صناعة الموضة السريعة تقتل عمّالها: أرقام تكشف المأساة

16 سبتمبر 2024
عاملات يقطعن الطريق في بنغلادش احتجاجاً على ظروف عملهنّ، 2020 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **معاناة عمال الموضة السريعة**: يعمل آلاف العمال في دول مثل بنغلادش والهند وفيتنام في ظروف غير إنسانية تشمل ساعات عمل طويلة، بيئات غير آمنة، وأجور متدنية.
- **الحوادث المأساوية في صناعة الأزياء**: كارثة "رانا بلازا" في بنغلادش عام 2013 كشفت عن الإهمال في تأمين سلامة العمال، مع تسجيل العديد من الحوادث المماثلة بين 2013 و2020.
- **الجهود والحلول الممكنة**: "الاتفاق العالمي للسلامة" يهدف لتحسين معايير السلامة، لكن تنفيذه يحتاج لصرامة أكبر. 75 مليون عامل في صناعة الملابس، أقل من 2% منهم يتقاضون أجراً يكفي للعيش الكريم.

يُختتَم غداً أسبوع الموضة في لندن، وهو واحدة من أبرز الفعاليات المنتظرة في عالم صناعة الأزياء. قبله بأسبوع اختتم أسبوع الموضة في نيويورك على وقع التصفيق الحاد لأبرز دور الأزياء. لكن التصفيق لا يخفي واقعاً مأساوياً، لا يظهر على منصات العروض وعلى أغلفة المجلات الفاخرة: معاناة عمال صناعة الملابس، خصوصاً في عالم الموضة السريعة.
في السنوات الأخيرة، نمت صناعة الموضة السريعة التي غالباً ما تشارك في عروض الشوارع في كبرى الفعاليات في العالم، وتعتمد هذه الصناعة أساساً على إنتاج كميات هائلة من الملابس بتكلفة منخفضة وفي وقت قياسي. لكن ما يختفي وراء بريق هذه الموضة الرخيصة، معاناة الآلاف من العمال الذين يعملون في ظروف لا إنسانية، وأحياناً يفقدون حياتهم في سبيل تلبية الطلب المتزايد على الأزياء.

الموضة السريعة: عمالة مستغلة وظروف لا تُحتمل

طريقة عمل مصانع الموضة السريعة تدفع العلامات التجارية إلى البحث عن أرخص طرق الإنتاج، وغالباً ما يكون ذلك في دول ذات دخل منخفض مثل بنغلادش والهند وفيتنام. ولكن، وراء هذه الأسعار الزهيدة، تقبع ظروف عمل قاسية، وأحياناً مميتة. إذ يعمل العمال في مصانع غير آمنة، تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الصحية والسلامة. ويتعرضون أيضاً لساعات طويلة من العمل من دون استراحات كافية، وفي بعض الأحيان يُجبرون على العمل في بيئات ملوثة ومكتظة لا تُراعى فيها شروط التهوية أو الإضاءة الجيدة. وفقاً لتقرير نشرته منصة Earth Day الأسبوع الماضي، يعمل هؤلاء لمدة تتجاوز 12 ساعة يومياً، مقابل أجور متدنية لا تكاد تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للحياة. 

الحوادث المأساوية

عام 2013 عرف العالم واحدة من أكبر الكوارث البشرية في عالم صناعة الأزياء، نتحدّث هنا عن كارثة مصنع "رانا بلازا" في بنغلادش عام 2013، التي أدت إلى مقتل أكثر من 1100 عامل وعاملة وإصابة آلاف آخرين بعد انهيار المبنى الذي كان يحتوي على عدة مصانع لإنتاج الملابس لصالح شركات عالمية شهيرة. هذه الكارثة كانت بمثابة جرس إنذار للعالم، إذ كشفت النقاب عن الإهمال الشديد في تأمين سلامة العمال. 
وبحسب تقرير من منصة Clean Clothes، فإن تلك الحادثة ليست استثناءً، فبين عامي 2013 و2020، سُجلت العديد من الحوادث المماثلة التي أدت إلى وفاة وإصابة مئات العمال في مصانع الملابس حول العالم. أغلب هذه الحوادث نتجت من انعدام معايير السلامة الأساسية، مثل عدم توفير مخارج طوارئ مناسبة، أو استخدام معدات غير صالحة، أو غياب أنظمة الوقاية من الحرائق.

