صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية تعلن توقّفها عن العمل حتى انتهاء الحرب على أوكرانيا

28 مارس 2022
رئيس تحرير الجريدة حاصل على جائزة نوبل (سيفا كاراكان/Getty)
+ الخط -

أعلنت صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية المعارضة عن وقف العمل اعتباراً من اليوم، والتوقف عن طباعة الجريدة وتحديث موقعها الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، حتى انتهاء الحرب الروسية على أوكرانيا. 

وجاء قرار وقف العمل بعدما وجّهت هيئة الرقابة على المطبوعات الروسية "روسكومنادزور" تحذيراً كتابياً ثانياً لهيئة التحرير، ومؤسس الصحيفة، لأنها ذكرت اسم منظمة غير ربحية من دون الإشارة إلى أنها "عميل أجنبي".

و"عميل أجنبي" هي اللاحقة التي يجب إضافتها عند ذكر أي مؤسسة أو فرد أدرجته وزارة العدل في سجل "عميل أجنبي"، التي وصلت اليوم إلى 119 مؤسسة، بعد إضافة موقع "دويتشه فيليه" الألماني.

وأشارت هيئة تحرير "نوفايا غازيتا" إلى أن هيئة الرقابة لم تحدد لها أي منشور بالتحديد لم يكن فيه وسم "عميل أجنبي".   

وفي 22 مارس/آذار الحالي، تلقّت "نوفايا غازيتا" التحذير الخطي الأول بالحجة نفسها، وهي عدم إضافة وسم "عميل أجنبي". ومعلوم أن القوانين الروسية السارية حول تنظيم الإعلام تسمح بسحب رخصة الصحيفة أو الموقع في حال وجود تحذيرين خطيين في سنة واحدة.  

واضطرت الصحيفة إلى تغيير خطها التحريري، والتزمت باسم "العملية العسكرية الخاصة" بدلاً من الحرب على أوكرانيا، ولم تنشر أي معلومات عن الخسائر والانتهاكات للقوات الروسية، كما فعلت سابقاً في حربي الشيشان الأولى والثانية وأثناء ضم القرم والحرب في دونباس والحرب في سورية. 

وتوقف "بريد روسيا" عن إيصال الصحيفة الورقية للمشتركين منذ أيام، وبعث رسائل حول مصادرة الجريدة بوصفها "مواد متطرفة"، ومنذ ثلاثة أيام أوقف "بريد روسيا" الاشتراك في الصحيفة. 

وفي 4 مارس/آذار، أفادت هيئة التحرير بأنه بسبب التهديدات بالملاحقة الجنائية، اضطرت إلى إزالة المواد المتعلقة بالأعمال العدائية في أوكرانيا وإيقاف تحرير الأخبار.

وفي 16 مارس/آذار، أعلنت "نوفايا غازيتا" عن استئناف الخدمة الإخبارية "في ظل الرقابة العسكرية"، وأزالت كلمة "حرب" من موادها، لكنها نشرت تقارير من مدن أوكرانية تعرضت للقصف من قبل القوات المسلحة الروسية.

وتُعد "نوفايا غازيتا" واحدة من وسائل الإعلام الروسية القليلة التي لم تصنف ضمن سجل "العملاء الأجانب". وفور إعلان فوز رئيس تحرير الصحيفة بجائزة نوبل للسلام، ديمتري موراتوف، ظهرت تساؤلات عما إذا كانت السلطات ستعمل على إدراجها في السجل بعد حصول رئيس تحريرها على المنحة المالية للجائزة.

ومنذ تأسيسها، استطاعت صحيفة "نوفايا غازيتا" أن تستقطب بتقاريرها الاستقصائية اهتماماً دولياً على نطاق واسع، خاصة لدى الجهات المهتمة بحقوق الإنسان، لأنها قدمت رؤية مغايرة للصورة النمطية التي يحاول الخطاب السياسي والإعلامي الرسمي الروسي تعميمها.

وفي رسالة بعثها موراتوف إلى متابعي الصحيفة، قال: "صمدنا وإياكم لمدة 34 يوماً في ظل ظروف (عملية خاصة)، في ظل ظروف رقابة عسكرية. قرّرنا معكم الإجابة عن السؤال: (هل نتوقف أو نكمل؟)، وبعدما صوّت 96 بضرورة الاستمرار قررت صحيفة (نوفايا غازيتا) عدم ترك جمهورها. وعملنا. في أماكن القتال، في المناطق الحدودية. قمنا بتقييم الخسائر والدمار. وحاولنا أن نفهم كيف سمح شعبنا بحربين في وقت واحد: في أوكرانيا، حرب عدوانية، وفي روسيا، في الداخل، حرب شبه أهلية". 

وذكر موراتوف أن انقساماً حاداً سببته الحرب ضمن العائلات، مشيراً إلى أن هيئة التحرير كانت تبحث عن إجابات للأسئلة: لماذا تكون تربيتنا دائماً عسكرية-وطنية ولم يسمع أحد عن "وطني سلمي". كيف حدث أنهم اعتقلوا الناس بسبب ملصقات "لا للحرب!"؟ والسؤال لماذا يتعرضون للاضطهاد "لتحريضهم على السلام"؟ 

وأعرب عن أسفه للاضطرار إلى تعليق نشر الصحيفة وعدم تحديث الموقع وشبكاتها الاجتماعية حتى انتهاء الأعمال العدائية على أراضي أوكرانيا، وختم بالقول: "لا يوجد أي مخرج آخر... أعلم أن هذا قرار مروع وصعب".

ومنذ تأسيس "نوفايا غازيتا" في عام 1993، ينظر الكرملين إليها كوسيلة إعلام معادية له، يغرد صحافيوها خارج السرب، ودفعوا ثمن ذلك غالياً، ليس فقط بالتضييق عليهم وإرهابهم.

وتتهم مؤسسات حقوقية مسؤولين بارزين بالمسؤولية عن سلسلة من الاغتيالات بحق مراسلي ومحرري الصحيفة، لم يكشف النقاب رسمياً عن منفذيها، فقد اغتيل ستة صحافيين منهم، وهم: إيغور دومنكوف عام 2000، ويوري شيكوتشين عام 2003، والصحافية آنا بوليتكوفسكايا عام 2006 في موسكو، وقال موراتوف إن الصحيفة كانت تنتظر مقالاً منها حول التعذيب في الشيشان.

وفي عام 2009 عُثر على جثة الصحافية والحقوقية والمساهمة في الصحيفة ناتاليا إستيميروفا في أنغوشيا بعد اختطافها في غروزني، شمال القوقاز، وفي العام ذاته اغتيلت الصحافية أناستاسيا بابوروفا، مع المحامي المتخصص بحقوق الإنسان ستانسلاف ماركيلوف.

المساهمون