراس، الذي ما زال يرافقنا.

- هل من ألبوم غنائي جديد تعتزم الفرقة إطلاقه، أم أنكم ما زلتم تشتغلون على أغان منفردة تشاركون بها داخل مهرجانات عربية وعالمية؟

* في الوقت الحالي، نعمل على أغان منفردة، لعدة أسباب، وأعتقد أنّ أهمها هو نوعية المواضيع التي نطرحها في الأغاني، والكثير منها تحاكي أحداثاً ومواقف سياسية واجتماعية آنية. مع هذا، هنالك طبعاً فكرة لألبوم كامل، لكننا نفكّر في إصداره في مرحلة متأخرة، وذلك بعد العمل والبحث في عدد من أغانينا الحالية والمستقبلية، التي من الممكن أن تشكّل البوماً موحداً.

- كيف يتم العمل والتنسيق بينك وبين باقي أعضاء الفرقة في زمن كورونا. وهل تعتقدين أنّ الميديا وشبكات التواصل الاجتماعي قادرة على خلق تواصل فعّال مع جمهوركم بحيفا، ريثما يتجدّد اللقاء المباشر معهم؟

* إنه تحدّ كبير حتى في زمن ما قبل كورونا. وطبعاً، مع الوضع الراهن، الأمور تزداد صعوبة. لا أعتقد أن شبكات التواصل تغني عن اللقاء المباشر مع الجمهور، خاصة لنوع الأغاني والموسيقى التي نقدمها، والتي تعتمد الكثير من التفاعل ومشاركة الجمهور الفعالة على مستوى الغناء أو التصفيق وحتى الرقص. وهذا طبعا لأننا لا نستطيع في الوقت الحالي اللقاء والتمرين بالشكل اللازم والفعال، ونبذل جهدنا لنبقى على تواصل مع الجمهور، كفرقة وكأفراد. أضف إلى هذا أن أزمة الحياة التي اعتدنا عليها، انتقلت إلى العالم الافتراضي والإنترنت، وشبكات التواصل متخمة بالمحتويات والمعلومات. أشبّهها بالضجيج، أي أنه ليس من السهل أن تلفت نظر الجمهور لفترة زمنية طويلة، وذلك للوفرة والكثرة في المواد المقدمة.

- تعتمد أغانيكم على طابع تراثيّ غني، يقوم على توليف بعض الأنماط الموسيقية المختلفة. كيف جاء الاهتمام بهذا اللون الغنائي، الذي يكاد يندثر في بعض البدان العربية الأخرى؟

* هذا اللون قريب إلى قلوب الناس وقلوبنا. تغذينا على موسيقى سيد درويش والشيخ إمام وزياد الرحباني، مدارس تعلمنا منها الكثير، وطبعاً نحاول أن نجد لوننا المميز ضمن هذه الروح.

- إلى جانب اللون التراثي الذي يطبع أغانيكم، تتميز تجربة الفرقة بالنزوع الكلي في موسيقاها إلى أنماط وقوالب موسيقية أكثر حداثة. كيف يأتي هذا المزج بين القديم والحديث أو المعاصر في هذه الموسيقى؟

* نحن نبحث كل الوقت عمّا هو جديد، وعما يمكن أن يميزنا عن الموسيقى الموجودة، إن كان باللحن أو بالكلمات. منذ بداياتنا ونحن نسعى إلى مزج وتجريب آلات جديدة دائمة. الإنتاج الموسيقي هو رحلة نتعلم من خلالها وننمو باستمرار.

- تتسم أغانيكم بنوع من النقد الساخر للأوضاع السياسية والاجتماعية للواقع القائم. إلى أيّ حدّ يُمكننا التمييز بين السياسي والفني/ الجمالي في أغانيكم؟

* أعتقد أنه صراع أزلي بين كفي الميزان. وهناك نقاش دائم حول هذا الموضوع في الأوساط الفنية. أؤمن بقدرة الكلمة القوية الصادقة، واللحن الجميل، على تحريك الناس وحثهم على التفكير في حياتهم. نحاول أن نروح عنهم كذلك. نقول كلاماً صعباً ونقدياً، ولكنه ساخر، ويمكنني أن أرقص عليه، ليصبح أقل وحشة.

- كيف تنظرين اليوم كفنانة إلى الحالة الموسيقية في مدينة حيفا أو في باقي المدن الفلسطينية الأخرى؟

* حيفا مدينة جميلة، وهي فضاء يجمع عدداً كبيراً من الفنانين المنتجين، وهذا رائع. للأسف، لدينا نقص في أماكن العرض، وهذا يصعب علينا، نحن العاملين في الموسيقى الموجودين في هذه البلد، العمل.

 وعلى صعيد فلسطيني، أشعر بالفخر والامتنان لوجود موسيقيين رائعين من فلسطين، ينتجون محلياً وعالمياً، ووجود عدد لا يستهان به من مدارس ومعاهد الموسيقى التي تنمي المواهب الجديدة، والموجودة تقريباً في كل مدينة كبيرة في فلسطين التاريخية، والجولان السوري المحتل. مشهد جميل، وأرجو أن يكبر هذا المشهد وأن نلحظ ازدياداً في مواقع العرض التي بإمكانها استيعاب هذا الكم من الإنتاج وإيصاله للجمهور.

- في الطرح نفسه، كيف جاء تفاعل الجمهور والمؤسسات الثقافية مع تجربتكم الفنية التي ما زالت واعدة، لكنها استطاعت أن تقرع بعض الأجراس داخل حيفا وتكسب لها جمهوراً جديداً متعطشاً للتعبير والحرية؟

* أعتقد أن علاقتنا مع الجمهور أفضل منها مع المؤسسات، ربما يعود السبب إلى كوننا نحمل خطاباً نقدياً ولاذعاً. نحن نرى أنفسنا كمن يحملون رسالة، وأظن أنها وصلت إلى الناس. صوتنا هو صوتهم وننحاز لهم. أغانينا تحكي عن همومنا اليومية التي هي همومهم، وهذا وصل إلى الناس على ما أعتقد.

المساهمون