تجارة على حساب الأرواح

إلى جانب المخاطر الجسدية التي يواجهها العمال، فإن هذه الصناعة تساهم في استغلال عمالة الأطفال، والتمييز في الأجور بين الجنسين، حيث يُدفع للنساء أقل بكثير من الرجال مقابل العمل نفسه. تقرير لمنصة Good on You أشار إلى أن العديد من الشركات العاملة في قطاع الموضة السريعة تعتمد على عقود قصيرة الأجل وغير مستقرة، ما يجعل العمال يعيشون في حالة من عدم الأمان الوظيفي.
كذلك يتعرض هؤلاء العمال لضغوط نفسية هائلة نتيجة الطبيعة القاسية للعمل، حيث يُجبرون على تحقيق أهداف إنتاجية مستحيلة في بعض الأحيان. هذه الظروف غير المستقرة تؤدي إلى إجهاد بدني ونفسي قد يتفاقم ليصل إلى حد الانهيار العصبي. 

الأجور المتدنية... حياة متوقفة

بينما تتفاخر الشركات الكبرى بأرباحها الضخمة، يبقى العمال في الدول النامية يعانون من الفقر. تشير تقارير متعددة إلى أن الأجور التي يتقاضاها العمال في مصانع الموضة السريعة لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والسكن والتعليم والرعاية الصحية.
في بنغلادش، على سبيل المثال، حيث تعتبر صناعة الملابس واحدة من أكبر مصادر الدخل القومي، يبلغ متوسط الأجر اليومي للعامل حوالى 3 دولارات فقط. هذه الأجور المتدنية تعني أن العمال يعيشون على حافة الفقر، ولا يستطيعون تحسين أوضاعهم المعيشية. 

الحلول الممكنة... خطوة نحو العدالة

على الرغم من كل هذه التحديات، هناك جهود مستمرة من قبل منظمات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق العمال لتحسين ظروف العمل في مصانع الموضة السريعة. إحدى هذه المبادرات "الاتفاق العالمي للسلامة" (The Accord)، الذي وُقِّع بعد كارثة "رانا بلازا"، والذي يهدف إلى تحسين معايير السلامة في مصانع الملابس في بنغلادش.

ومع ذلك، تشير منصة "غود أون يو" إلى أن هذا الاتفاق رغم أهميته، لا يزال بحاجة إلى تنفيذ صارم وفعّال. العديد من الشركات لا تزال تتجاهل التزاماتها بالتحسينات، والضغوط الاقتصادية المستمرة تدفع بالمصانع إلى تقليص التكاليف على حساب العمال.

أرقام مذهلة

لعلّ الأرقام التي نشرها موقع "إيرث داي" تلخّص الوضع بشكل كامل:

  • 75 مليوناً: عدد العمال في مصانع صناعة الملابس حول العالم.
  • أقل من 2 في المائة: نسبة العمال الذين يتقاضون أجراً يكفي للعيش الكريم.
  • 1,134: عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم في كارثة انهيار مصنع "رانا بلازا" في بنغلادش عام 2013.
  • 40 مليار دولار: قيمة الطلبات المكتملة التي ألغتها العلامات التجارية خلال جائحة كوفيد-19.
  • 11 في المائة: نسبة الانخفاض في أجور العمال خلال جائحة كوفيد ــ 19 مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
  • 80 في المائة: نسبة النساء من إجمالي عمال الملابس، تراوح أعمار معظمهن بين 18 و35 عاماً.
  • 91 في المائة: نسبة عمال الملابس في بنغلادش الذين يكافحون لتوفير طعام كافٍ لأنفسهم وأسرهم.
     
المساهمون